طلبات غير منصفة لضبط التعويضات
فوجئ المواطنون المتضررون، الراغبون بالتقدم بالثبوتيات اللازمة من أجل حصولهم على التعويضات الموعودة، من طلب بعض الثبوتيات التي اعتبروها غير منصفة، وتحديداً طلب براءة ذمة عن الماء والكهرباء.
القضية تبدأ اعتباراً من تنظيم ضبط الأضرار، والذي يتطلب الثبوتيات التالية:
معروضاً يقدم من مالك العقار المتضرر إلى النيابة العامة المختصة حسب مكان وجود العقار، يتضمن طلب الإحالة إلى مركز الشرطة المختص لتنظيم الضبط اللازم حول تعرض عقاره للهدم والتخريب والسرقة وغيره من أعمال النهب والدمار.
سند ملكية (بيان قيد عقاري بتاريخ حديث- أو وكالة بيع عقار مصدقة بتاريخ حديث- أو حكم محكمة مصدق بتاريخ حديث- أو عقد بيع مصالح عليه بالمالية).
بيان غير محكوم صادر من الأمن الجنائي.
فاتورة ماء أو كهرباء مع إرفاق براءة ذمة لكل منهما.
طلبات غير عادلة
المواطنون من أصحاب الحقوق بالتعويضات، وعلى الرغم أن بعضهم فقدوا الكثير من الوثائق الهامة ومتعلقاتهم الشخصية، اعتبروا أن غالبية الوثائق المطلوبة تؤدي الغرض منها وخاصة على مستوى صيانة الملكية والحقوق، إلّا أنهم توقفوا عند طلب براءة الذمة المالية عن الكهرباء والماء.
فهذا الطلب من الناحية العملية يعني: أنهم سيضطرون لتسديد مبالغ الاشتراكات الشهرية عن هذه الخدمات عن كل الفترة التي كانوا غائبين فيها عن بيوتهم اضطراراً، نزوحاً وتهجيراً، وهي مبالغ كبيرة، ليس ذلك فقط بل سيدفعون قيمة ما تم استهلاكه من كهرباء وماء خلال هذه الفترة من قبل غيرهم أيضاً، ناهيك عن أن عدادات الكهرباء والماء في الكثير من المناطق التي تم استعادة السيطرة عليها غير موجودة، بفعل التخريب والدمار، أو بفعل السرقة والتعفيش، وبالتالي فإن طلب براءة الذمة مع مترتباته المالية وفقاً لما سبق يعتبر إجحافاً بحقهم، كما يتضمن التناقض، باعتباره طلباً غير عادل في معرض بحثهم عن بعض العدالة في التعويض المنشود! علماً أن وزارة الإدارة المحلية عندما أوردت الثبوتيات المطلوبة بغاية الحصول على التعويضات، تطرقت لفواتير المياه والكهرباء من باب الوثيقة التي تثبت اسم صاحب الملكية أو شاغلها، وليس من باب براءة الذمة عن استهلاك كمياتها.
خطوة استباقية على حساب المواطنين
تجدر الإشارة إلى أن الموقع الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء، ورد فيه بتاريخ 30/7/2018، أن اللجنة الاقتصادية وافقت على مشروع صك تشريعي يتضمن إعفاء مشتركي المياه عن بدلات خدمات المياه المستهلكة المترتبة عليهم بموجب نظام الاستثمار النافذ لدى وزارة الموارد المائية، وجميع الرسوم والغرامات المرتبطة بها، وذلك عن فترة تهجيرهم من مناطقهم نتيجة الأعمال الإرهابية، إضافة إلى إعفاء المشتركين من غرامات التأخير المترتبة على اشتراكاتهم خلال فترة سيطرة الإرهابيين على المناطق السكنية. وتم تكليف وزارة الموارد المائية بموافاة أمانة سر مجلس الوزراء بالصيغة النهائية للصك التشريعي وتعليماته وأسبابه الموجبة بعد استدراك الملاحظات، تمهيداً للعرض على مجلس الوزراء للنظر باستكمال أسباب صدوره.
المشروع وعلى الرغم من أنه لم يصدر حتى تاريخه، إلا أن مضمونه بات معروفاً، ما يعني أن براءة الذمة عن المياه، والمبالغ التي يتم تقاضيها من المواطنين المضطرين للحصول عليها كوثيقة، تعتبر جبايتها في غير محلها، وهي تعتبر خطوة استباقية لجبي هذه الأموال من جيوب هؤلاء قبل صدور المرسوم.
استكمال المطالب
هؤلاء المواطنين من أصحاب الحقوق بالتعويضات، كانوا بانتظار الإعفاء الكامل عن الكهرباء والمياه والهاتف (الاشتراكات- بدل الخدمات- الاستهلاك- الفوائد والغرامات- وغيرها) وذلك عن كل الفترة التي كانوا فيها بعيدين عن بيوتهم، ليس لكونهم اضطروا للنزوح عنها مرغمين، وليس تقديراً لظروفهم الاقتصادية والمعيشية السيئة، بل كون هذا الإعفاء يعتبر أيضاً من الحقوق، وفيه بعض العدالة التي عانى هؤلاء من فقدانها لفترات طويلة.
ولعل الأجدى بعد ذلك ألّا تتم مطالبتهم بمثل هذه الوثائق إلّا من باب إثبات الملكية والحيازة والإشغال، كما سبق وأُعلن عن طريق وزارة الإدارة المحلية، مع الإسراع بتقدير الأضرار على أن تكون عادلة ومنصفة، مع الإسراع بصرف قيمتها، كون كل ذلك يسهل عودة هؤلاء إلى بلداتهم وبيوتهم، والتي تصب بالنتيجة على مستوى استعادة الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى هذه البلدات والمدن والقرى.