مسلسل حرائق الحِراج والغابات يقرع الأبواب بشدة
عادل إبراهيم عادل إبراهيم

مسلسل حرائق الحِراج والغابات يقرع الأبواب بشدة

لم تتوقف الحرائق طيلة الشهور الماضية، لكنها كانت بغالبيتها تطال الأراضي الزراعية والمواسم، وقد كان لارتفاع درجات الحرارة ومتغيرات الأحوال الجوية، وزيادة انتشار الأعشاب الجافة التي نجمت عن زيادة الهطل المطري خلال فصل الشتاء الماضي، النصيب الأكبر من المسؤولية حِيال زيادتها، وتوسع انتشارها، مع عدم نفي دور العامل البشري بذلك، إهمالاً أو قصداً، في بعض الأحيان.

ومع بداية شهر تموز بدأت الحرائق تأتي على الأحراج والغابات في المنطقة الوسطى والساحلية، لتتصاعد عدداً وتتوسع مساحة مع الاقتراب من فصل الخريف، كما جرت العادة كل عام، وطبعاً تُعزا أسباب بعضها لارتفاع درجات الحرارة ومتغيرات الأحوال الجوية، وزيادة انتشار الأعشاب الجافة، بمقابل استمرار تحميل مسؤولية غالبيتها للمحتطبين والمفحمين من قبل الأهالي المتضررين في مناطق نشوبها وانتشارها.

رصد الحرائق خلال شهر تموز

نستعرض فيما يلي بعض ما تم توثيقه من حرائق من خلال المعلومات الواردة على موقع سانا خلال شهر تموز:
بتاريخ 1/7/2019، أخمد عناصر فوج إطفاء طرطوس 11 حريقاً شبت في مناطق مختلفة من مدن وريف المحافظة، وبَيّن قائد فوج الإطفاء في تصريح لمراسلة سانا أن أكبر الحرائق امتد على مساحات واسعة في موقع عمريت جنوب مدينة طرطوس، شارك في إخماده 23 سيارة إطفاء وآلية هندسية من مختلف الدوائر الحكومية في المحافظة موضحاً: أن الحريق أتى على الكثير من الأعشاب اليابسة وأشجار الكينا المحيطة بالموقع.
بتاريخ 4/7/2019، أخمدت فرق إطفاء الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب حريقاً اندلع في الحِراج المطلّة على سهل الغاب في منطقتي نهر البارد وعين الكروم، وذكر المدير العام للهيئة في تصريح لمراسل سانا: أن النيران التهمت مساحات من الحِراج والغابات التابعة لبلدتي عين الكروم ونهر البارد في مناطق جبلية، مشيراً إلى أن الرياح الشديدة في المنطقة ووعورة تضاريسها أديا إلى صعوبة إخماد النيران فضلاً عن انتشار الأعشاب اليابسة التي أججتها.
بتاريخ 9/7/2019، تضرر نحو 24 ألف دونم من الأراضي الزراعية والحِراجية جراء الحرائق التي شهدتها محافظة حماة خلال فصل الصيف الحالي، وأوضح رئيس قسم الحِراج في مديرية زراعة حماة لمراسل سانا: أنَّ الأراضي الواقعة تحت إشراف عمل المديرية شهدت حدوث 178 حريقاً زراعياً أدت إلى تضرر مساحة 23737 دونماً مقابل 17 حريقاً حراجياً أتت على مساحة 156 دونماً أغلبها في منطقة مصياف، مبيناً: أن الحرائق كانت لأسباب مختلفة كالحرارة المرتفعة، ورمي أعقاب السجائر، وحرق بقايا المحاصيل الزراعية وامتدادها إلى المواقع الحِراجية.
بتاريخ 17/7/2019، أخمد عناصر فوج الإطفاء في محافظة طرطوس ثماني حرائق نشبت بالأراضي الزراعية والحِراجية والأعشاب في مناطق مختلفة من المحافظة، واقتصرت أضرارها على الماديات، وأوضح قائد فوج إطفاء طرطوس في تصريح لمراسلة سانا: أن أكبر الحرائق التي تعامل معها الفوج كانت في أراض زراعية وحراجية في قرية بحنين، والذي امتد على مساحات واسعة لوعورة الطريق وصعوبة وصول سيارات الإطفاء إلى المكان.
بتاريخ 23/7/2019، أخمد عناصر فوج إطفاء طرطوس ستة حرائق شبت في مناطق مختلفة من ريف المحافظة، واقتصرت الأضرار على الماديات.. قائد فوج إطفاء طرطوس قال في تصريح لـ سانا: «إن أكبر الحرائق كانت في قرية البطار بالقرب من قلعة المرقب في مدينة بانياس لوجود مساحات واسعة من الأراضي الزراعية المهملة، والتي تنتشر فيها الأعشاب اليابسة وبعض الأشجار المثمرة».
بتاريخ 28/7/2019، أخمد عناصر فوج إطفاء الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب بمؤازرة فرق إطفاء من محافظتي طرطوس واللاذقية ومنطقة مصياف حريقاً اندلع في الحِراج الواقعة بأعالي قرية نبع الطيب في منطقة الغاب، وأشار مدير الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب في تصريح لمراسل سانا إلى أن الحريق الذي نشب في وقت مبكر من صباح اليوم سببه رمي عقب سيجارة بمحاذاة طريق عام القرندح الغاب، وامتّد نتيجة الرياح نحو الأراضي الزراعية ومنازل القرية، مبينا: أن وعورة تضاريس المنطقة والرياح الشديدة، وانتشار الأعشاب الحولية اليابسة جميعها عوامل ساهمت في تأجيج النار وصعوبة إخمادها.
بتاريخ 31/7/2019، أخمد عناصر فوج إطفاء الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب في محافظة حماة بمؤازرة فرق إطفاء من محافظة اللاذقية ومنطقة مصياف، حريقاً اندلع في غابات الصنوبر على جانبي طريق بيت ياشوط نهر البارد في منطقة الغاب، وأشار مدير الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب في تصريح لمراسل سانا: أنّ الحريق الذي نشب امتد نتيجة الرياح الشديدة نحو الحِراج التي تضم أشجار الصنوبر مبيناً: أنّ وعورة تضاريس المنطقة والرياح الشديدة وانتشار الأعشاب الحولية اليابسة أسهم في تأجيج النّار وصعوبة إخمادها.

الخبرات تقول: إن المسلسل في بداياته

يبدو من المبكر الحديث عن إجمالي المساحات التي أتت عليها الحرائق أعلاه، وحجم الأضرار التي نجمت عنها على مستوى الطبيعة والبيئة والخسائر العامة والخاصة، باعتبار أن موسم الحرائق في الغابات والأحراج يعتبر في بداياته، حيث لم ترد أية معلومات موثقة عن تلك المعلومات.
بالمقابل، فإن الخبرة والتجارب المتراكمة خلال السنوات الطويلة الماضية عن الحرائق، سواء عند الأهالي والسكان في المدن والبلدات المنتشرة في المناطق الحِراجية وفي محيط الغابات، أو لدى المتتبعين والراصدين لها، تقول: إن الحرائق أعلاه تُعتبر مقدمة للمسلسل السنوي الذي سيمتد طيلة الشهور القادمة وصولاً لبداية فصل الشتاء، وفي ظل هذه المقدمة من الحرائق الكثيفة عدداً والمتسعة مكاناً فمن المتوقع أن تكون الحلقات القادمة منها أكثف وأوسع، خاصة وأن واقع التعامل مع الحرائق بمسلسلاتها السنوية لم يتغير في ظل محدودية الإمكانات المتاحة لفرق الإطفاء (كادرات- تجهيزات- آليات..) واللوجستيات المتوفرة (طرق- ممرات..)، مع عدم إغفال ما يتعلق بضبط الفاعلين المستفيدين والمتكسبين من بعضها في حال ثبوت أنها مفتعلة، وهو ما درجت عليه أقوال وأحاديث ومطالب الأهالي في تلك المناطق.

تحولات مطلوبة وضرورية

لا شك أن واقع المسلسلات السنوية للحرائق بالأحراج والغابات أصبحت تفرض ضروراتها على مستوى مكافحتها وضبط المستفيدين منها، فالموضوع تجاوز مرحلة الخطر على هذا المستوى، فالغابات والأحراج تنحسر سنوياً، كما أنّ بعض الأنواع النباتية، وبعض أنواع الأشجار أصبحت بِعدِاد المنقرضة، علماً بأن بعضها فريد ومحصور وجوده في بيئته الخاصة في مناطقنا فقط، ومع انحسار الأحراج والغابات تنحسر أيضاً الكثير من الكائنات الحية، حيوانات وطيوراً وحشرات، التي تعيش فيها كبيئة طبيعية لها، وصولاً لانقراض بعضها أيضاً، أي: أن الخسائر التي يجري الحديث عنها لا تقتصر على ما نفقده من أشجار فقط، بل ما نخسره على مستوى التوازن البيئي العام بامتداداته وتشابكه الحيوي، بما في ذلك تلك الانعكاسات التي تطال البشر أنفسهم، حيث تعتبر بعض الخسائر غير قابلة للتعويض، وبعضها الآخر ربما يحتاج لمئات السنين.
فهل من الممكن أن نشهد تلك التحولات الضرورية بالنظر لمشكلة الحرائق من قبل المعنيين والمسؤولين على أنها أصبحت خطراً داهماً وكارثياً، وبما يؤمن المتطلبات الكفيلة بالحد منها بداية وصولاً إلى عدم انتشارها وإخمادها، من أجل الحفاظ على ما تبقى من الأحراج والغابات وما فيها من كائنات، أم أن الحال سيبقى على ما هو عليه من تآكل سنوي للمساحات الحِراجية وللغابات، وللخسائر غير القابلة للتعويض، وكأن المعنيين غير معنيين!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
925
آخر تعديل على الأربعاء, 07 آب/أغسطس 2019 14:07