الاستثناءات مرة اخرى
استبشر المواطنون خيراً بالأخبار المتداولة عبر وسائل الإعلام حول البدء بعمليات إزالة الحواجز الإسمنتية داخل بعض المدن والأحياء، وبعض الاجراءات الأخرى التي ستحد من التجاوزات القانونية من قبل البعض «المتكاثر».
العديد من الجهات العامة والمحافظات أصدرت بعض التعليمات، كما بدأت باتخاذ بعض الإجراءات على هذه المستويات، تحت عناوين مختلفة، جوهرها المواطن، وتأمين سبل الراحة والأمان له.
مقدمات صحيحة
مما لا شك فيه أن عوامل الأمن والأمان تحسنت نسبياً، وخاصة خلال الأشهر الأخيرة، في العديد من المحافظات والمدن السورية، على إثر البدء بتنفيذ اتفاقات وقف إطلاق النار، ومناطق خفض التصعيد، وهو ما انعكس بشكل مباشر على مستوى انحسار المعارك وتداعياتها وآثارها، والحد منها، اللهم باستثناء الخروقات التي تحدث هنا وهناك في بعض المناطق.
على إثر ذلك كان لا بد من أن تتعمق هذه العوامل لتنعكس بشكل إيجابي على المواطنين وحياتهم اليومية، عبر المزيد من الإجراءات التي تكرس الاستقرار، وتدفع به قدماً للأمام من أجل عودة الحياة الطبيعية للمواطنين، قدر الإمكان، بعد سني الحرب الطويلة، وما كابدوه خلالها من ويلات، ومنها ما تم البدء به على مستويات ضيقة ومحدودة، على أمل توسيعها وتعميقها بشكل أكبر.
نقطة انطلاق
بحاجة للتوسع والمتابعة
الحديث عن إزالة بعض الحواجز على الطرقات العامة، الرئيسة والفرعية، وعن إزالة بعض الكتل الإسمنتية لإعادة فتح الطرقات، التي كانت مغلقة لسنوات، وعن معالجة بعض المظاهر غير القانونية التي ازدادت واستفحلت خلال سني الحرب والأزمة، مثل: انتشار ارتداء اللباس العسكري من قبل غير العسكريين، وتفشي حمل السلاح خارج الأماكن المخصصة وبين المدنيين، وكثرة الجهات المانحة للبطاقات الأمنية، وتعدد مصادرها، وغيرها من الإجراءات الأخرى، لا بد أنها ضرورية، وبحاجة للاستكمال والمتابعة، سواء عبر تصدير التعليمات اللازمة المتعلقة بها، أو عبر الإجراءات التنفيذية الفعلية المرافقة لها، مع حسن متابعتها والمحاسبة على سوء تنفيذها، أو التراخي فيها، كون هذه الإجراءات ستنعكس إيجاباً على حياة المواطنين وستكون نقطة الانطلاق الضرورية، على مستوى الأمن والأمان، نحو استكمال عودته لحياته الطبيعية على بقية المستويات، وخاصة الاقتصادي المعيشي، والاجتماعي.
تفريغ للمحتوى
على ذلك فإن إجراءات مثل إزالة «الفيميه» عن زجاج السيارات والتي تم البدء بتنفيذها في العديد من المدن من قبل عناصر شرطة المرور، على الرغم من أهميتها وضرورتها من أجل البدء بوضع الحدود أمام المتجاوزين على القانون، إلا أنها تعتبر إجراءات بسيطة وغير كافية، فكيف الحال إذا ما تم العمل على تفريغ مثل هذا الإجراء، رغم بساطته، من محتواه، حيث تم الحديث مؤخراً عن استثناءات جديدة على هذا المستوى البسيط من الإجراءات، كي تعود حليمة لعادتها القديمة، فحسب ما تداولته وسائل الإعلام، بأن هذه الإجراءات لا تشمل المركبات التي بحوزة مالكها استثناء من «الفيميه»!
فإذا كان موضوع إزالة «الفيميه» عن السيارات، والتعليمات التي صدرت من أجل تنفيذه، بدأ اختراقه خلال أسبوع واحد بالاستثناءات «المقوننة»، فكيف الحال على بقية القضايا والمواضيع قيد البحث والحديث؟!.
وكيف سيكون الحال عندما تقضي الضرورة بالغوص بالواقع الاقتصادي المعاشي، والبدء بوضع الحدود أمام متجاوزي القانون على هذا المستوى، من أجل استكمال عودة الحياة لطبيعتها، والتي لا بد أنها ستطال العديد من كبار تجار الحرب والأزمة والفاسدين وأتباعهم وداعميهم؟ وهو أمر لا بد آت، وستأتي المحاسبة عليه، إن عاجلاً أو آجلاً!
لذلك تقضي الضرورة، كما تقتضي المصلحة الوطنية، أن تستمر الإجراءات التي تنعكس على حياة المواطنين بشكل إيجابي وعلى المستويات كافة، الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية، وبشكل متكامل ودون استثناءات، وبما ينسجم مع تقدم الحلول وتسارعها على المستوى العسكري والأمني، والسياسي الشامل.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 817