الاتصالات ما زالت توارب
ما زالت وزارة الاتصالات والتقانة تفاجئنا بقراراتها وتصريحاتها، كما ما زال وضع الشبكة على حالها من الترهل والبطء، وارتباطاً مع ذلك ما زالت معاناة المشتركين على حالها أيضاً.
تصريحات الوزارة لم تعد تقتصر على إيجاد التبريرات وتقديم الذرائع على مستوى سوء الخدمة المقدمة للمشتركين، بل تعدتها لتقديم التبريرات بما يخص «مزاعم» التصنيف الدولي لسورية على مستوى أداء الإنترنيت والسرعات والقدرة على النفاذ، وحتى بذلك نفت عن نفسها المسؤولية مجيرة إياها على المشتركين أنفسهم!.
تبريرات غير مقنعة
لقد بيّنت الوزارة: «أن ترتيب الدول عالمياً في سرعة الإنترنت يعتمد على وسطي السرعات التي يشترك بها المواطنون في تلك الدولة، وليس على أداء الشبكة وفق محددات ومؤشرات أخرى»، ولفتت الوزارة: «أن حصول سورية على مراتب متأخرة في التصنيف العالمي يعود إلى أن أكثر من 70% من المشتركين السوريين سرعات بواباتهم 512 و1 ميغا، بينما السرعات العالية مثل 8 ميغا فإن عدد المشتركين بالخدمة لم يتجاوز الـ 1،7% فقط».
تجدر الإشارة بهذا الصدد أن الدراسة التي تم نشرها حول التصنيف الدولي عبر أحد المواقع المختصة، احتلت سورية فيه المرتبة 194 من أصل 200 دولة، وهو التصنيف الذي يعتمد قياس سرعة النفاذ بالحزمة العريضة.
أما التبرير الذي قدمته الوزارة حيال السرعات، ونسب المشتركين بالسرعات المتدنية بدلاً من السرعات العالية، فإن ذلك يرتبط من الناحية العملية بما تقدمه الوزارة والمؤسسة المعنية من تسهيلات ومزايا مشجعة للمشتركين، بما في ذلك وأهمهاً التخفيض على الأسعار وحسن وجودة الخدمة، وهو أمر غير موجود مع الأسف.
ترويج يحمل سِمة الإدانة
بالمقابل، بدأت الوزارة بالترويج لمشروعها الجديد المتمثل بإطلاق خدمة FTTH، حيث قالت: «إن الخدمة سيتم إطلاقها قريباً، ويتم وضع اللوائح السعرية الخاصة بها مع السرعات، ومن ميزاتها: أنها لا تتأثر بمشاكل البعد عن المركز، مغايرة للخطوط النحاسية التي تتأثر ببعد المسافة، عبر الليف الضوئي من المركز للمشترك مباشرة».. وبأنه: «من الممكن أن تكون بداية السرعة من 4 ميغا أو 8 ميغا ولحدود 100 ميغا، وبإمكان الكثير من المشتركين والشركات الاشتراك في تلك الخدمة».
مع الأخذ بعين الاعتبار: أن الترويج أعلاه يُحمّل المسؤولية ضمناً للوزارة نفسها على مستوى تردي الخدمة بالنسبة للمشتركين بالبوابات العادية، باعتبار أنها تحدثت عن المشاكل المرتبطة بالبعد عن المركز، وعن الخطوط النحاسية التي تتأثر ببعد المسافة، حيث تعتبر هذه العوامل من مسؤوليتها وبعهدتها وليست من مسؤولية المشتركين لا من قريب ولا من بعيد.
بدلات التصريح الظالمة
نأتي أخيراً إلى القرار الأخير الصادر عن الوزارة والذي يتضمن تعديل شرائح بدلات التصريح الإفرادي عن الأجهزة الخليوية من أجل تفعيل خدمة الشبكة على هذه الأجهزة، حيث أصبحت 4 شرائح بدلاً من شريحتين، تبدأ الشريحة الأولى من 15 ألف ليرة، وتنتهي الأخيرة بمبلغ 75 ألف ليرة. والذريعة المقدمة هي أن تتناسب مبالغ هذه الشرائح مع الرسوم الجديدة التي تم إقرارها لقاء استيراد الأجهزة الخليوية والتي سيتم استيفاؤها من قبل الجمارك.
وربما لن نعيد جديداً بالقول: أن ما يتم تهريبه من أجهزة وصولاً للمواطنين باعتبارها منتشرة في الأسواق، لا شكَّ أنه ليس مسؤولية هؤلاء، بل هي مسؤولية الجمارك والمعنيين بضبط الحدود أولاً وآخراً، والمؤسف أن بين هذا وذاك يضيع المواطن المُستلب والمظلوم بالنتيجة.
خلاصة القول: من حق المواطن خدمة جيدة لشبكة النت بعيداً عن كل الذرائع والأعذار الممجوجة، كما أن من أبسط حقوقه أن يكون بين يديه جهاز خليوي بمواصفات جيدة للاستخدام، فهذه الأجهزة لم تعد تعتبر من الرفاهيات، بل أصبحت من الضرورات ومن المفترض أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار رسمياً، فالحل ليس برفع الرسوم الجمركية ولا بزيادة مبلغ التصريح والتعريف على هذه الأجهزة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 908