الإبداع في التضخيم الإداري
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

الإبداع في التضخيم الإداري

هيئة جديدة تعتزم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إحداثها، تسمى «الهيئة السورية للمعلومات التجارية»، حيث تداولت وسائل الإعلام: أن الوزارة أعدت مسوّدة المشروع الخاص بإحداثها بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية.

 

ومن خلال المعلومات التي رشحت عبر وسائل الإعلام، يتبين بأن مهام الهيئة تتعدى حدود التسمية وتتخطاها، لحدود القيام ببعض المهام التي تقع على عاتق بعض مديريات الوزارة وبمسؤوليتها، وبعض المهام بمسؤولية جهات حكومية أخرى، مروراً بالخدمات الإلكترونية وصولاً للمعارض وليس انتهاءً بعقد الاتفاقات الدولية.
ازدواجية العمل والمهام
لقد رشحت المعلومات حول عمل الهيئة، حسب وسائل الإعلام، أنها تهدف لبناء منظومة معلوماتية تجارية تضم مختلف أنواع البيانات المتعلقة بـ «الشركات التجارية_ السجلات التجارية_ سجلات المتاجر_ العلامات التجارية الفارقة_ الرسوم والنماذج الصناعية_ براءات الاختراع»، وتعزيز دور الوزارة كمصدرٍ للمعلومات والبيانات التجارية.
على ذلك فإن الهيئة المزمعة ستعتبر مركزاً لتجميع المعلومات المتوفرة لدى الوزارة افتراضاً وأرشفتها إلكترونياً، لوضعها بالخدمة كمصدر سهل للمعلومات التجارية، للمهتمين وأصحاب الشأن والقرار.
أما على مستوى المهام، فقد رشح بأن الهيئة ستقوم بتقديم الخدمات الإلكترونية في مجال عمل الوزارة على المستوى التجاري، اعتماداً على الأرشفة الإلكترونية والربط الشبكي، للخدمات المقدمة سلفاً من قبل بعض مديريات الوزارة.
مهام النافذة الواحدة
والنتيجة، أن مهام الهيئة قيد الإحداث ستكون بمثابة مهام النافذة الواحدة التي تقوم بتقديم المعلومات والخدمات استناداً للبيانات المؤرشفة إلكترونياً، والتي يتم إعدادها ومتابعتها من قبل مديريات الوزارة استناداً للقوانين الناظمة لكل منها، وعلى مسؤولية هذه المديريات كمصدر لهذه البيانات والمعلومات والوثائق، حيث ورد في معرض الحديث عن الهيئة: أنها يجب أن تراعي قوانين: «التعاملات الإلكترونية_ التوقيع الإلكتروني وخدمات الشبكة_ الجريمة الإلكترونية_ حماية المستهلك_ التجارة_ الشركات_ العلامات التجارية والرسوم والنماذج الصناعية_ براءات الاختراع».
ربما هذه المهام والأعمال لا تستوجب إحداث هيئة مستقلة مالياً وإدارياً، من أجلها، خاصة وأن الاستقلالية المالية والإدارية تستوجب المسؤولية بمقابلها، الأمر غير المتاح للهيئة المزمعة، كونها غير معنية بصحة البيانات المعدة والمؤرشفة والمقدمة كخدمات من قبلها، كونها غير مُصدرة لها أصلاً.
تعارض مع التوجه الحكومي
بناءً عليه، أليس من الأجدى والأسهل على الوزارة أن تسعى لإحداث النافذة الواحدة لمجمل الخدمات المقدمة من قبلها ومن مديرياتها المختلفة، بدلاً من إحداث تلك الهيئة المستقلة مالياً وإدارياً؟ مع ما تعنيه من تضخيم بالكادر الإداري والمالي الحكومي، بالإضافة إلى ما تفرضه من كتلة إنفاق كبيرة جديدة، ناهيك عما يمكن أن يتمخض من سلبيات بعمل الهيئة المزمعة بما يتعلق بالخدمات المقدمة عبرها، والتي تقع بمسؤولية مديريات الوزارة أصلاً، كونها ستعتبر مستقلة مالياً وإدارياً، وكادرها العامل غير متخصص أو معني بصحة البيانات أو الوثائق.
والسؤال الذي يفرض نفسه: ألا تتعارض فكرة إحداث هذه الهيئة مع التوجهات الحكومية، في ظل الحديث عن ضغط الإنفاق وترشيده وقلة الإيرادات، وبعد أن جرى إلغاء وجود بعض الهيئات الحكومية، بسبب ازدواجية المهام مع جهات حكومية أخرى، حيث تم دمجها سوياً، فكيف هو الحال بهيئة مستقلة تتبع لوزارة كي تنجز بعض مهام مديرياتها، وليس كلها؟!
الضرورة وتضخيم الدور
لعلنا لا نبالغ بالقول: إن جملة المهام الإضافية التي تم الحديث عنها إعلامياً لا تتعدى فكرة الترويج والتسويق للهيئة المزمعة، بغاية تضخيم دورها الافتراضي ليس إلا، خاصة بما يتعلق بالمعارض والاتفاقات الداخلية والخارجية وغيرها من المهام، التي ربما تتعارض مع مهام الكثير من الجهات الحكومية، وفي أحسن الأحوال تتقاطع معها، مما يفسح المجال للمزيد من الترهل وضياع المسؤوليات وتقاذفها.
ولعل السؤال بهذا الصدد، يجب توجيهه إلى اللجنة الاقتصادية، التي جرى الحديث بأنها منسق العمل مع الوزارة من أجل إحداث الهيئة المزمعة، من حيث كونها بدعة جديدة لزيادة عدد الإدارات، وتضخيم الجهاز الإداري الحكومي.
أخيراً، يمكننا القول: إن إحداث النافذة الواحدة في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على مستوى تقديم البيانات والخدمات الإلكترونية يعتبر ضرورة ملحة، تتوافق مع التطورات التقنية وضرورات المرحلة، وهو ما يجب أن تكون عليه الحال.