شظايا معركة لحم الغنم تطال المستهلكين!
نهاية تشرين الأول حددت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أسعار بيع لحم الغنم البلدي، وفق سعري الحد الأدنى والحد الأعلى في المحافظات جميعها.
لقد انعكس هذا التحديد الوزاري على المواطنين بردود فعل متباينة، بين التشكيك واللامبالاة وعدم التصديق، وذلك على ضوء ما لمسوه وسمعوا عنه حول معارك الشاورما وحرب المتة وغيرها، مع عدم إغفال شوقهم لعودة لحم الغنم إلى سلة استهلاكهم، وإلى موائدهم بعد طول غياب.
تحديد وزاري وموقف
لقد أصدرت الوزارة تعميماً إلى مديرياتها في المحافظات كافةً حددت بموجبه سعر بيع لحم غنم (ذبيحة) بـ/2700/ ل.س كحد أدنى، و/3100/ ل.س كحد أعلى للكيلو غرام الواحد، وسعر بيع لحم الغنم (هبرة) بـ /3700/ ل.س كحد أدنى، و/4200/ ل.س كحد أعلى للكيلوغرام الواحد.
كما تضمن التعميم تحديد سعر بيع الكيلوغرام الواحد من مادة ذكور أغنام العواس الحية معدة للذبح ذات الوزن 60 كغ بـ 1525 ليرة كحد أدنى و 1600 ليرة كحد أعلى وسعر بيع الكيلو من مادة ذكور أغنام العواس الحية معدة للتسمين وزن 40 كغ بـ 1475 ليرة كحد أدنى و 1550 ليرة كحد أعلى للكيلو غرام.
وقد أكد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك: أن هذا التخفيض جاء نتيجة المتابعة اليومية لأسعار المواد والسلع الأساسية في أسواق المحافظات، وبأن الأسعار الجديدة أقل من المتعارف عليه، كما لا يجوز تجاوز الحد الأعلى للسعر في المحافظات المستهلكة.
تحرير الأسواق والتحكم
السعر السائد في الأسواق بالنسبة للحم الغنم الهبرة، يتراوح بين 6500 و 8000، وقد استمر هذا السعر طيلة السنوات القريبة الماضية، دون أي تأثر بعوامل العرض والطلب والمرعى وغيرها من العوامل، التي من المفترض أن تترك تأثيرها على السعر، وفقاً لسياسة تحرير الأسعار والسوق المفتوح المعتمدة رسمياً، بل على العكس فقد كان التحكم السعري بهذه المادة كبيراً على الرغم من انخفاض الطلب عليها بشكل كبير خلال السنوات الماضية، ولعل أحد الأسباب الرئيسة بذلك هو: عمليات التهريب الجائرة لأغنام العواس، وزيادة معدلات هذا التهريب خلال سني الحرب والأزمة، مما أدى عملياً إلى انخفاض متزايد بأعداد القطعان.
خارج دائرة الاستهلاك
مع تدهور الواقع المعيشي وتدني القدرة الشرائية للمواطن، نتيجة السياسات المعمول بها، والتي أتت سني الحرب والأزمة لتزيد من سوئها وسلبياتها، فقد خرجت هذه اللحوم من حيز الاستهلاك الشعبي منذ سنين، وتم الاستعاضة عنها بلحم الفروج غالباً، بالإضافة إلى لحم العجل أحياناً، أو لحوم الجاموس المجمدة المستوردة أو المهربة.
وعلى إثر تلقي خبر تخفيض سعر لحم الغنم رسمياً تفاءل السوريون بإمكانية استعادة هذه المادة لدائرة الاستهلاك على موائدهم، أو بالحد الأدنى لتدخل مجدداً ضمن إطار المنافسة الحقيقية مع اللحوم الأخرى، بما يمكن أن ينعكس إيجاباً عليهم، في المقابل لم يغفل الكثير من المواطنين شكوكهم حول تمكن الوزارة من فرض هذا السعر على تجار اللحوم والقصابين، خاصة مع علمهم المسبق وتجربتهم المرة مع ممارسات الغش المتبعة من قبل بعض الباعة، الذين يبيعون بعض اللحوم الحمراء على أنها لحم غنم.
ضرورات الاستقرار السعري
الواقع الحالي يشير إلى: أن الأسعار التي تم تحديدها، وصدر التعميم بها، لم يتم الالتزام بها من قبل باعة اللحوم، حيث ما زالت الأسعار على حالها، ولعله من الصعب أن يتم التقيد بهذه الأسعار في ظل استمرار العمل بالسياسات المتبعة نفسها، وخاصة سياسة تحرير الأسعار والسوق المفتوحة، والتي تعتبر عثرة أمام أدوات ضبط الأسعار التي تملكها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومديرياتها، وذلك لارتباطها بالكثير من العوامل الأخرى التي تعتبر من مهام وزارات وجهات أخرى تابعة للدولة، من وزارة الزراعة إلى الجمارك إلى الاقتصاد وغيرها.
وبعيداً عن الأوهام وتمنيات المستهلكين باستعادة هذه المادة إلى حيز استهلاكهم الدائم، فإن تخفيض الأسعار كي يستمر ويكون أكثر فاعلية واستقراراً، يجب أن يقترن بتقديم الدعم للمربين على المستويات كافة، وخاصة على مستوى المرعى والأعلاف والأدوية البيطرية وغيرها، كما يجب أن يقترن بالحد من التهريب وصولاً لمنعه بشكل نهائي، بالإضافة لضبط عمليات التصدير، بما يتوافق وينسجم مع استقرار الأسعار، لتأتي أخيراً عمليات ضبط الأسواق بعيداً عن المحاباة والفساد.
فهل من الممكن أن تتضافر الجهود فعلاً من أجل تحقيق ذلك، أم أن لحم الغنم سيدخل دائرة الحرب المستعرة بين التموين والتجار التي لن يطال المستهلكين منها إلا شظاياها الكلامية فقط.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 835