ملاحظات أخيرة على قانون الحراج الجديد /4/
بعد أن عرضنا خلال ثلاثة أعداد سابقة بعض الملاحظات على قانون الحراج الجديد رقم 6 لعام 2018، بالمقارنة مع قانون الحراج رقم 25 لعام 2007، نأتي أخيراً على ملاحظات إضافية بما يتعلق بالعقوبات المنصوص عنها بموجب القانون الجديد، ومقدار التراجع في بعضها بالمقارنة مع القانون السابق.
7 سنوات بدلاً من 10
لقد نصت المادة 44 من قانون الحراج رقم 25 لعام 2007 على ما يلي:
أ_ يعاقب بالاعتقال المؤقت مدة لا تقل عن عشر سنوات كل من أضرم النار بأية وسيلة كانت بقصد إحداث حريق في الحراج أو الأراضي الحراجية أو المحميات الحراجية أو مناطق الوقاية.
ب_ يزاد على العقوبة الواردة في الفقرة (أ) السابقة نصفها إذا أصيب من جراء إضرام النار على الوجه المبين فيها إنسان بعاهة دائمة.
ج_ تكون العقوبة الإعدام إذا نجم عن إضرام النار على الوجه المبين في الفقرة (أ) من هذه المادة وفاة إنسان.
د_ تكون العقوبة الاعتقال المؤبد إذا كان الدافع إلى الفعل المبين في الفقرة (أ) من هذه المادة الإضرار بالاقتصاد الوطني.
بالمقابل فقد نصت المادة 29 من قانون الحراج الجديد رقم 6 لعام 2018 على ما يلي:
أ_ يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن سبع سنوات كل من يضرم النار قصداً بأية وسيلة كانت في الحراج أو الأراضي الحراجية أو المحميات الحراجية أو مناطق الوقاية.
ب_ تشدد العقوبة بمقدار النصف إذا نجم عن إضرام النار إصابة إنسان بعاهة دائمة.
ج_ تشدد العقوبة إلى الإعدام إذا نجم عن إضرام النار وفاة إنسان.
فعلى الرغم من التعديل بين الاعتقال المؤقت إلى الأشغال الشاقة المؤقتة بين نصي الفقرة أ، إلا أن المدة تم تخفيضها من 10 سنوات إلى 7 سنوات.
كما تم غض النظر عن عقوبة المؤبد في حال كان الدافع الإضرار بالاقتصاد الوطني.
5 سنوات بدلاً من 6
وقد نصت المادة 45 من القانون 25 لعام 2007 على ما يلي:
«يعاقب بالاعتقال المؤقت مدة لا تقل عن ست سنوات كل من يقوم بعمليات استثمار في أراضي حراج الدولة المحروقة أو زراعتها خلافاً لأحكام الفقرة (ب) من المادة 19 من هذا المرسوم التشريعي».
بينما نصت المادة 30 من القانون الجديد رقم 6 لعام 2018 على ما يلي:
«يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من يقوم بعمليات استثمار في أراضي حراج الدولة المحروقة أو زراعتها خلافاً لأحكام الفقرة _ب_ من المادة 14 من هذا القانون».
أيضاً في هذه المادة يتبين التراجع في العقوبة من 6 سنوات إلى 5 سنوات.
سنة بدلاً من ثلاث سنوات
في المادة 46 من القانون 25 لعام 2007 ورد التالي:
«يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات من تسبب بنشوب حريق في الحراج أو الأراضي الحراجية أو المحميات الحراجية أو مناطق الوقاية من دون قصد نتيجة إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة النافذة».
بينما ورد في المادة 31 من القانون 6 لعام 2018 ما يلي:
أ_ يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة كل من تسبب بنشوب حريق في الحراج أو الأراضي الحراجية أو المحميات الحراجية أو مناطق الوقاية نتيجة إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة النافذة.
ب_ تشدد العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤقتة إذا نجم عن التسبب بنشوب حريق إصابة إنسان بعاهة دائمة.
ج_ تشدد العقوبة إلى الأشغال الشاقة مدة لا تقل عن سبع سنوات إذا نجم عن التسبب بنشوب حريق وفاة إنسان.
أيضاً هنا يوجد تراجع بالعقوبة من سنة إلى ثلاث سنوات في القانون القديم، بينما أصبحت من ثلاثة أشهر إلى سنة بموجب القانون الجديد.
سنتان ومليون ليرة
سقف عقوبة الاعتداء
كما نصت المادة 47 من القانون 25 لعام 2007 على ما يلي:
أ_ من أقدم بدون ترخيص مسبق على قلع أو قطع أو إتلاف أو تشويه الأشجار والشجيرات في حراج الدولة أو الإتيان بأي عمل يؤدي إلى إتلافها عوقب بالحبس مدة شهرين عن كل شجرة أو شجيرة وبغرامة تعادل مثلي قيمة الضرر الحاصل شريطة ألا تجاوز مدة الحبس ثلاث سنوات.
ب_ إذا وقعت الأفعال المحددة بالفقرة السابقة في الحراج الخاصة تخفف عقوبة الحبس إلى النصف والغرامة إلى مثل قيمة الأشجار والشجيرات.
بينما أصبحت بموجب المادة 32 من القانون 6 لعام 2018 حسب التالي:
أ_ يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من خمسمئة ألف إلى مليون ليرة سورية كل من أقدم دون ترخيص مسبق على قلع أو قطع أو إتلاف أو تشويه الأشجار والشجيرات في حراج الدولة أو الإتيان بأي عمل يؤدي إلى إتلافها.
ب_ تخفف عقوبة الحبس والغرامة إلى النصف إذا وقعت الأفعال المحددة بالفقرة _أ_ من هذه المادة في الحراج الخاصة.
وهنا يتضح التراجع في العقوبة بمستويين، الأول: على مستوى المدة التي تم تخفيضها من سقف يصل إلى ثلاث سنوات إلى الحبس من ستة أشهر إلى سقف سنتين.
الثاني هو: اقتران العقوبة والغرامة بعدد الأشجار والشجيرات في القانون السابق بمقابل سقف مالي عبارة عن مليون ليرة مهما كان عدد الشجر والشجيرات المعتدى عليها بموجب القانون الجديد.
عقوبات تشجيعية
ربما لا مبرر لإضافة ملاحظات إضافية على مقدار التراجع في العقوبات بعد السرد السابق، والتي لا يمكن وصفها إلا بأنها تشجيعاً على المزيد من التعدي على الحراج والغابات.
فإذا كانت العقوبات السابقة بحق المعتدين غير رادعة، مما أدى إلى ما جرى ويجري بحق الحراج والغابات من قطع وتحطيب وحرق ورعي جائر و..، فإن العقوبات الجديدة، والتي أصبحت أخف وطأة على المعتدين، ستكون من كل بد، فسحة وبوابة مشرعة للمزيد من التعدي وتشجيعاً لهؤلاء ومن خلفهم من المستفيدين والفاسدين.
لا غرابة مع الليبرالية
أخيراً، ربما لا يسعنا إلا أن نقول: لا غرابة مع جملة السياسات الليبرالية المتبعة حكومياً، والتي أثبتت مرة أخرى من خلال قانون الحراج الجديد على أنها غير معنية لا من قريب ولا من بعيد لا بحماية الحراج والغابات، ولا بتطويرها، باعتبارها ثروة وطنية، ولا بالانعكاسات السلبية الكبيرة جراء تقلص رقعتها وانخفاض تأثيرها الإيجابي على الكثير من المستويات تباعاً، وذلك بقدر عنايتها واهتمامها بمصالح كبار المستثمرين والفاسدين والمعتدين وصغارهم.
فمن خلال جملة الملاحظات التي أوردناها في الأعداد السابقة وهذا العدد، يتبين مقدار التراجع الكبير على مستوى حماية الحراج والغابات بشكل عام، وكيف سينعكس هذا التراجع «مصلحةً» في حساب البعض من أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين والمتنفذين والفاسدين، على حساب هذه الحراج والطبيعة والبيئة والإنسان والاقتصاد الوطني، والمصلحة الوطنية بشكل عام.