المخالفات تعري غياب دور الدولة!
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

المخالفات تعري غياب دور الدولة!

قال مدير دوائر الخدمات في مدينة دمشق: إن الدوائر المختصة في المحافظة، تقوم بتسهيل تأمين المواد اللازمة للترميم، من خلال منح موافقة خاصة لكل من يريد إجراء الترميم في منزله بعد إجراء الكشف على المنزل أو بالنسبة لرخص البناء النظامية.

التصريح أعلاه أتى على لسان مدير دوائر الخدمات في المحافظة، في معرض حديثه عن ضبط مخالفات البناء في المحافظة، التي قال: إنها وصلت لـ 90% في المناطق الآمنة، وذلك عبر إحدى الصحف المحلية نهاية الأسبوع الماضي.
وحول حاجة المواطنين لبعض المواد من أجل القيام بعمليات الترميم لمنازلهم، قال: إن ذلك يتم عبر تزويد المواطن بكتابٍ خطي يستطيع بموجبه إدخال المواد التي يحتاجها للترميم، باستثناء حديد الصب والبحص، والمواد التي لا تستخدم عادة إلا في أعمال الإنشاء، ولا تمنح إلا لأصحاب رخص البناء الكامل، حيث يتم ذكر اسم وكمية كل مادة يسمح بإدخالها، وذلك بهدف منع استخدامها في أعمال إنشائية لبناء مخالفات.

المخالفات تتسيد الموقف!
واقع الحال يقول: إن المواطنين، وخاصة المحتاجين لبعض المواد من أجل القيام ببعض عمليات الترميم لمنازلهم، يعانون أشد المعاناة من أجل تأمين وتمرير مستلزماتهم الضرورية، والتي من كل بد لا تقتصر على كمية محدودة من الإسمنت فقط، بل ربما بحاجة كذلك الأمر لكميات محدودة من البحص أو من الحديد والخشب، وخاصة في منطقة دمشق القديمة، التي ربما لا تقتصر الموافقة على ترميم البيوت فيها على كتاب المحافظة فقط، بل تحتاج لموافقات من أكثر من جهة مسؤولة عن المنطقة.
أما على مستوى تمرير هذه المواد ونقلها داخل المدينة، فحدث بلا حرج عن الصعوبات والمعيقات الأخرى، التي تعترض أصحاب البيوت التي تحتاج إلى ترميم، وخاصة، تلك المتمثلة بالحواجز المنتشرة على الطرقات، التي ربما لا تكتفي بعضها بكتاب المحافظة وموافقتها!.
في المقابل، مازالت المخالفات تتسيد الموقف على مستوى الإنشاءات الجديدة، وخاصة، خلال السنين القريبة الماضية حيث ازدادت واستفحلت، مستغلة حاجات المواطنين، وخاصة الوافدين نزوحاً إلى العاصمة.

ازدواجية معايير
مما لا شك فيه، أن قمع مخالفات البناء ضرورة، ليس لكونها مخالفات فقط، بل لما تكتنفها من سلبيات على المستوى الإنشائي والهندسي والخدمي والمرفقي، وغير ذلك من ضرورات البناء الإنشائي السكني السليم والصحي، والتي تنعكس من كل بد على الساكنين من المواطنين في نهاية المطاف، بعد أن يجبي القائمون عليها من التجار والسماسرة والفاسدين الأرباح الطائلة على حساب هؤلاء وحاجاتهم للسكن والإيواء.
والسؤال الذي مازال يطرح على ألسنة المواطنين: كيف يتم إدخال مواد البناء من أجل إشادة المخالفات الكبيرة، وكيف يتم تمريرها وصولاً إلى مكان المخالفة، دون موافقات أو كتب وغير ذلك، فيما يتم التشدد عليهم ربما بكيس واحد من الإسمنت للضرورة؟!.

أين الدولة ودورها؟
المضحك المبكي بعد ذلك كله هو: أن مدير الخدمات قال: إن دوائر الخدمات وضابطة البناء لا تهدف بقمع المخالفات الإضرار بالناس, وإنما الهدف هو: توفير الحماية لحياة المواطنين، ومهما كانت تكاليف البناء المخالف أقل من السكن النظامي, لكنها في الحقيقة ذات تكاليف أكبر على مستقبل الإنسان، وخصوصاً أنها تهدد حياة الناس.
وكأن المواطن توفر له ذاك البناء والسكن الصحي والنظامي، بالسعر أو بدل الإيجار المقبول الذي يتناسب مع إمكاناته، وتأفف مصراً على السكن في الأبنية المخالفة، بمواصفاتها السيئة وأسعارها الاستغلالية!.
والنتيجة، أن المخالفات بالواقع العملي، ومن دون لف ودوران، تعري دور الدولة الغائب على مستوى السكن والإسكان منذ عقود.

معلومات إضافية

العدد رقم:
839