مع الترشيد وخارجه
أعلن وزير الكهرباء محمد زهير خربوطلي عن دراسة، وصولاً إلى عام 2023 تتضمن: «رفع توليد الكهرباء إلى 9 آلاف ميغاواط، وأنه تمّ ربط الشبكة لتعود قوية كما كانت قبل الحرب. وبالتالي، لا يوجد حالياً تقنين في سورية، مؤكداً أنَّ هناك عدداً من المجموعات متوقفة من الممكن أن تولد ألفي ميغاواط لعدم توافر الغاز، وفي حال توافر المادة سوف تقلع المجموعات مباشرةً».
وقد كان لهذا التصريح الأثر الإيجابي على المواطنين، وخاصة مع عامل التطمين على لسان الوزير بانعدام التقنين حالياً، لكن ذلك لم يكن كافياً، فالفترة بين حالياً و2023 تعتبر طويلة، ما استدعى التساؤل حول استمرارية انعدام التقنين خلالها!.
«رشّدها لتدوم!»
تزامناً مع تشديد خربوطلي على ضرورة الترشيد، واعتبار أن لجوء المواطنين إلى التسخين والطبخ والتدفئة الكهربائية يشكل ضغطاً على المنظومة الكهربائية، تم إطلاق حملة «رشّدها لتدوم» منذ بداية الشهر الجاري والتي تستمر حتى شباط المقبل، أي خلال فترة ذروة الشتاء، معتبرين أنه من المؤكد أن أثر الحملة سيظهر مع قدوم فصل الشتاء. باعتبار أن مبدأ الحملة يقوم على الاستخدام الصحيح والمعتدل للكهرباء، حيث يجب استخدام الأدوات الكهربائية بالطريقة المناسبة، وخاصة التي تحتاج لطاقة كهربائية كبيرة مثل «السخان- الغسالة- المكواة... إلخ» وعدم استخدامها في أوقات ذروة استهلاك الطاقة ما بين 5 و10 مساءً.
لكن على إيجابية هذا الموضوع «الترشيد»، فمن غير الممكن أن نتغاضى أن البعض من المواطنين ليس لديهم وسيلة للدفئة سوى الكهرباء مثلاً!! وبالتالي، فهم بأمس الحاجة للدفئة بالطاقة الكهربائية خصوصاً في وقت الذروة المذكورة أعلاه، لأنها في النهاية تكون وقت تواجد أفراد الأسرة عموماً والأطفال خصوصاً في المنازل. ناهيك عن بعض المناطق في ريف دمشق أو غيرها من المحافظات التي لا تستطيع أن تتضامن مع تلك الحملة، لأنها لا تزال تعمل بنظام الأمبيرات، بسبب عدم وجود الكهرباء فيها أصلاً حتى يومنا هذا.
خارج الترشيد
أما بالنسبة للمناطق العشوائية وغير المنظمة بالكهرباء تحديداً، وبعض المناطق التي تم التسجيل فيها على العدادات الكهربائية، ولم يتم تركيبها بعد، فإن هذه الحملة وهذا الترشيد غير ساري المفعولية فيها، ولكي تدخل حملة «الترشيد» حيزها قد يبدو من المنصف بداية أن يتم تنظيمها كهربائياً، وخاصة على مستوى مراكز التحويل وحوامل الطاقة والتمديدات النظامية، بحيث يؤخذ بعين الاعتبار الحجم الفعلي الضروري للاستهلاك، وبعدها ربما من المفيد والضروري محاسبة المخالفين، وخاصة بالنسبة للاستجرار غير المشروع.
على جانب آخر ربما من الجدير ذكره، أن قاطني الأحياء الشعبية والعشوائيات والمخالفات هم من محدودي الدخل والمفقرين عموماً، وهؤلاء الغالبية الساحقة من المواطنين سلفاً يعيشون على «الترشيد» بحياتهم وبضروراتهم، بما في ذلك الطاقة الكهربائية، وذلك لعجزهم سلفاً عن تحمل أية نفقات إضافية ترهق كاهلهم ويعجزون عن تحملها، فقيمة فاتورة الكهرباء بكل دورة تعتبر كارثة بالنسبة لهم، كما غيرها من كوارث الفواتير والتكاليف المعيشية المرهقة.
ربما يبقى من يجب أن تطالهم حملة الترشيد فعلاً، والتي من المستبعد أن يتقيدوا بها، هم قاطنو الأحياء الراقية، من الأثرياء والنخب، الذين يعيشون الترف وحال الإسراف الاستهلاكي، وعلى كل ضرس لون، وهؤلاء لا تعنيهم فواتير الكهرباء وقيمتها، كما غيرها من المستهلكات الكثيرة الأخرى في حياتهم ومعاشهم، ومع ذلك فإن مناطق سكنى هؤلاء ربما هي الأعلى استهلاكاً للطاقة بمختلف تسمياتها.
زيادة أم لا زيادة؟
الملفت بحديث وزير الكهرباء هو تأكيده بأنه: «لا توجد زيادة للأسعار سواء للمنزلي أم التجاري». مضيفاً: «ندرك الأعباء المالية التي يتحملها المواطن لكن أتمنى الترشيد في موضوع الكهرباء».
فقد كان وقع هذه الفقرة ملتبساً لدى المواطنين، وذلك بربط موضوع الترشيد بالسعر، حيث اعتبره البعض تمهيداً ربما لإعادة النظر بأسعار الطاقة الكهربائية، فيما أخذه البعض محمل الهذر ليس إلا.
فقد علق أحد المواطنين عبر إحدى صفحات الفيسبوك: «لا منشان الله زيدوها معنا مصاري زيادة مو لازمينا...».
فيما علق آخر: «كل ما نفى شي مسؤول شغلة بعد فترة بيصير عكسها... يا ترى هاد الي ناطرينو؟!...».
وكتب أحدهم: «طالما أعلن أنه لا زيادة... فالزيادة أكيدة بس ما تنسوا تصيروا تقبضونا رواتبنا باليورو!!..».
ختاماً، لا يسعنا إلا أن نتمنى أن يتنعم السوريون بالدفء لهذا الشتاء وكلَّ شتاء، وأن يكون مختلفاً تماماً عن سابقيه من حيث التنعم بالكهرباء على مدار الـ 24 ساعة ليومهم، بحسب الوعود، مع التأكيد على أهمية حملات «الترشيد» وتعميمها، عسى أن تطال هذه الحملات «توزيع الثروة» والعدالة فيها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 939