رياض الأطفال..  القبول بالشروط أو «الرياض غير المرخصة»!

رياض الأطفال.. القبول بالشروط أو «الرياض غير المرخصة»!

بدأت أمّ ميرنا البحث عن روضة لابنتها في المنطقة التي تعيش فيها (ركن الدين بدمشق)، فالتسجيل ينتهي مع نهاية شهر نيسان، لكن قد ينتهي نيسان وينتهي العام الدراسي بأكمله وميرنا بين أحضان والديها في المنزل. 

تعتبر ميرنا من الفئة الأولى في رياض الأطفال، أي: أنها أتمت الـ 3 سنوات من عمرها، لكن صغر سنها  لم يساهم نهائياً بخفض تكاليف التسجيل، بل بالعكس ساهم بتأزيم القضية نتيجة شروط رياض الأطفال «غير المنطقية».

ماذا يفعلون في الداخل؟!

تحاول الأمّ بدايةً، أن تلقي نظرةً على المقاعد التي ستجلس عليها ميرنا، والباحة التي ستلعب بها مستقبلاً، وأن تتأكد من النظافة بشكل عام وخاصةً الحمامات، إضافةً إلى الكادر التدريسي، وكل ما يجول في بال أية أمّ تجاه ابنتها التي ستقضي عاماً دراسياً كاملاً في روضة. 

لكن، كانت الصدمة الأولى التي تلقتها، بمنعها من الدخول إلى صفوف أو باحة  أية روضة خاصة، وحصر الزيارة في غرفة الإدارة فقط، وإن كان هناك فضول للإطلاع أكثر (يمكن زيارة صفحة الفيسبوك حيث الكثير من الصور) بحسب ما جاء رد بعض الإدارات للأم. 

وعند الاستفسار عن السبب، لم تكن هناك أية اجابة واضحة أو مقنعة، فقد تحجج بعضهم بأن (الأطفال في حصص درسية) وآخرون اكتفوا بالمنع دون تعليل بحجة (هذا نظام عملنا).

«هذا التصرف يثير الشكوك منذ البداية، ويصيبك بحالة من عدم الارتياح، فهل يخفون شيئاً ما؟، كيف يتصرفون مع الأطفال؟ وماهو مستوى النظافة؟، كيف سأرتاح وأنا في منزلي، وابنتي الصغيرة جداً في روضة لا أعرف شكلها؟» بحسب أمّ ميرنا، التي أضافت: «عندما لجأنا إلى روضة أطفال حكومية، كان الوضع أسوأ من هذه الناحية، فقد منعونا من الدخول عبر الباب الخارجي، مشترطين: يمكن دخول الروضة فقط عند الرغبة الفعلية بالتسجيل، والدخول حصراً سيكون إلى الإدارة!».

رسوم تسجيل خيالية!

الصدمة الثانية والأعنف بالنسبة لأمّ ميرنا، وغيرها من الأمهات اللواتي كنّ يبحثن عن رياضٍ لأطفالهن، هي: رسوم التسجيل، فقد تراوحت بين 60 و200 ألف ليرة سورية لرياض الأطفال الخاصة، وفي المنطقة ذاتها على الشارع العام من منطقة ركن الدين بدمشق، ولا تتضمن هذه الرسوم بأية من هذه الرياض، اللباس أو الكتب أو حتى المواصلات، ولم تعلن أية منهما أيضاً عن سعر هذه الخدمات حتى يبدأ العام الدراسي.

وبحسب جولة لـ «قاسيون»، تدرجت رسوم التسجيل في رياض الأطفال من 60 – 90 – 100 – 125 – 150 – 190 – 200 ألف في منطقة واحدة، وفي إحدى الروضات، التي طلبت رسوم تسجيل حوالي 100 ألف ليرة سورية، كانت هناك ورقة معلقة مختومة من وزارة التربية منذ عام 2015، تحدد رسم التسجيل بـ 35 ألف ليرة سورية، ولم يتم تعليق أية ورقة بتاريخ جديد!، ما يدل على عدم تعديل الرسوم حتى تاريخه.

وأيضاً، لم تقبل أيّةٌ من الرياض أن يتم تقسيط الرسوم على دفعات، في حين، قد تبين بدء إحداها بفتح باب التسجيل للعام الدراسي القادم، قبل أن تعلن ذلك وزارة التربية رسمياً، بينما أغلقت بعضها التسجيل منذ فترة لاكتمال العدد، ولم تفتح بعضها صفوفاً للفئة الأولى نهائياً، لعزوف الأهل عن التسجيل بهذه الفئة بنسبة كبيرة، نتيجة الظروف الاقتصادية.

الحل: روضة غير مرخصة!

وبالنسبة للرياض التابعة لوزارة التربية، فقد وصلت رسوم التسجيل للفئة الأولى إلى 15 ألف ليرة سورية دون كتب ومريول ومواصلات، وقد تزيد من 5 إلى 10 آلاف مع المريول والكتب، وعلى الرغم من أن المبلغ قليل، مقارنةً مع الرياض الخاصة، إلا أنه مرتفع بالنسبة لمدخول الأسر السورية الهزيل، وارتفاع تكاليف الحياة، وكل هذا دفع الكثير من العائلات إلى الإحجام عن التسجيل في رياض الأطفال، كما فعلت «أم ميرنا» التي قامت بتسجيل ابنتها في منزل إحدى جاراتها التي افتتحته كروضة غير مرخصة، وتقوم بتدريس الأطفال مقابل 2000 ليرة سورية بالشهر فقط.

غياب الرقابة!

وتكشف الجولة التي قامت بها «قاسيون» عن فلتان في عمل رياض الأطفال والرسوم المفروضة من قبلها دون رقابة من وزارة التربية، حيث من المفترض أن يتم تحديد الأقساط في المؤسسات التعليمية الخاصة (رياض الأطفال) وفقاً لأحكام المادة 37 من التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2004، والتي نصت على أن تلتزم المؤسسات التعليمية الخاصة قبل بداية تسجيل الطلاب في كل عام، واعتباراً من العام الدراسي (2013-2014) بالحصول على موافقة الوزارة على الأقساط المدرسية السنوية المحددة من قبلها لكل مرحلة، وإعلانها بشكل بارز في لوحة الإعلانات الخاصة بالمؤسسة، على أن يشمل القسط (الرعاية الصحية- الخدمات التعليمية – وثمن القرطاسية الخاصة بالمؤسسة التعليمية – رسم التسجيل) ما لم يكن موجوداً في أية روضة ضمن الجولة.

تجاوزات!

ومن التجاوزات الأخرى، أنه يجب على رياض الأطفال إعلام مديرية التربية وأولياء الأمور بأجور نقل الطلبة، وأجور الخدمات الأخرى وباقي الميزات، سنوياً قبل التسجيل، وهذا لم يتم أيضاً خلال الجولة، حيث يعد حجب هذه المعلومات عند طلب التسجيل مخالفةً صريحةً تستوجب المساءلة في ضوء المواد ذات الصلة بالقانون!.

وفي الوقت ذاته منح القانون علناً، إعادة النظر بالأقساط، لكن بما لا يتجاوز 5% كل سنتين، وبمعرفة وزارة التربية، على ألّا تشمل الزيادة الطالب القديم أكثر من مرة واحدة، في حين رفعت رياض الأطفال رسومها أكثر من 100% عن العام الماضي على الأقل، الأمر الذي يعزز فكرة غياب دور وزارة التربية الرقابي والإشرافي، على هذه المؤسسات.

كما أن للوزارة الحق في إعادة النظر في أحكام زيادة الرسوم، وفي حال صدور قوانين أو مراسيم بزيادة أجور العاملين أو قرارات بزيادة أسعار المحروقات، وإذا تجاوزت المؤسسة التعليمية الخاصة الأقساط المعلنة وفق البند الأول من هذه المادة، تتخذ بحقها العقوبات.

ولكن أين النصوص القانونية من حيز التطبيق، والواقع العملي؟

سؤال برسم وزارة التربية، تتزايد مشروعيته في ظل الظروف الاقتصادية والمعاشية الضاغطة على المواطنين عموماً، وأمهات وآباء الأطفال بعمر الروضات، من أصحاب الدخل المحدود خصوصاً، وفي ظل هذه الأسعار الفلكية التي تتقاضاها هذه المؤسسات، التي من المفترض أن تكون تعليميةً وتربويةً، وليست ربويةً.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
808