نتائج أستانا تطرق أبواب عفرين
ما زالت معاناة أهالي عفرين مستمرة على إثر نزوحهم من مدنهم وقراهم، نتيجة العدوان التركي على المنطقة، واحتلالها بالتعاون مع بعض المجموعات المسلحة، مطلع آذار الماضي.
المشكلة الأساس التي يعاني منها هؤلاء تتمثل بالمعيقات والصعوبات التي تحول دون عودتهم إلى قراهم وبيوتهم، على الرغم من استمرار أوجه المعاناة الأخرى جراء النزوح، حيث ما زال البعض من هؤلاء يقيم في الخيم أو في العراء، بظل أوضاع كارثية على المستوى الإنساني والخدمي.
نتائج أستانا الإيجابية
مؤشرات بدء العودة بدأت تلوح بالأفق، لكنها حتى الآن غير مكتملة، وقد تمكن البعض من أهالي القرى من العودة بشكل فردي، أو من خلال مجموعات، خلال الفترة الماضية، مع الكثير من المعاناة على الطرقات وخاصة من قبل الحواجز، سواء التابعة لقوات الحماية الكردية، أو التابعة للمجموعات المسلحة، والبعض الآخر حاول العودة مع عدم التمكن من الوصول مما اضطره للتراجع.
ما يعزز تلك المؤشرات هو بدء انتشار عناصر الشرطة العسكرية الروسية على بعض النقاط في المنطقة، للمراقبة، ومن أجل تيسير أمور الدخول والخروج الآمن للمواطنين من القرى في المنطقة، بما في ذلك تيسير عودة النازحين من أهالي عفرين، وقد كان ذلك نتيجة التفاهمات على ضوء اجتماع أستانا الأخير، وما أسفر من نتائج، وذلك حسب ما رشح عبر بعض وسائل الإعلام، وما أكدته مشاهدات الأهالي في المنطقة.
التهويل والترهيب لخدمة المصالح
الحملات التحريضية المتبادلة ما زالت مستمرة بين قوات الحماية والمجموعات المسلحة المسيطرة على المنطقة، كما ما زالت وسائل الإعلام تفعل فعلها على المستوى التعبوي بالاستناد إلى الممارسات السلبية التي تقوم بها الأطراف المتصارعة بحق الأهالي، وكل منها بما يحقق غايات وأهداف الممولين والداعمين الإقليميين والدوليين.
فعلى سبيل المثال، تستمر التعبئة الإعلامية تحت عنوان التغيير الديمغرافي في المنطقة، بهدف زرع الفتنة في المنطقة الحدودية المتاخمة لتركيا، بعد قيام قوات جيش الاحتلال التركي بإحلال أعداد واسعة من المسلحين وأسرهم فيها، على إثر ترحيلهم من مناطق سكنهم الأصلية بموجب الاتفاقات التي تم توقيعها في بعض مناطق البلاد.
وتفيد الأنباء الواردة من عدد من القرى بأن الأهالي تصرفوا عكس ما تبيت له تركيا، فتواصلوا مع أصحاب البيوت الأصليين وطمأنوهم على وضع ممتلكاتهم.
وحسب رأي الأهالي، أغلب القوى المسلحة في المنطقة، تبدو مختلفة ومتباينة ومتصارعة، إلا أنها متفقة جميعاً على عرقلة العودة، منعاً من استقرار المنطقة مجدداً، والذي يعني فقدانها لمبررات وجودها واستمرارها، طبعاً مع عدم إغفال مصالح بعض القوى الإقليمية والدولية في استمرار الحرب والأزمة ومفاعيلها.
رفض شعبي متزايد
في مقابل ذلك، وعلى إثر الاحتقان الأهلي المتزايد نتيجة جملة هذه الممارسات السلبية، بدأت بعض مظاهر الرفض الشعبي تأخذ أشكالاً جديدة، وصلت لحدود الاشتباك بالأيدي مع المسلحين في بعض القرى، وهي قيد المزيد من التصعيد.
بجميع الأحوال، فإن رغبة الأهالي بعودتهم لبيوتهم، بالإضافة لكونها حق وضرورة، فهي أكبر من الممارسات السلبية التي تقوم بها الجماعات المسلحة، وسياسة الاوهام التي تتحكم بسلوك ومواقف بعض قيادات وحدات الحماية، وتتجاوز حدود التعبئة والتحريض بغاية منع العودة أو تأخيرها.
ومع البدء بتلمس النتائج الإيجابية لاجتماع أستانا الأخير، أصبح الأهالي بانتظار المزيد من هذه النتائج، وتعميقها، كبحاً لجماح المشاريع التركية المعادية، والمجموعات المسلحة ومصالحها، وصولاً للحل السياسي الناجز الذي يحقق خروج القوات التركية المعتدية، بما يؤمن المزيد من الاستقرار وعودة جميع الأهالي إلى بلداتهم وأراضيهم الزراعية، كي يستعيدوا حياتهم الطبيعية ودورهم مع غيرهم من السوريين على كافة المستويات.