بنجاح كبير يمدد انتهاك الحقوق
آخر ما حرر بشأن مهرجان «الشام بتجمعنا»، والذي جرى من خلاله احتكار حديقة تشرين العامة وسط العاصمة دمشق باسمه، ولمصلحة المستثمرين فيه: أن القائمين عليه، والمستفيدين منه، أقروا تمديده لمدة 10 أيام إضافية.
ما من شك بأن التمديد لم يأت عبثاً، فهو حكماً لكون المهرجان قد حقق غايته الربحية المرجوة منه، والقائمون عليه والمستثمرون فيه يرغبون بالمزيد من جني الأرباح عبر مدة التمديد التي تم إقرارها، على حساب حق المواطنين بالحديقة، التي من المفترض أنها عامة.
للتذكير فإن مدة المهرجان المقرة كانت شهراً واحداً، وقد تم فرض رسم دخول للحديقة العامة وقدره 200 ليرة للشخص، بالإضافة إلى رسوم إضافية لبعض فعالياته، كما أن أسعار المعروض فيه من سلع وخدمات تعتبر أسعاراً سياحية.
بعبارة أخرى فإن الحديقة فقدت صبغتها العامة كملاذ ومتنزه لسكان العاصمة، وخاصة للمفقرين منهم خلال مدة المهرجان، وكان روادها ومرتادوها خلال هذه المدة غالباً ممن يتوفر لديهم سيولة تؤهلهم الدخول المأجور إلى الحديقة، والترفيه عن أنفسهم عبر المزيد من الرسوم الإضافية، ولديهم القدرة المادية التي تغطي الأسعار السياحية للسلع والخدمات التي يوفرها المهرجان، وهو ما تم اعتباره فرصة لجني المزيد من الأرباح من جيوب هؤلاء، وذلك عبر مدة التمديد التي تم إقرارها.
ليس ذلك فقط، بل دخل الاستثمار حيز الاستفادة من دورات المياه في الحديقة أيضاً، وذلك من خلال فرض رسم وقدره 50 ليرة للشخص الواحد، بل وتعميم هذا الرسم على العاملين الذين يعملون مع مستثمري الفعاليات في المهرجان، وهؤلاء يقضون وقتاً طويلاً في دوامهم، ما يعني اضطرارهم لاستخدام دورات المياه لأكثر من مرة في اليوم، وإلّا فإن دورات المياه ستصبح دون اهتمام وتنظيف، علماً أن أجور هؤلاء منخفضة، وتعتبر أجوراً استغلالية ارتباطاً بواقع البطالة، والحاجة التي تفرض التخلي عن الكثير من الحقوق لقاء الحصول على فرصة عمل، ولو مؤقتة.
والنتيجة، أن القائمين على المهرجان والمستثمرين فيه، يثبتون يوماً بعد آخر أن آخر ما يعنيهم المواطن المفقر وحقوقه، بل حتى العاملون الذين يعملون لمصلحتهم وتحت إشرافهم لم يسلموا من كونهم مصدراً إضافياً للاستغلال والاستثمار وجني الأرباح، ولا ندري ما يمكن أن تحمله الأيام القادمة من إضافات على هذا المستوى في ظل فترة التمديد المقرة، التي تعتبر فرصة لجني المزيد من الأرباح عبر المزيد من انتهاك الحقوق.