النوط والملخصات ليست المشكلة
بصدد التصريحات اللافتة هذه الأيام على مستوى التعليم الجامعي فقد صرح عميد كلية الحقوق بجامعة دمشق قائلاً: إن «الطالب يستسهل اللجوء إلى الملخصات، ويحمل أستاذ المقرر مسؤولية رسوبه، علماً أن السبب الأساسي للرسوب هو الاعتماد على النوطات المغلوطة والخاطئة، كاشفاً عن وجود شبكة منظمة تتاجر بالموضوع وتغرر بالطلاب، حيث تستخدم الفيسبوك للدعاية».
بعض الحقيقة
تصريح العميد أعلاه ربما فيه بعض الحقيقة، ولكن ليس كلها، فنسب الرسوب المرتفعة ليست مرتبطة بموضوع الملخصات والنوط المغلوطة التي يتداولها الطلاب، بل هناك جملة من الأسباب الجوهرية الأخرى المرتبطة بمجمل السياسة التعليمية المتبعة، وخاصة على مستوى المدخلات، اعتباراً من المناهج المقرة والمعتمدة، مروراً بالكتاب الجامعي، وليس انتهاءً بمساعدات العملية التعليمية والكادر التدريسي والطرق الامتحانية المتبعة وغيرها الكثير، وكل هذه القضايا مترابط ومتشابكة مع بعضها البعض، وقد بات من الواجب والضروري إعادة النظر بمجمل هذه المدخلات، في حين أن موضوع الملخصات والنوط، رغم أهميته وتأثيره، إلا أنه يعتبر هامشياً أمام هذه القضايا الجوهرية مجتمعة.
مسؤولية
أمّا عن تبرئة العميد لأساتذة المقررات فهذا شأن آخر، ربما نورده ضمن إطار حرصه على سمعة الأساتذة، وهو حق مشروع على مستوى مسؤوليته وواجباته تجاه زملائه ومرؤوسيه، خاصة بعد صدور قرار من وزارة التعليم العالي بعدم قبول نسب نجاح تقل عن 20% بأية مادة، وذلك على ضوء ظاهرة نسب النجاح المتدنية التي يعاني منها الطلاب منذ سنين.
ولكن ما يثير الاستغراب هو أن جامعة دمشق، بحسب عميد كلية الحقوق، نسقت مع المحافظة لإيجاد حل جذري للتعامل مع الأكشاك والمكتبات التي تتاجر بالملخصات، مشيراً إلى ضرورة صدور مخالفات تجاه من يتعامل مع الأكشاك، مضيفاً أنه: يحمل المسؤولية لمن يتاجر بهذه الملخصات، إضافة لمن يشتريها ويقبل أن يكون ألعوبة بيد الأكشاك.
واقع طلابي
بالمقابل لسان حال الطلاب يقول غير ذلك، حيث يتم الاضطرار للاعتماد على الملخصات والنوط من قبل بعض الطلاب وذلك لعدم تمكنهم من الحضور الجامعي المنتظم، أو تكريس ساعات طويلة للدراسة من الكتاب الجامعي، وخاصة بالنسبة للكليات النظرية، ومنها كلية الحقوق، والسبب الرئيس بذلك لم يعد بخاف على أحد، حيث بات الواقع الاقتصادي المعيشي يفرض على الطلاب أن يعملوا من أجل لقمة العيش، ما يعيق إمكانية الحضور، وخاصة في ظل الظروف الحالية، طبعاً مع عدم إغفال أنّ بعض المدرسين يعمدون إلى إضافة بعض المعلومات من خارج الكتاب الجامعي خلال المحاضرات، ولعل ذلك يعود لعدة أسباب، منها أن مدرس المادة ليس بالضرورة أن يكون هو مؤلف الكتاب الجامعي المعتمد، بالإضافة لكون بعض الكتب الجامعية باتت بحاجة للتعديل حسب الإضافات التي يرتئيها أستاذ المادة، ما يعني قصور الكتاب الجامعي أحياناً عن كونه عصرياً ومحدثاً، ناهيك عن أن بعض الأساتذة يؤكدون على أن ما يوردونه في المحاضرات من معلومات هي المعلومات المطلوبة من المقرر، وليس الكتاب سوى مرجعٍ عامٍ عن المادة، وغيرها من الأسباب الأخرى.
إعادة الاعتبار للنوطة الجامعية
وعن علمية وصوابية مضمون الملخصات والنوط الجامعية فلعله من السهل معالجتها، حيث سبق وأن كان هناك مركزٍ جامعي معتمد لهذه النوط والملخصات، تحت إشراف الكليات والجامعات، ولكنه أخلى وجوده لمصلحة المكتبات الخاصة بهذا المجال منذ سنين طويلة، ومن غير العسير إعادة الاعتبار للملخصات الجامعية المعتمدة رسمياً، بما يحقق مصلحة الطلاب، منعاً لاستغلالهم مرتين، مرة بالمحتوى المشكوك بأمره، ومرة بالسعر المفروض، بمقابل فائدة مالية وعلمية تجنيها الكليات والجامعات من هذه الملخصات والنوط أيضاً.
علماً أن ذلك لا ينفي ما سبق ذكره أعلاه، من ضرورة إعادة النظر بجملة المدخلات والمخرجات على مستوى التعليم الجامعي، والسياسة المعتمدة به.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 822