8 باصات لمليون مواطن وطلاب جرمانا أمام 4 خيارات أحلاهم مر!

8 باصات لمليون مواطن وطلاب جرمانا أمام 4 خيارات أحلاهم مر!

اكتظت جرمانا في ريف دمشق بالسكان خلال السنوات الأخيرة، نتيجة حركة النزوح من الريف الساخن المحاذي لها، ومازال عدد السكان يتزايد بشكل ملحوظ  لعدة عوامل، وهنا ما أفرز الكثير من  الأزمات في المدينة على أكثر من صعيد، ومؤخراً، اشتكى بعض الطلاب من تفرد شركة واحدة فقط في نقلهم إلى الجامعات، وتحكمها بالأسعار.

التوجه من مدينة جرمانا إلى المزة أو البرامكة (مكان تجمع الكليات) له 4 أساليب، فإما عبر السرافيس، أو التكاسي الجماعية، أو شركة نقل خاصة، أو باصات شركة النقل الداخلي، لكن ضرورة التنقل بثلاثة سرافيس للوصول إلى الكليات، وصعوبة الحصول على سرفيس صباحاً، أو انتظار باص النقل الداخلي لأكثر من ساعة، أو دفع 500 ليرة سورية ذهاباً و500 إياباً للتكاسي الجماعية، جعل أغلب الطلاب يتوجهون نحو الشركة الخاصة الوحيدة مجبرين!.

تفرد!

يجد كثير من الطلاب في شركة النقل الخاصة، الوحيدة التي تعمل حالياً، ملاذهم الوحيد، فلديها عدد باصات كافٍ، وتنظم وقتها تبعاً لمواعيد الطلاب.

لكن تفرد الشركة في العمل، كقطاع خاص، وعدم مواءمة باقي وسائل النقل الأخرى لحالة الطلاب الاقتصادية، وتلبيتها لعامل الوقت، وصعوبة الحصول على سرفيس صباحاً، جعل الشركة لا تتوانى عن رفع التسعيرة بين الحين والآخر.

العام الماضي، حددت الشركة تسعيرة الاشتراك الشهري بباصاتها للطالب الواحد بـ3000 ليرة سورية، ثم رفعتها بعد فترة إلى 3500، لكن في ذلك الوقت كانت هناك شركتان ضمن الميدان، وهو ما لم يستمر طويلاً، حتى خرجت إحدى الشركتين عن الخدمة لسبب غير معروف، وبقيت الشركة الحالية، التي قامت بعد ذلك برفع التسعيرة مرةً واحدة من 3500 إلى 5000 ليرة سورية.

سلسلة الرفع!

قيمة الرفع كانت صادمةً بالنسبة للطلاب وذويهم، مادفعهم للاحتجاج ومطالبة الشركة بخفض الاشتراك، وفعلاً قامت الشركة بخفض قيمة الرفع 500 ليرة سورية فقط، ليصبح الاشتراك الشهري 4500، مايثبت أنها كانت قادرةً على تحديد سعر منطقي، ولولا احتجاج المشتركين لاستمرت التسعيرة!.

عاودت الشركة مرةً أخرى هذا العام ورفعت الأسعار من 5000 إلى 7000 ليرة سورية دفعة واحدة، ويبدو أن الشركة اقتنعت بالأسلوب السابق، الذي اتبعته في رفع التسعيرة القديمة، وهو أسلوب «المفاصلة غير المعلنة» لفرض الأمر الواقع، حيث تقوم برفع الإشتراك لحد معين، وتنتظر الإحتجاج لخفض السعر من قيمة الرفع بنسبة قليلة، والظهور بمظهر «الشركة الحنون».

استجابت الشركة فعلاً لمطالب المشتركين نظرياً، وخفضت الإشتراك 1000 ليرة، ليحدد بـعدها بـ 6 آلاف ليرة، وهذا دليل آخر أن الأسعار التي تضعها مبالغ بها، عدا عن أن تصرف الشركة يؤكد أنها لا تلتزم نهائياً بتسعيرة معينة من محافظة ريف دمشق أو المرور، وكل ما هنالك هو قرار منفرد من صاحب الشركة، دون الرجوع لأحد، أو رقابة من أحد!.

أصبحت التسعيرة الجديدة معتمدةً، لكن الشركة قد ترفعها لاحقاً وبشكل متواتر دون مساءلة من أية جهة حكومية، كما يحدث حالياً بخصوص «التكسي سرفيس» الخاص بمدينة جرمانا، حيث تصطف يومياً هذه التكاسي فوق جسر الرئيس، لتعبئة طلاب الجامعات، أو الركاب العاديين، ولا يتم التحرك حتى يجلس في التكسي الواحد 4 ركاب.

بدأت تسعيرة ركوب شخص واحد في «التكسي سرفيس» من جسر الرئيس إلى جرمانا، أو من ساحة الرئيس إلى جسر الرئيس بـ 150 ليرة سورية العام الماضي، ثم تدرجت ارتفاعاً من 150 إلى 200 ثم 250 وبعدها 300، ومع بداية العام الحالي ارتفعت إلى 500 ليرة.

((تكسي)) مخالف

جميع هذه التكاسي تعمل دون ترخيص، مستغلةً فشل محافظة دمشق بتشريع عمل «التكسي سرفيس» ضمن ضوابط معينة، وعدم وجود رقابة من عناصر شرطة المرور الموجودين عند مناطق تجمعهم، رغم وعود هاتين الجهتين بضبط الظاهرة، والتعامل معها بجدية.

عضو المكتب التنفيذي لشؤون النقل في محافظة دمشق هيثم ميداني، اعترف في تصريحات صحفية: أن الكثير من السيارات تطبق «التكسي سرفيس» لكن بشكل عشوائي وغير منظم، ما يتطلب وجود ضوابط أكبر، داعياً «أي مواطن للشكوى على أية مخالفة، ليصار إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة».

ربما تكون دعوة ميداني للشكوى على أية مخالفة بخصوص «التكسي سرفيس»، إحدى أساليب «التطنيش» عن المخالفة، بدلاً من العمل على الحد من الظاهرة بخطة معينة، فكيف يمكن للشخص أن يشتكي على مخالفة ما، ضمن  منظومة تعمل بشكل مخالف تماماً؟

8 باصات فقط (والتكسي سرفيس) فاشل

ميداني أكد أنه: «سيتم استكمال الإجراءات كلها بخصوص تنظيم عمل التكسي سرفيس، ودعوة أصحاب سيارات التاكسي للتسجيل مجدداً عبر خطوط سير منتظمة للسيارات، لتسهم بالتخفيف من أزمة النقل»، ويعتبر هذا الحديث مكرراً على مدار سنتين، لم تستطع فيها المحافظة تنظيم الآلية، وإقناع السائقين بالتسجيل، طالما هم يعملون بشكل مخالف، وبالتسعيرة التي يريدون، وسط «رضى مبطن» كما وصف البعض.

وفي العودة إلى جرمانا، والحل المفترض في زيادة عدد باصات شركة النقل الداخلي، أكد مصدر في بلدية جرمانا لـ «قاسيون»: أن عدد الباصات هو 8 فقط، تخرج من جرمانا إلى المواساة بدمشق، وهو عدد غير كاف وبحاجة إلى زيادة، نتيجة عدد السكان الكبير، بينما وجد عدد من الطلاب، التقتهم «قاسيون» أن رقم 8 مبالغ فيه، فانتظار الباص قد يطول حتى ساعة كاملة أو أكثر غالباً، وعمل هذه الباصات لا يستمر طيلة فترة الدوام في الجامعة.

إضافةً إلى ذلك، فتعداد سكان جرمانا وصل إلى أكثر من مليون نسمة، وبهذا يكون عدد الباصات الـ 8 غير منطقي، ولا يكفي لتأمين حركة النقل بالشكل المطلوب، خاصةً مع الأخذ بعين الاعتبار طول الطريق والازدحام المروري وكثافته، بالإضافة إلى الحواجز المنتشرة، وفترات الانتظار الإضافية المرتبطة بازدحامها.

ليدفع المواطنون، وخاصةً شريحة الطلاب، ضريبة سوء تنظيم النقل من وإلى جرمانا، الناجمة عن قلة عدد باصات النقل الداخلي والسرافيس العاملة على الخطوط من طرف، وتحكم الشركة المحتكرة لنقل الطلاب من طرف آخر، دون رقابة أو قيود وضوابط، ناهيك عن (السرفيس تكسي) الذي تفشى استخدامه تحت ضغط الحاجة والضرورة، وذلك كله على مرأى ومسمع محافظة ريف دمشق وشرطة المرور، وشركة النقل الداخلي، دون أي إجراء عملي لحل هذه المشكلة، بأبعادها (المادية المكلفة، والمستنزفة للوقت والجهد)!.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
806