صراع الموز والحمضيات!
مرة جديدة يعود الحديث عن استيراد الموز، لكن هذه المرة عبر اتفاق شبه رسمي مع الجانب اللبناني على هامش معرض دمشق الدولي.
بالتأكيد ليس هناك مشكلة مع استيراد مادة الموز من لبنان، وتوفيره بالجودة المناسبة وبأسعار مقبولة للمواطنين، شريطة ألا يؤثر ذلك على منتجاتنا الزراعية المحلية، وخاصة الحمضيات ومنتجيها، وشريطة الحد من عمليات التهريب المتزامن مع مواسم القطاف لهذه المنتجات.
منافسة وخسائر
فقد غلب خلال السنين الماضية السماح باستيراد الموز بالتزامن مع مواعيد قطاف وتسويق الحمضيات، مما يضر الفلاحين على المستوى التنافسي بالتسويق، ويوقعهم تحت رحمة من لا يرحم من التجار والسماسرة، بالإضافة لما تجود به آليات التهريب من كميات كبيرة تغرق السوق خلال هذا الموسم، الأمر الذي أدى عملياً لخسائر متراكمة لدى الفلاحين، مما جعل قسماً منهم لأن يقتلع أشجار حمضياته، ويستبدلها بزراعات أخرى، حيث يعمد المستوردون والمهربون على تحديد مواعيد استيراد هذه المادة خلال فترة القطاف والتسويق للحمضيات، علماً أن طيلة فصل الصيف، الذي يعتبر فترة إنضاج الموز، تكون كمياته محدودة بالسوق وبأسعار مرتفعة، بينما تتزايد الكميات بشكل كبير وبأسعار منخفضة مع فترة نضوج الحمضيات، في نهاية الخريف وبداية الشتاء، ما يعني بالواقع العملي وكأن هناك ترتيباً مسبقاً من أجل ضرب هذا الموسم التسويقي للمزارعين، قصداً وعن سابق إصرار وتصميم، لمصلحة أصحاب مقصات الأرباح من المستغلين، وبما يؤدي إلى ضرب الإنتاج الزراعي المحلي وتقويضه عملياً.
طبعاً مع عدم اغفال تكاليف الإنتاج من أسمدة ومبيدات وسقاية ورعاية وقطاف، وغيرها من التكاليف الأخرى، والتي باتت عبئاً سنوياً على الفلاح، في ظل تفلت ضبط الأسعار، وعدم توفر مستلزمات الإنتاج إلا عبر السوق السوداء المتحكم بها من قبل بعض المستغلين والفاسدين، وما يشكله ذلك من عوامل ضاغطة يتم التحكم بها من قبل مسوقي الإنتاج، داخلاً وخارجاً، كل موسم على حساب الفلاحين ومعيشتهم.
ربط الاستيراد بالتصدير
الحديث الرسمي ربط عمليات الاستيراد تلك بما يقابلها من عمليات تصدير لمنتجاتنا المحلية من الحمضيات، علماً بأن ذلك لم يكن توجهاً فريداً لهذا العام، فقد سبق وأن تم الإعلان في العام الماضي عن مثل هذا الإجراء، كما غيره من الأعوام الماضية، إلا أن واقع الحال قال بأن المزارعين والفلاحين تلقوا ضربة كبيرة في ظل المنافسة المجحفة بحقهم على هذا المستوى، مما نجم عنها خسائر سنوية متتابعة على حساب تعبهم وشقائهم ومستوى عيشهم، حيث ما زال الفلاحون يعانون من عدم تمكنهم من تسويق منتجاتهم، على الرغم من كل الوعود، الرسمية وغير الرسمية، عن فتح أسواق خارجية لهذا الإنتاج، بالإضافة لتبني التسويق المحلي منه، إلا أن أياً من ذلك لم يتم ضبطه، بما يحقق مصلحة المنتجين الحقيقية، أو يحد من استغلالهم ويحافظ على استمرار إنتاجهم على أقل تقدير.
واقع الحال يقول بأن الاتفاق شبه الرسمي الأخير مع الجانب اللبناني من أجل استيراد الموز، في حال لم يتم ترتيب البيت الداخلي لمنتجاتنا من الحمضيات على مستوى التسويق الداخلي والخارجي، وبما يحقق مصلحة الفلاحين، بعيداً عن مصالح المستوردين والمصدرين والمهربين والمستغلين من تجار وسماسرة، سيكون وبالاً على هؤلاء المنتجين، مضافاً إلى كل معاناتهم طيلة السنوات الماضية، خاصة أن الإنتاج بدأت بواكيره، وقد بدأوا منذ الآن يستعيذون من مغبات هذا الاتفاق وتوابعه وملحقاته على إنتاجهم ومعيشتهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 825