من أجل نظام انتخابي فعَّال ومتقدم
وتحت عنوان: «من أجل نظام انتخابي فعال ومتقدم» تتابع «قاسيون» هذا الملف مع الرفيق منصور أتاسي:
مجمل التطورات التي تمت في المجتمع لم تلحظ في قانون الانتخابات
المطالبة بتعديل قانون الانتخابات هام لعدة أسباب سياسية منها:
1. مضى على إصدار القانون المعمول به حوالي خمسين عاماً وتوقفت التعديلات اللازمة عليه منذ عدة عقود.
أي أن مجمل التطورات التي تمت في المجتمع لم تلحظ في قانون الانتخابات.
2. إن شعار التطوير والتحديث الذي طرح أخيراً يتطلب تطوير القوانين الناظمة للنشاط السياسي والاجتماعي العام ومنها قانون الانتخابات.
3. ويزداد الاهتمام بقانون الانتخابات مع اقتراب انتخاب مجلس الشعب الذي سيستمر لفترة أربعة أعوام والذي يجب أن ينسجم شكل انتخابه مع المهام المطروحة أمامه.
أثناء مناقشة هذا القانون وأي قانون يخص النشاط السياسي الجماهيري العام يُطرح سؤالان رئيسيان:
1. هل يمكن أن تفعل التعديلات المقترحة أو المقررة فعلها في ظل قانون الأحكام العرفية مهما كانت هذه التعديلات هامة؟
2. ما هي التعديلات التي تحقق الهدف المطلوب الآن؟
والسؤال الأول يجيب على نفسه فنحن نعتقد أن أي تعديل للقانون مهما كان هاماً لايمكن له أن يفعل فعله أو يؤثر إيجابياً في ظل قانون الطوارئ المعمول به منذ عشرات السنوات.
لذلك فإن سائر القوى الوطنية أو غالبيتها مقتنعون بأن الأساس في أي تطوير هو رفع قانون الأحكام العرفية.
والسؤال الثاني يتحدد بتصور السلطة حول التعديلات التي تراها لهذا القانون وفهمها للتعديل.
خلال التجربة الملموسة يمكن أن نلحظ أن قانون العاملين الموحد الذي كان مطلباً وطنياً ثم قانون المطبوعات قد صدرا بما ينسجم ومطالب الحكومة، فقانون العاملين الموحد صدم الطبقة العاملة وانقض على عدد من مكتسباتها التي تحققت بفعل نضالها الطويل. وقانون المطبوعات، والذي أسمي بحق قانون العقوبات، جاء متخلفاً عن القانون الذي كان معمولاً به منذ الخمسينات. وهذا يؤكد على أهمية المبادرة من قبل كل القوى الوطنية لصياغة قوانين تلبي حاجة التطور ولا تثبت الوضع الراهن.
وبكل الأحوال علينا أن نعلن أنه إذا صدر عن الحكومة مشاريع قوانين للأحزاب أو الانتخابات لا تلبي حاجة وطنية فإن هذا يؤكد أن إي إصلاح عملي لا ترغب أن تقوم به الحكومة وأن شعار الإصلاح سيصبح كباقي الشعارات التي تلبي حاجة إعلامية أكثر منها حاجة واقعية، ومن هنا فإن المبادرة التي بدأتها «قاسيون» ستساهم بتكوين تصور وطني لشكل التطوير المطلوب، يوضع أمام مجلس الوزراء ومجلس الشعب لاحقاً. والآن ما هي النقاط التي يجب تعديلها وتطويرها؟
إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب عرض مجموعة النقاط المعرقلة لعمل المجالس والنشاط الانتخابي معاً والتي تعكس تراجعاً في عمل المجالس وابتعاد الجماهير عن المشاركة في الانتخابات وغير ذلك وهي:
1. اعتماد شكل الدائرة الانتخابية الواسعة /كل محافظة دائرة انتخابية/ والتأثير السلبي لهذا الشكل في تأمين تنافس حقيقي وفي تقديم برامج ملموسة أو لقاءات محاسبية بين النواب والناخبين وغير ذلك من الأفكار التي نشرت في العدد رقم 180 من جريدة «قاسيون».
2. تشكيل القوائم: تتشكل القوائم الانتخابية من قسمين:
الأول: يتألف من مرشحي الجبهة الوطنية التقدمية، هذا القسم لا يتم أي تنافس عليه، وغالبية أحزاب الجبهة لا تقدم برامج انتخابية ولا تحاسب عن عملها لا من قبل أحزابها ولا في الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة ولا أمام الناخبين، وتتلخص الحملة الانتخابية التي تقوم بها فروع أحزاب الجبهة بالتأييد المطلق لنشاط الحكومة دون أية ملاحظة انتقادية أو تسجيل هدف مستقبلي. وعمل مجموعات الجبهة داخل المجالس المتتالية كان باستمرار ما عدا بعض الاستثناءات البسيطة ينسجم ويؤمن ويسهل نشاط حكومة. فقد وافق مجلس الشعب على كافة المشاريع المقدمة من الحكومة مع تعديل بعض الفقرات في بعض مشاريع القوانين.
الثاني: يتألف من مستقلين بلا برامج وغالباً ما تتشكل قوائم «المستقلين» من زعماء طوائف وقبائل وعشائر تتناقض في طبيعتها مع طبيعة الأحزاب المكونة للجبهة الوطنية التقدمية. واستطاع هذا التناقض التعايش بسبب عدم فعالية المجالس.
وإذا اضفنا لذلك أن قدرات سكان المدن لا تنسجم وتأمين حشد لمرشحي المدن كما يفعل المرشحون المذكورون أعلاه فإن سكان المدن لا يساهمون بشكل فعال في الانتخابات وتنحصر الصراعات بأوساط القبائل وغيرها ويبرز شكل الصراع المتخلف ويتوارى شكل الصراع الحضاري المتطور.
ويتحول القسم المستقل من أعضاء مجلس الشعب إلى واجهة للزعامات وتصل إليه قوى غير فاعلة ولا منسجمة مع المهام المطروحة أمام المجالس. إن كل ذلك يتطلب:
1- أن تغطي الدولة المرشحين والقوائم المرشحة مادياً وإعلامياً أي أن يحدد لكل عضو يستمر مبلغاً محدداً يصرف في النشاط الانتخابي المباشر أي لا يسلم كنقود وأن يسمح أو يخصص القانون للمرشحين فترات معينة في أجهزة الإعلام المرئي والمسموع وفي الصحافة لعرض برامجهم الانتخابية ولتأمين مناقشات علنية مع جمهور الناخبين ولأن هذه المهمة قد تخلت عنها الدولة، فإن القدرات المادية لكل مرشح هي التي تسمح له بالترشيح.. وهكذا ترشيح يوصل إلى مجلس الشعب أناساً يملكون ثروات كبيرة وقسم منهم جمع ثرواته بأشكال غير قانونية. وأُبعد بالمقابل عن مجلس الشعب مثقفون ومناضلون وطنيون ونقابيون لم تسمح لهم قدراتهم المالية تأمين التغطية الكافية للنشاط الانتخابي. وهناك أمثلة مريرة في كل المحافظات، فالتوجه الأخلاقي والوطني والكفاءات العلمية غير كافية في ظروف القانون الحالي ، غير كافية لدفع أصحابها للترشيح والمشاركة في الانتخابات إذا لم تدعمه الدولة وبقوة القانون أي ألا يحصر الدعم في المجموعات القريبة من الحكومة وتحرم منه المجموعات الأخرى.
2. شكل عمل المجالس: يحرم على المجالس مناقشة وإصدار مشاريع قوانين تقدمها الكتل النيابية مباشرة إلى المجلس، فقد حصر نظام المجالس أو القانون هذه الصلاحية بيد الحكومة. على أن ترسل مشاريع القوانين المقدمة من عدد من أعضاء مجلس الشعب إلى الحكومة وهي التي تقرر إعادتها أو عدم إعادتها إلى المجلس.. وهكذا لم يستطع مجلس الشعب مناقشة وإقرار أي قانون قدمه عدد من أعضائه، والعديد من المبادرات التي تقدم بها أعضاء المجلس بقيت جميعها في أدراج السلطة التنفيذية.
إن ذلك أضعف إلى حد كبير دور مجلس الشعب على حساب السيطرة المطلقة للحكومة. والقانون لم يمنح أعضاء المجلس الصلاحية الكافية ولا يلزم الصحافة بنشر ما يكتبه عضو المجلس ولا يلزم السلطات بتأمين الأماكن الضرورية لاجتماع عضوالمجلس مع ناخبيه ولا يحق له كعضو فرد في المجلس التدخل أو متابعة قضية يرى أنها مهمة ولا يخصص رئيس مجلس الوزراء أياماً علنية محددة لاستقبال أعضاء المجلس ولا يعكس الإعلام القضايا التي يطرحها أعضاء المجلس مع رئيس الوزراء إذا تم اللقاء وهكذا يبقى نشاط أعضاء المجلس والكتل النيابية مغلقاً وتنتهي العلاقة مع الناخبين بعد الانتهاء من الإدلاء بأصواتهم في مراكز الانتخابات.
إن كا ما ذكر أكد أن ليس هناك فصل حقيقي بين السلطات المتعددة أي تشريعية وتنفيذية وقضائية مما يسهل هيمنة السلطة التنفيذية وهذا سهل مجمل مظاهر الفساد والتخلف الموجودة في بلادنا. وأكد على أهمية تطوير قانون الانتخابات بهدف تأمين سلطة تشريعية فاعلة ومؤثرة.
إن كل ما ذكر يجعلنا نقدم المقترحات التالية كتوجهات أساسية لتعديل قانون الانتخابات والقانون الناظم للعمل السياسي:
1. اعتماد دائرة انتخابية واحدة في سورية واعتماد الانتخابات النسبية بشكل يمكنها من تأمين أوسع مشاركة وطنية في مجلس الشعب القادم. إن هذا الشكل الأفضل لتحطيم البنى وطرائق التفكير المتخلفة ويشكل واقعاً جديداً قادراً على تنفيذ التوجهات التي أعلن عنها في مناسبات مختلفة.
2. إلزام الدولة بتقديم المساعدات المطلوبة للمرشحين وخصوصاً للقوائم الداخلية على أن تتكون هذه المساعدات من:
مساعدات مالية مثل تخفيض تكاليف المطبوعات وتغطية نفقة الوكلاء…إلخ.
السماح للمرشحين أفراداً وقوائم بعقد اجتماعات واسعة في التجمعات الكبرى عمالية وسكنية وغيرها يقدم فيها المرشحون برامجهم ويتناقشوا مباشرة مع الناخبين.
تأمين فترة بث معينة لكل مرشح أو مجموعة في أجهزة الإعلام المختلفة، تلفزيون.. إذاعة ، صحافة.. مع إجراء حوار مباشر مع الجمهور عبر هذه الوسائل.
إلزام السلطات التنفيذية بإعادة مشاريع القوانين المقترحة من أعضاء مجلس الشعب خلال فترة ثلاثة أشهر والسماح للمجلس بالمناقشة بعد الانتهاء من الفترة المحددة إذا لم تقدمها الحكومة.
إصدار قانون للأحزاب قبل فترة مقبولة من بدءالانتخابات.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 182