ما الذي تَبقَّى من منظماتنا «الشعبية»؟!!

إن المنظمات والاتحادات والنقابات المهنية وجدت كمؤسسات اجتماعية تكمِّل عمل الدولة، وتساعد فئات المجتمع المختلفة للقيام بدورها في تطور ونهضة المجتمع، بما يتلاءم مع خصوصية كل شريحة وفئة اجتماعية ينتمي لها أي مواطن من بلدنا. ونحن نعرف بأن المنظمات والاتحادات الشعبية أحدثت للقيام بمهمات واضحة من أجل خدمة المنتسبين إليها، وسنتناول فيما يلي الوضع السيئ والمتدهور الذي وصلت إليه الكثير من منظماتنا الشعبية التي نخرها الروتين والبيروقراطية والفساد، وموضوعنا يتناول ظاهرتي الدورات الدراسية التي تجريها منظمة شبيبة الثورة، وروضات الأطفال التابعة للاتحاد العام النسائي.

فبالنسبة  لموضوع دورات الشبيبة التي أحدثت لتقوية مستوى طلابنا في الشهادتين الإعدادية والثانوية، لوحظ ارتفاع كبير في أسعار تلك الدورات التي أحدثتها الشبيبة بالأصل تحت شعار مساعدة طلابنا على متابعة دورات مناهج التقوية بأسعار مخفضة، لأن معظم طلابنا لا يستطيعون متابعة تلك الدورات في المعاهد الخاصة، أو لا يستطيعون تلقي الدروس الخصوصية في البيت، وبعد متابعاتنا لأسعار دورات الشبيبة في محافظة طرطوس، لاحظنا ارتفاع أسعار هذه الدورات من /3000/ إلى /5000/ ل.س في العام الماضي، أما في هذا العام فقد وصلت إلى /8000/ ل.س، وهذا سعر مرتفع لا يناسب مطلقاً أغلبية طلابنا، خاصةً إذا قمنا بعملية حسابية للمقارنة بين أسعار دورات الشبيبة وأسعار المعاهد الخاصة، حيث أننا سنجد أن أسعار الشبيبة هي أسعار تجارية بحتة، إذا علمنا أن أسعار أكثر من معهد خاص زرناه بلغت /12000/ ل.س لمناهج دورات المرحلتين الثانوية والإعدادية، صحيح أن هذه الأسعار تزيد بعض الشيء عن أسعار دورات الشبيبة، ولكن عدد طلاب أية شعبة في المعاهد الخاصة لا يتجاوز 15 طالباً، في حين أنه يناهز الـ30 طالباً في معاهد الشبيبة، فإذا حسبنا الفارق نجد أن معاهد الشبيبة قد أخذت من طلابنا أموالاً أكثر بكثير من المعاهد الخاصة، خاصةً إذا عرفنا أن الشبيبة تقيم كل نشاطاتها في مدارسنا الرسمية دون مقابل، وتعيُّن مدرسين أقل كفاءة وخبرة، وبالتالي فإن المشرفين على شبيبة الثورة يشجعون الطلاب على اللجوء إلى المعاهد الخاصة، لأن الأسعار متقاربة بينهما، والكفاءة والاهتمام أكبر في المعاهد الخاصة.

أما بالنسبة لروضات الاتحاد العام النسائي فالوضع فيها لا يقلُّ تردياً، ونتحدث هنا طبعاً عن محافظة طرطوس، فمثلاً روضات الاتحاد المنتشرة في المحافظة قد ضاعفت مرتين أسعار رعاية الأطفال فيها في السنوات الثلاث الماضية، فمن /3000/ل.س وصلت الأسعار هذا العام إلى حوالي /7000/ ل.س، والروضات الخاصة التي زرناها في ريف طرطوس كانت أسعارها تتراوح بين /1000/ و/12000/ ل.س، وكما هو الحال في دورات الشبيبة فإن عدد الأطفال المتكدسين في هذه الروضات هو أكثر بكثير من عددهم في المعاهد الخاصة، وإذا عرفنا أن الروضات الخاصة تتكفل بتأمين وسائط النقل، التي أصبحت كلفتها مرتفعة جداً اليوم بعد رفع أسعار المحروقات، هذا فضلاً عن أهميتها للأطفال الصغار ولأهلهم، وإذا عرفنا أيضاً بأن الاتحاد النسائي يقيم هذه الروضات في المدارس الرسمية غالباً، بتجهيزات ذات مستوى أدنى بكثير من تجهيزات الروضات الخاصة، فسندرك أن أسعار روضات الاتحاد النسائي مرتفعة جداً، ولن نتحدث هنا عن الكفاءة، لأنها مسألة نسبية بالنسبة لطلاب مبتدئين.

وهكذا فإن الخدمات التي تقدمها المنظمات «الشعبية» لا تراعي وضع طلابنا الفقراء، والظروف الاقتصادية الصعبة لأكثر من 80% من أفراد  شعبنا، مما يجعلنا نقول بأن المشرفين على هذه المنظمات قد حولوها إلى منظمات تجارية بامتياز، مبتعدين تماماً عن الأهداف النبيلة التي أنشئت لأجلها بالأصل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
386
آخر تعديل على الجمعة, 16 كانون1/ديسمبر 2016 16:43