معاناة المواد العملية في الجامعات
مالك أحمد مالك أحمد

معاناة المواد العملية في الجامعات

طلاب الكليات العلمية، وخاصة الطب والصيدلة، تعتبر المواد العملية ذات أهمية خاصة بالنسبة إليهم، ليس على مستوى المعلومة التي تخضع للتجريب والاختبار فقط، أو ما يمكن أن يحققوه من علامات مؤهلة لترفيع هذه المواد بناء على اختباراتها وامتحاناتها، بل على مستوى خبرات الجانب العملي الذي من المفترض أن يحصلوا عليها، كونهم سيضطرون لمواجهتها في مستقبلهم بالحياة العملية.

هؤلاء الطلاب عندهم معاناة خاصة بهذه المواد العملية، اعتباراً من التكاليف التي يتكبدونها لتأمين بعض المستلزمات المرتبطة بطبيعة كل مادة، وصولاً لواقع المخابر والقاعات العملية في كلياتهم، مع تجهيزاتها ولوازمها المرتبطة كذلك بطبيعة كل مادة «عملية» في مناهجهم طيلة سنوات دراستهم.
أمثلة عن التكاليف
على سبيل المثال: كل طالب من طلاب كليات الطب أو الصيدلة يجب أن يمتلك علبة أدوات تشريح، وهي عبارة عن بعض الأدوات، بحدود 10، وسعرها بالحد الأدنى هو 6000 ليرة في السوق، كما أن كل طالب طب بشري يجب أن يحوز على جهاز لقياس الضغط والذي يبلغ سعره بحدود 40 ألف ليرة، بالإضافة للسماعة التي يبلغ سعرها بحدود 18 ألف ليرة، أما طلاب كلية طب الأسنان فالحديث يطول عن مستلزماتهم وتنوعها وأسعارها العالية، ناهيك عن التكاليف الإضافية التي يتكبدونها لشراء بعض المواد الداخلة في المعالجة السنية.
واقع المخابر وقاعات «العملي»
في كلية الصيدلة في جامعة دمشق، هناك بعض الأجهزة المتعلقة بالمواد العملية معطلة، مثل: جهاز «الماموغراف» وجهاز «فرق الكمون»، وبعض الأجهزة غير دقيقة بحاجة للصيانة، مثل: جهاز «سبيكتروفوتومتر»، والأخطر من ذلك هو: عدم توفر ما يسمى بالـ «الساحبات»، حيث يضطر الطلاب للاستعاضة عنها بالسحب الفموي مع ما يحمله من مخاطر محتملة، خاصة إذا ما علمنا أن بعض المواد الكيميائية التي يتم التعامل بها هي الأحماض، مثل: حمض كلور الماء.
وعن مقاييس الوزن «الموازين» تبدو المشكلة أكبر، حيث هناك مجموعة منها، وهي بغالبيتها غير دقيقة، وعلى الرغم من ذلك يتعامل الأساتذة مع هذه الحالة بشكل غير موضوعي، حيث يفترضون أن كل هذه الموازين سليمة، وتقييم أداء الطلاب يتم على الأرقام المستخلصة من قبلهم بالمعطى النهائي، الذي من المفترض أن يكون صحيحاً، لكنه لن يكون كذلك بسبب انعدام دقة بعضها، ما يعني: أن بعض الطلاب يُغبن حقهم بالنتيجة.
بعد ذلك كله يضاف إلى أن مخابر كلية الصيدلة لا يوجد بها كراسي للطلاب، وهؤلاء يقضون الجلسات العملية وقوفاً طيلة الجلسة، والتي تستمر أحياناً 4 ساعات.
طلاب الطب والفئات
المواد العملية في كلية الطب، كما غيرها، يقسم فيها الطلاب إلى فئات، وكل فئة يخصص لها مواعيد وساعات محددة في البرنامج، وقد يضطر بعض الطلبة للتبادل فيما بينهم على هذه الفئات بما يحقق مصلحتهم، وخاصة على مستوى عامل الزمن في البرنامج الأسبوعي للمحاضرات، وهو أمر متاح شريطة تسجيل ذلك بشكل رسمي، كون حضور «العملي» مقترناً بالعلامات، أما المشكلة التي واجهت بعض الطلاب فهي: اعتبارهم متغيبين عن فئاتهم الأصلية، لكن الدليل المادي على ذلك والمتمثل بالورقة التي يتم اعتمادها لهذا التبديل لدى الموظفة المعنية تُفقد أحياناً، وبالتالي يضيع جهد ووقت الطالب بالنتيجة.
وعلى مستوى «ستاجات» العملي مع المرضى في السنوات الأخيرة، أحياناً لا يتوفر مرضى، وأحياناً يتغيب الأستاذ، أما الأسوأ على المستوى النفسي هو: إحساس هؤلاء بالتطفل على المرضى واستباحة خصوصيتهم، ونظرات الاستياء والعتب التي يشاهدونها في أعين هؤلاء، خاصة إذا ما علمنا أن أفراد مجموعة «العملي» في هذه الستاجات من طلاب السنوات الأخيرة يتداورون على المريض الواحد تباعاً، وهو لا حول له ولا قوة في الرفض أو القبول غالباً، كونه في مشفى تابع لوزارة التعليم العالي، هكذا..
المستلزمات والتجهيزات ليست ترفاً
أخيراً، لا بد لنا من التأكيد بأن المواد العملية في الكليات العلمية من الأهمية بمكان على مستوى المعلومة التجريبية للطالب، وعلى مستوى العلامات التي يسعى إلى تحقيقها، وأخيراً وأهماً، ربما على مستوى الواقع العملي المستقبلي لهؤلاء الطلاب بعد تخرجهم.
بالتالي، إن تأمين متطلبات هذه المواد العملية، مع تجهيزاتها وأجهزتها ولوازمها، ومع الشروط الواجب توفرها في قاعاتها ومخابرها، هي ليست أشياء ترفية يمكن الاستغناء عنها، أو المماطلة بمعالجة نواقصها، أو التسويف بإصلاح المعطل من أجهزتها، كما أنها ليست ذات طابع شكلي يمكن غض النظر عنه، والتغاضي عن بعض القصور فيه، بل هي ضرورات واجبة التوفر بأحسن الشروط والمواصفات، لما لها من انعكاسات على مجمل العملية التعليمية وغاياتها، كما ونتائجها على مستوى الأهداف المتوخاة من مخرجاتها النهائية بالواقع العملي بالنتيجة.
برسم وزارة التعليم العالي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
834