لا رياضة ولا من يحزنون!
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

لا رياضة ولا من يحزنون!

في جلسته المنعقدة بتاريخ 5/12/2017، كلف مجلس الوزراء وزارتي التربية والتعليم العالي والاتحاد الرياضي العام واتحاد شبيبة الثورة والاتحاد الوطني لطلبة سورية وضع خطة للرياضة والشباب تتضمن محاور عدة تتعلق بتفعيل رياضة الشباب وتنشيطها، وإيجاد الطريقة المثلى لاستثمار المنشآت الرياضية التي تخدم هذا الغرض.

وفي تصريح صحفي عقب الجلسة أكد وزير التربية: أنه تم تشكيل لجنة لوضع خطة للرياضة والشباب، تناولت محاور عدة، لافتاً إلى أنه ستكون هناك خطة متابعة ربعية لموضوع تأهيل المنشآت الرياضية واستثمارها بالشكل الأمثل، لتحقيق الغاية الأساسية من هذه المنشآت.
السياحة مسبقاً ع الخط!
في المقابل، قامت وزارة السياحة نهاية شهر تشرين الأول الماضي بإعادة الإعلان عن استدراج عروض لاستثمار موقع فندق الجلاء العائد بملكيته للاتحاد الرياضي العام، وحددت الوزارة في إعلانها موعد انتهاء تقديم العروض المتكاملة في الـ 30 من تشرين الثاني، ليتم اختيار العرض الأفضل والأنسب، بما يعود بالفائدة للجهة المالكة من جهة ولتنفيذ مشروع من سوية 5 نجوم في دمشق وفق أفضل المواصفات من جهة أخرى.
ومن صفحة وزير السياحة الرسمية على «فيسبوك»، بتاريخ 4/12/2017 ورد أن: «مركز خدمات المستثمرين في وزارة السياحة شهد إقبال المستثمرين ورجال الأعمال وأصحاب الشركات الاستثمارية لتقديم عروضهم لاستثمار موقع فندق الجلاء في دمشق والتي بلغ عددها ٤ عروض وستباشر لجان فض العروض أعمالها لإنهاء إجراءات فض العروض».
ولم يغفل القائم على صفحة الوزير الرسمية الترويج للمشروع مجدداً، حيث ورد: «يتميز المشروع العائد بملكيته للاتحاد الرياضي العام بموقعه الاستراتيجي السياحي الهام لتوضعه على أهم المحاور السياحية لمدينة دمشق في اوتوستراد المزة وقربه من أهم الفنادق والمواقع السياحية».
أما على مستوى الشرح عن المشروع فقد ورد التالي: «يتضمن برنامجه التوظيفي هدم كتلة الفندق الحالية وإشادة فندق من سوية خمس نجوم مع فعالياته الخدمية، كما يتضمن مجموعة مطاعم من ضمنها مطعم صيفي وتيراسات خارجية، بالإضافة إلى خدمات ترفيهية متنوعة (مسبح_ ملاعب رياضية_ صالات ألعاب ونشاطات رياضية_ سينما_ بولينغ وفعاليات تجارية) وذلك وفق نظام الاستثمار B.O.T، وبمدة استثمار /٤٥/ سنة ومدة تنفيذ /٤٨/ شهراً من تاريخ منح رخصة البناء».
لا تناقض!
القارئ لما ورد أعلاه ربما يحار في التناقض الصارخ بين التكليف الحكومي الأخير، والإجراءات المتخذة عملياً من قبل وزارة السياحة على مستوى استثمار واحدة من المنشآت الرياضية في دمشق فقط.
فهل فعلاً هناك تناقض، أم أن هناك تكاملاً بين هذا وذاك؟!
ربما لا يوجد أي تناقض، فالتكليف الحكومي أعلاه، وإن كان قد استثنى وزارة السياحة منه، إلا أنه لم يغفل الاستثمار، بل أشار إليه بكل وضوح وصراحة ضمن التكليف، ولعل الالتباس هو حول الغاية والأهداف، وخاصة عند الحديث عن تفعيل رياضة الشباب وتنشيطها، وعن تحقيق الغاية الأساسية من هذه المنشآت، وهو التباس مشروع سيضمحل تباعاً من خلال التكامل بين التوجيه والتكليف على المستوى التنفيذي اللاحق.
الاستثمار أولاً وأولاً
إن وضع المنشآت الرياضية في الاستثمار، وفقاً للشكل المتبع من قبل وزارة السياحة ولهذه المدد الزمنية الطويلة، والقابل للتعميم من قبل المكلفين من الوزارات الأخرى، يعني: أن الغاية والأهداف الأساسية للمنشآت الرياضية هي غايات استثمارية تصب بمصلحة المستثمرين أولاً وآخراً، فلا رياضة ولا شباباً ولا هم يحزنون، وربما ليس ذلك فقط، بل حتى المواطنون لم يعد لديهم الإمكانية في الدخول لهذه المنشآت ومساحاتها المفتوحة والخضراء، وخاصة المفقرين ومن أصحاب الدخول المحدودة، باعتبارها ستصبح للنخبة من أصحاب الملائة المالية والمترفين، حيث ستغدو هذه المنشآت مناطق سياحية.
«الحب والحبل والرّكبة ع الجمل»
لا غرابة حكماً طالما أن توجهات الحكومة بشكل عام لم تعر مصالح المواطنين أي اهتمام بمقابل اهتمامها المتزايد بمصالح المستثمرين، كبارهم وصغارهم، وهو أمر لم يعد فيه خلاف في ظل استمرارها بسياساتها نفسها المحابية لهؤلاء على طول الخط.
ولعل ما يجب الإشارة إليه بعد ذلك كله ربما هو مساعي التمويه المتعمدة عبر إدراج بعض العبارات التي تثير الالتباس من طرف، وتغلف الغايات الأساسية والنهائية من طرف آخر، والتي غالباً ما تكون مصلحة المواطنين محورها الملتبس، ونستعير هنا أحد الأمثال الشعبية: «تلاتة ما بيتخبو, الحب والحبل والرّكبة ع الجمل»، فالحب المتبادل بين الحكومة والمستثمرين جلي، والمواطنين أصبحوا حبالى بالهم والفقر والظلم، والسياسات المتبعة واضحة وضوح الشمس؟!