الزيتون.. موسم خسارة جديد
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

الزيتون.. موسم خسارة جديد

«تعددت الأسباب والخسائر متزايدة» هذه هي حال الفلاحين والمزارعين مع محاصيلهم في كل موسم ومهما كان نوع المحصول، ولا يختلف موسم الزيتون هذا العام عن غيره من المحاصيل الأخرى على مستوى الخسائر المتوقعة، حيث يواجه الفلاحون استحقاق الخسارة فيه أيضاً.

موسم الزيتون هذا العام هو موسم معاومة، حيث تنخفض فيه كميات الإنتاج وهو أمر طبيعي متعارف عليه كظاهرة، حيث يكون الإنتاج غزيراً في موسم وقليلاً في الموسم الذي يليه، ما يؤدي إلى ارتفاع في أسعار الزيتون وزيت الزيتون بالنسبة للمستهلكين، إلّا أن الطارئ هذا العام هو ما تعرض له الموسم من أضرار نتيجةَ التغيرات في الأحوال الجوية والطقس والإصابات الحشرية.
مؤشرات وأرقام رسمية
بحسب وكالة «سانا» بتاريخ 8/10/2018: «يبشر الموسم الزراعي لمحصول الزيتون في حلب بإنتاج جيد لهذا العام يقدر بـ 284 ألف طن».
كما ورد عبر «سانا» بتاريخ 12/10/2018: «قدرت مديرية زراعة طرطوس إنتاج الموسم الحالي من الزيتون بنحو 63 ألف طن، في حين كان في العام الماضي 163 ألف طن، بانخفاض قدره 100 ألف طن.. أما التقديرات الأولية لإنتاج الزيتون لهذا العام في محافظة اللاذقية فهي بحدود 44 ألف طن.. وإنتاج محافظة حماه من محصول الزيتون يقدر سنوياً بنحو 63 ألف طن».
وقد أوضح مدير زراعة طرطوس: «أن الإصابات الحشرية هذا العام أعلى من العام السابق بسبب ارتفاع درجات الحرارة، الذي أدى إلى عدم دخول الحشرات في طور السبات الشتوي ونشاطها خلال فترة الإزهار خلال شهري آذار ونيسان ومنها «العثة والبسيلا» إضافة إلى نشاط ذبابة ثمار الزيتون وارتفاع نسبة الرطوبة».
وقد ورد عبر «سانا» أيضاً: «حمّل عدد من المزارعين المتضررين في محافظة حماة مديرية الزراعة والإرشاديات جانباً من المسؤولية عن تضرر وتلف محصولهم، مشيرين إلى أنه في هذه الظروف الاستثنائية التي واجهت محصولهم وجرّاء العوامل الجوية التي عَمّت المنطقة كان من المفترض على المعنيين في الزراعة توعيتهم بشكل أكبر حول المخاطر التي تتهدد محصولهم، والمبادرة إلى تقديم كل أوجه الدعم لهم وتأمين المبيدات ومستلزمات الرش، ولا سيما أن غالبية الفلاحين في المناطق المتضررة لا تسمح ظروفهم المادية بتقديم الخدمات اللازمة لحقولهم، الأمر الذي ساهم في تدهور المحصول وتساقط الثمار».
وعلى المستوى الحكومي، فقد كلف مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة بتاريخ 9/10/2018، وزارات الصناعة والزراعة والاقتصاد بدراسة تشميل محصول الزيتون المتضرر بتعويضات صندوق التخفيف من آثار الجفاف، وتم التأكيد على الاستمرار بدعم القطاع الزراعي بكل مكوناته وتأمين ما يلزم للنهوض بهذا القطاع في جميع المناطق.
عوامل الطبيعة والاستغلال
موسم المعاومة أمر مدرك بالنسبة للفلاحين ولم يكن مفاجئاً من كل بد، لكن المتغيرات المناخية والأحوال الجوية والإصابات الحشرية التي أدت إلى تضرر المحصول، وتساقط الثمار، هي ما كانت تحمل الكثير من المفاجآت والآلام، فقد أتت الأحوال الجوية ومتغيرات الطقس والمناخ هذا العام بالمزيد من الأضرار على محصول الزيتون، ما أدى إلى مزيدٍ من الانخفاض في كمية الإنتاج المتوقع، وبالتالي المزيد من الخسائر بالنسبة للفلاحين، مع ارتفاعات متوقعة في أسعار الزيتون والزيت بالنسبة للمستهلكين بالمحصلة.
المشكلة بالنسبة للفلاحين هذا العام كانت بعدم تمكن غالبيتهم من تأمين بعض مستلزمات الإنتاج والمكافحة الحشرية، وذلك بسبب ارتفاع أسعار المبيدات الحشرية والأسمدة، وارتفاع أسعار تكاليف الإنتاج عموماً، ما أدى لوقوعهم بالعجز في مكافحة الإصابات الحشرية التي أتت على الموسم هذا العام، والنتيجة أن بعضهم فقد كامل محصوله.
أما السبب الرئيس خلف ذلك فهو الجشع والاستغلال من قبل التجار المتحكمين بسوق المبيدات والأسمدة بالدرجة الأولى، حيث ما زالت شمّاعة العقوبات الاقتصادية تفعل فعلها على مستوى رفع أسعار مستلزمات الإنتاج التي يتحكم هؤلاء بكمياتها وأسعارها في السوق، يضاف إليها التذرع بتذبذب سعر الصرف، مع عدم إغفال دور بعضهم بتوفير بعض أصناف المبيدات والأسمدة ذات النوعية والمواصفة المتدنية تهريباً، بعيداً عن أعين الرقابة أو على مرآها، وعلى حساب الفلاحين ومواسم الإنتاج المتعاقبة، مع استمرار تسجيل الغياب لدور الدولة الرسمي على مستوى تأمين مستلزمات الإنتاج بالسعر والوقت المناسبين، حيث تعتبر هذه القضية هي الأهم بالنسبة للفلاحين، أما على مستوى التعويض عن الأضرار فهو أمر ثانوي رغم أهميته وضرورته، خاصة وأن التعويضات غير مجزية إطلاقاً ولا تتناسب مع الخسائر السنوية المحققة من المواسم المتعاقبة، يضاف إلى ذلك طول مدة الحصول على التعويضات والإجراءات الروتينية المرتبطة بها، ناهيك عن بعض أوجه الفساد والمحسوبية التي تعتريها.
نتائج متوقعة
أما النتائج الملموسة في المحصلة مع بداية موسم القطاف بنتيجة تضافر عوامل الطبيعة مع عوامل الاستغلال والجشع، والغياب غير المبرر لدور الدولة، فيمكن تلخيصها بالتالي:
تراجع الإنتاج في محصول الزيتون وكميات الزيت لهذا الموسم.
مزيد من التحكم بالأسعار لهذين المنتجَين من قبل التجار في الأسواق.
خسائر محققة بالنسبة للفلاحين والمزارعين ستنعكس سلباً على معيشتهم.
زيادة واتساع هجرة الأرض والزراعة، أو عمليات الاستبدال في الزراعات نحو المحاصيل والزراعات الأكثر ريعيّة.
ارتفاعات متوقعة على أسعار الزيتون والزيت في الأسواق على حساب المستهلكين ومن جيوبهم.
انتعاش عمليات الغش بزيت الزيتون المعروض للاستهلاك في الأسواق، على حساب النوعية والجودة والمواصفة والسعر.
تراجع كميات زيت الزيتون المعد للتصدير، والانعكاس السلبي لذلك على مستوى عائدات التصدير.
مزيد من التراجع على مستوى الإنتاج الزراعي ككل، مع الانعكاسات السلبية لذلك على مستوى الاقتصاد الوطني الكلي.