في الدرباسية الخبز الحكومي سيّئ
يعاني أبناء مدينة الدرباسية في محافظة الحسكة، كبقية المواطنين على كامل الجغرافية السورية، من العديد من المشاكل الاقتصادية والمعيشية والخدمية التي تواجههم في حياتهم اليومية.
فمن غلاء الأسعار وتدني الأجور إلى سوء العملية التربوية والمستقبل المجهول الذي ينتظر أبناء هذه المنطقة، وغيرها من المشاكل التي لا تعد ولا تحصى، فقد تجاوزت معاناتهم هذه الحدود لتصل إلى رغيف خبزهم الذي يعد أضعف الإيمان لاستمرار حياة أي إنسان.
الحكومي غير قابل للأكل
يوجد في الدرباسية مخبز آلي حكومي واحد، ومخبز آلي أخر تابع للقطاع الخاص، إضافة إلى مخبز للخبز المدعوم (السياحي)، وعدد من الأفران غير الآلية التي تنتج خبز (التنور) وغيره، لكن يبقى المخبز الحكومي هو أقل كلفة على جيب المواطن، حيث إن ربطة الخبز التي تحوي 8 أرغفة يبلغ سعرها 50 ليرة.
بالمقابل، فإن جودة هذا الخبز تجعل حتى الخمسين ليرة كثيرة عليه، فحجمه صغير جداً، إضافة إلى أنه بعد نصف ساعة من خروجه من الفرن على الأكثر يصبح يابساً مذرذراً غير قابل للأكل، عداك عن الأشياء الشاذة التي قد تُرى في الرغيف، مثل: القش وبقايا أكياس النايلون وغيرها، ما دفع بالناس اضطراراً إلى اللجوء للبدائل المتاحة أمامهم لتأمين لقمة الخبز، رغم التكلفة الباهظة لهذه البدائل، فإما أن يتوجهوا إلى الفرن الآلي التابع للقطاع الخاص حيث 200 ليرة للكيس الذي يحوي على ثلاث ربطات (ولكن تأمين الخبز من هذا الفرن يحتاج إلى وساطات ومحسوبيات ولف ودوران، لأن هذا الفرن مخصص لتأمين احتياجات الريف ويمنع عليه بيع الخبز ضمن المدينة)، وإما أن يلجأ إلى الأفران غير الآلية بسعر خمسين ليرة للرغيف الواحد، أو يضطرون إلى قصد فرن الخبز المدعوم (السياحي) بسعر 200 ليرة للربطة التي تحوي على 8 أرغفة.
امتعاض وتكلفة مرتفعة على البدائل
من خلال استطلاع آراء أهالي المدينة عن واقع الخبز فيها، وتحديداً المنتج في المخبز الآلي الحكومي، فقد قال أحدهم بامتعاض وغضب: «قصدك شو رأيك بالعلف يلي عم يعمله المعلف الآلي»، بينما عقب آخر ساخراً: «هو هووووو.. هاد نسيان طريقو من زمان»، كذلك تساءل أحدهم بحزن: «يا زلمة حتى مشاكلنا غريبة الأطوار، يعني معقول القمح من عنا ويكون رغيف الخبز عند غيرنا بتشتهي تطلع فيه.. والرغيف عنا بتستحي تطلع فيه؟».
البدائل المتاحة أمام أبناء الدرباسية في ظل واقع تردي رغيف الخبز الحكومي تفتح عليهم طاقة أخرى من طاقات جهنم، كما وصفوها، فعلى سبيل المثال: لا الحصر الخبز المدعوم (السياحي) سعر الربطة 200 ليرة وتحوي على 8 أرغفة، أي 6000 ليرة بالشهر، هذا بالحد الأدنى، أي: في حال استهلكت العائلة ربطة واحدة يومياً، وهذا لا يمكن أن يحدث، حيث إن ربطة الخبز المدعوم تكاد تكفي شخصين باليوم الواحد.
عندما يُعرف السبب يبطل العجب
البحث في أسباب سوء رغيف الخبز الحكومي في الدرباسية يُوصل إلى أنّ تقاطع مصالح قوى الفساد وتجار الأزمات في مختلف الأطراف هو ما أوصل الأهالي لما هم فيه من معاناة على هذا المستوى.
فقد أفادت مصادر من داخل الفرن الآلي الحكومي لقاسيون: «إن كمية مادة الخميرة التي تصل رسمياً من قبل الحكومة السورية لا تكفي للحصول على «عجنات» بمواصفات جيدة»، كما أشار المصدر مؤكَّداً: أن مشكلة النقص بكميات الخميرة لا تعاني منها بقية الأفران في بقية المحافظات، ولا مشكلة بالكميات المتوفرة منها.
كما نوه المصدر إلى أن: الطحين الجيد يُباع للأفران الخاصة أحياناً وبسعر أعلى طبعاً، في حين أن الطحين الذي يُسلَّم للأفران العامة أقل جودة، ويحوي على كمية من الشوائب.
وتابعت ذات المصادر قائلة: في العام الماضي وعند الانتهاء من موسم القمح، قامت «الإدارة الذاتية» بالاستيلاء على القمح الطري الصالح للعجن ورفضت تسليمه للحكومة السورية، حيث قامت ببيعه لأفران الخبز المدعوم (السياحي) بسعر أعلى، الأمر الذي أجبر الأفران العامة على العجن بالقمح القاسي الذي لا يصلح للخبز.
واقع سوء الخبز هذا ربما لا يقتصر على مدينة الدرباسية فقط، بل يشمل غالبية مدن محافظة الحسكة، على الرغم من أن هذه المحافظة تدار من قبل إدارتين، الدولة السورية و«الإدارة الذاتية»، وأياً من هاتين الإدارتين مع الأسف لم تبادر أو تحرك ساكناً لحل هذه المشكلة الحياتية والمعيشية اليومية الهامة، مع غيرها من المشاكل العديدة الأخرى طبعاً، ليبقى ابن الدرباسية مهدداً بلقمة عيشه إلى أن تجد الخلافات بين هاتين الإدارتين طريقها للحل.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 926