ملاحظات على هامش مشروع قانون الاستثمار «الجديد»
سمير علي سمير علي

ملاحظات على هامش مشروع قانون الاستثمار «الجديد»

وضعت رئاسة مجلس الوزراء، مشروع قانون الاستثمار الجديد، على موقعها الإلكتروني الرسمي، داعية المهتمين كافة وأهل الخبرة والاختصاص والباحثين والأكاديميين والمستثمرين ورجال الأعمال والصناعيين لإبداء آرائهم ومقترحاتهم حول المسودة الأولية له.



وقد أوضحت رئاسة مجلس الوزراء أن ذلك بهدف الوصول إلى أفضل المخرجات التي تحقق الغاية المرجوة منه.

كما غيره مستنزف للإمكانات
قراءة أولية سريعة لمشروع القانون، بفصوله ومواده، يظهر بأنه لا يختلف في بيئة التشريعية عن قوانين الاستثمار التشجيعية السابقة المعمول بها في سورية، كما لا يختلف في بعض حيثياته عن بعض القوانين المعمول بها في بعض الدول الأخرى.
فمشروع القانون يمنح مزايا تشجيعية للمستثمرين، سوريين وأجانب، تبدأ بالتملك وبالإعفاء الجمركي والضريبي، وتمر بالتمويل اقتراضاً من المصارف المحلية بالعملة الأجنبية، ولا تنتهي بالسماح بإخراج الأرباح ورأس المال، ضامناً لهؤلاء مصلحتهم أولاً وآخراً.
أي أن المشروع من حيث النتيجة، بحال إقراره والعمل بمضمونه، لن تكون نتائجه بأفضل حال من نتائج سابقاته من قوانين الاستثمار المعمول بها، التي استفادت من الامتيازات الممنوحة، مستنزفة الإمكانات المحلية ومحولة الأرباح إلى الخارج، وفي جيوب المستثمرين، دون أن يكون لمشاريعهم عمق اقتصادي اجتماعي يعول ويُبنى عليه مستقبلاً، ولنا في المشاريع الاستثمارية المقامة استناداً لقوانين الاستثمار السابقة أمثلة على ذلك.
والنتيجة، أن مشروع القانون القديم «الجديد» ما هو إلّا بوابة إضافية لمنح المزيد من الامتيازات لأصحاب الأرباح، المحليين والأجانب، كي يزيدوا من حصتهم الربحية عن طريق المزيد من استنزاف الإمكانات المحلية، تحت عنوان الاستثمار.

ملاحظات على الهامش
بعيداً عن مشروع القانون، لا بد لنا من الإشارة إلى أن رئاسة مجلس الوزراء التي أفردت له هذا الحيز من الاهتمام، فاسحة المجال أمام «المهتمين وأهل الخبرة والاختصاص و... لإبداء آرائهم ومقترحاتهم حول المسودة الأولية له بهدف الوصول إلى أفضل المخرجات التي تحقق الغاية المرجوة منه»، لم يسبق لها أن أفسحت مثل هذا المجال على غيره من مشاريع القوانين التي تمس مصالح شرائح اجتماعية أوسع، أي: أن الحكومة حتى على هذا المستوى تكرس محاباتها لمصالح المستثمرين ورجال الأعمال على حساب مصالح بقية الشرائح الاجتماعية، وكأن آراء هؤلاء ومقترحاتهم بما يتعلق بالقوانين التي تمس عيشهم ومصالحهم لا تعني الحكومة!
ملاحظة ثانية لا بدّ منها، نطرحها على شكل تساؤل مشروع: ماذا لو أن الحكومة منحت مثل هذه الاستثناءات والإعفاءات والامتيازات للمؤسسات والشركات التابعة (بملكيتها وعمالها وريعها ونتائج عملها ومستقبلها) للدولة، أي: لمؤسسات وشركات القطاع العام، كأحد أشكال الدعم التي لطالما تحدثت عنها الحكومة لهذا القطاع الكبير والهام الذي يعاني ما يعانيه من صعوبات، على سبيل العدالة في المنافسة مع بقية القطاعات الاقتصادية والخدمية، إن لم يكن على سبيل مصلحة الاقتصاد الوطني، أليس من الممكن أن يخرج هذا القطاع من أزمته المزمنة بناء عليه؟
وبعيداً عن الأوهام يمكننا القول: أن الحكومة، وفي ظل استمرارها بتبني السياسات الليبرالية التي تعمل من خلالها، لن نتوقع منها إلّا المزيد من الاهتمام لتحقيق مصالح حيتان الاستثمار المحليين والأجانب، وكبار التجار والسماسرة والفاسدين، على حساب مصالح البقية الباقية من الشرائح الاجتماعية، كما على حساب مصلحة الاقتصاد الوطني.