طلاب.. وهموم «هَمَكيّة»!

طلاب.. وهموم «هَمَكيّة»!

لا بدَّ أن الجميع يعلم ولو القليل عن كلية «الهَمَك», أو سمع من هنا أو هناك أنها تعتبر مقبرة الكليات، أو مقبرة الهندسات بالحد الأدنى، وبأن الحاصلين على الشهادة الثانوية حديثاً يحاولون الابتعاد عن اختيار كلية «الهَمَك»، كأحد خيارات المفاضلة، حيث يعلم هؤلاء أنها من أصعب الكليات، في جامعة دمشق على الأقل، وأنهم سوف تطول بهم السنوات الدراسية بمجرد دخولهم إليها! ولكن لماذا «الهَمَك» دوناً عن بقية الكليات؟.

جميعنا يعلم، أن بعض الصعوبات التي تواجه الطلاب تتجسد في الرسوب مرة أو عدة مرات خلال المرحلة الجامعية، وربما الاستنفاذ.. بغض النظر عن الأسباب، وأنّ كل ما يحتاجه الطالب هو الانتقال (الترفع) إلى السنة التالية, بوجود صعوبات أو انعدامها، لكن الصعوبات «الهَمَكيّة» لها طابع وطعم مختلف!.

تحديات وصعوبات

التحديات التي يواجهها الطالب (الهَمَكي) كبيرة نسبياً مقارنة بالكليات الجامعية الأخرى، فهنالك بعض اللامبالاة من حيث توصيل المعلومة من المعطي للمتلقي عند بعض الدكاترة والأساتذة برغم صعوبتها، وهناك بعض الممارسات الاستغلالية، بالإضافة إلى الصعوبات العامة المشتركة مع بقية الكليات والمتمثلة بالمقررات وبالكتاب الجامعي والامتحانات ونسب النجاح، وغيرها الكثير، وذلك بحسب إفادات بعض الطلاب.
وغير ذلك، هنالك العديد من الطلاب الذين أكَّدوا أنهم لا يرغبون بدخول كلية «الهَمَك» والدراسة فيها، وإنما كانت هناك عوامل أخرى كالمفاضلة, أو ضغط الأهل... إلخ.

العملي بِلا مخابر والبصم هو الحل؟

هذا ما تحدث عنه زميلنا في قسم الميكانيك العام حيث قال: «تقريباً في كتير مواد مو إلنا وعم ناخدها, أو مثلاً: مواد ما عاد حدا استخدمها ولا حكي عنها, وصار في شي متطور أكتر، ما بنكر أنو في مواد بتفيدنا كقسم ميكانيك بس في كتير مواد منضيّع عليها وقت وما منستفيد منها».
وفي حديثه عن الصعوبات بوجه العموم قال: «ما عم ناخد حقنا بمخابر العملي، وصار العملي أشبه بمحاضرة نظرية حتى لو كان بالمخبر, ما عم نفهم بقدر ما عم نحفظ والتطبيق تقريباً معدوم, ما بلاقي شي من المواد صعب أو ما بيندرس، يمكن لأنو تأقلمت مع موضوع البصم، بس المشكلة عم ترجع أّولاً وأخيراً عالدكتور، إما ما عم يقدر يوصل فكرة، أو ما عم يقدر يحطلك علامة تنجحك، وطبعاً هاد الحكي بينطبق عقسم من الدكاترة مو كلهم».
أما عن الخبرة التي تقدمها الجامعة: «لا أعتقد أن الجامعة تؤمن لك الخبرة الكافية لسوق العمل في ظل هذه الصعوبات، وصعوبة ترفيع المواد، وأصبحنا نعمل على ترفيع المادة عند أدنى حد ليس أكثر، ولكن بشكل عام إذا كنت طالباً مجتهداً ومهتماً تستطيع تأسيس نفسك في هذا المجال بعيداً عن الجامعة كاجتهاد شخصي».

فضفضة ميكانيكية

أحد طلاب قسم التصميم الميكانيكي قال: «تفكيري كان بعيد عن دخول «الهَمَك», بس المفاضلة، بالإضافة لأنو أهلي دارسين ميكانيك خلّاني سجل بهاد الفرع, كنت تقريباً بعرف شو الجو وشو شغلها وشو المواد يلي مندرسها, وحتى من زمان كان في صعوبة بدراسة هاد الفرع من حيث المواد من جهة، والدكاترة من جهة أخرى.. بالنهاية مجموع البكلوريا ما بيعطيك خيارات كتيرة, وتقريباً هو بيقرر عنك.. كنت بعرف أنو في مواد صعبة وبدها شغل, بس حتى المواد عم نتعب فيها وما عم نلاقي نتيجة.. تفاجأت أنو القصة مو هيك، في مواد إذا ما أخدتلها خصوصي ما بتترفع، لأنو الأساتذة أو الدكاترة ما عم يعرفوا يوصلوا الفكرة, بالإضافة أنو في دكاترة كانوا عَزَمن أهلي ولما دخلت الجامعة لقيتون نفسون عم يعطوا نفس المقررات, برأيي في شي جديد وعم يتطور ولازم جيل الشباب ينعطى فرصة والكتب تتطور وتتحدث».
وأشار أيضاً إلى أن هنالك العديد من المصادر لدراسة كل مقرر «عندك الكتاب والمحاضرات والنوطات وكتابة الطلاب وألف قصة وقصة, هو صحيح الكتاب أهم شي بس ما فيك كل مادة تدرس كتابها كامل, إضافة إلى وجود بعض الكتب الغالية ومو كل الطلاب بتقدر تشتريها».
وموضحاً على حد تعبيره: أن «الطالب يتشتت بتعدد المصادر وعدم معرفة أي مقرر يجب الالتزام به، وأي منها سوف يعتمد عليها الدكتور في تحضير أسئلة الامتحان, معبراً عن الكتب بأنها ممتلئة (بالحشو) الذي لا فائدة منه».
وعن الخبرة قال: «أنا أكتسبت شوي من الخبرة من خلال عمل أهلي كونهم متخرجين من قسم الميكانيك, ولقيت أنو بالجامعة في 80% من المواد لا تفيد في حياة السوق والعمل»، معتبراً أنها «قد تفيد كنظريات أو كتفكير هندسي ولكن لا فائدة لها في الحياة العملية, إضافةً إلى وجود اختلاف بين المسميات العلمية للقطع والأدوات مقارنة بسوق العمل»، وخاتماً حديثه: أن «هنالك العديد من الطلاب الذين يدرسون المادة ثم ينسونها فور الخروج من الامتحان».

الفرع صعب ونسب النجاح متدنية

انتقالاً إلى قسم الإلكترون، وقسم الأتمتة والحواسيب، حيث صرَّح العديد من الطلاب عن أنهم لم يرغبوا في دخول هذه الكلية، وإنما كانت المفاضلة أو ضغوطات الأهل، من أجل القيمة والسمعة الاجتماعية بأنهم مهندسون, وأنهم يرون الفرع صعباً من حيث المواد والأساتذة والدكاترة.
فقد قال أحدهم: «الفرع كتير صعب من حيث المواد، بس كمان الأساتذة والدكاترة الله لا يورجيك, أخي هيك في دكاترة ما بتحب تزيد نسبة النجاح عندها عن (8% أو 9%) هاد غير أنو ما عم نستفيد شي بمخابر العملي, بتطلع لا من هون ولا من هون, الله وكيلك بتتخرج من الجامعة وأنت مو عرفان لا تبرمج ولا تمسك كومبيوتر».
حتى أن قسم الهندسة الطبية لم يخلُ من المشاكل حيث تحدثت زميلتنا: إن «القسم صعب»، وعن تدني علامات العملي قالت: إنها «بسبب الأساتذة» على حد تعبيرها, قائلة: «كأن الدكاترة لا يرغبون في ترفيع الطلاب».
وأضافت: «بتحس مو عرفانين شو يعطوك, جامعين كم مقرر من قسم الكهرباء، على كم مقرر من قسم الميكانيك، وحاطينهون بوشنا, وما إلنا علاقة بشي اسمو طبية».. معقبة: أن «هنالك العديد من المشاكل من غير اللائق أن تتواجد في هيئة تعليمية كالجامعة»، بحسب قولها.

صراع مع الواقع لأجل المستقبل

لا شك أن هناك بعض الطلاب الذين يحلمون بالنجاح دون التخطيط له، أو العمل من أجله, أو كما ينظر إليهم المدرسون على أنهم مهملون في دراستهم ولا يستحقون النجاح و..، لكن ذلك يعتبر الاستثناء وليس القاعدة، فمن دخل الكلية يعتبر أصلاً من المتفوقين المجدين والمثابرين في الثانوية العامة بفرعها العلمي، بدليل حصوله على مجموع علامات مرتفع أهّله الدخول في الكلية.
وبرغم وجود المدرسين والدكاترة المخلصين في عملهم، والذين يسعون جادين على منح كل طالب ما يستحق من علامات, إلا أننا لا نستطيع أن ننكر وجود بعض أوجه الفساد في مؤسسة التعليم في المرحلة الجامعية، ومنها كلية «الهَمَك»، فهي ليست استثناء عن المؤسسات الأخرى على مستوى تغول الفساد وآلياته وطرقه.
وفي ظل استمرار وجود جملة الضغوطات والصعوبات على الطالب، من حيث كم المواد ونوعها، أي: المناهج المعتمدة لكل قسم، ومن حيث الفارق بين العملي والنظري بسبب ضعف المخابر وترديها، وبسبب عدم تطوير المقررات, بالإضافة إلى معدلات ونسب النجاح، وبعض الممارسات السلبية، يبقى الطالب «الهَمَكي» في صراع مع المواد والمدرسين وواقعه، من أجل المستقبل الذي ينتظره بعد التخرج ويعمل ويجتهد من أجله.

معلومات إضافية

العدد رقم:
912
آخر تعديل على الأربعاء, 08 أيار 2019 13:39