مفيد حداد مفيد حداد

إلى أين يسير التعليم الجامعي؟ المزاد العلني.. في التعليم الموازي!! إعادة هيكلة النظام التعليمي لتلبية حاجات المجتمع

نصف قرن وأكثر مضى على استقلالنا، تبدلت أسماؤنا في مواقع القرار، و تغيرت ألوان الرايات. وهذا أمر طبيعي، لأنه ما من تقدم دون تغيير.

كانت طموحاتنا كبيرة منذ أن خرجنا من المنعطف العثماني، ولم يرد البرد عنا معطف الملك فيصل الذي غادرنا إلى دجلة ليسبح في مياه أخرى. وعنوة ارتدينا القبعة الفرنسية، ولسنوات نبحث عن الاستقلال، ينتظره البعض ويسعى البعض الآخر لانتزاعه.

 غموض الرؤية الواضحة للمسألة التعليمية غير مطمئن إزاء مستقبل شعبية التعليم المعمول بها في سورية منذ الاستقلال

 لسنا مع إقامة الجامعات الخاصة حيث لا يتساوى الذين يملكون والذين لا يملكون؟؟!!

 القرارات المرتجلة لا تصنع استقراراً تعليمياً

رعاية الأغنام وقطف القطن أكثر ريعية من الشهادات المزخرفة!!

 أديسون، هو لم يصنع معجزة في علاماته ولكنه صنع حضارة وصلت إلى كل بيت في العالم!!

 «خطة التعليم» أمنت أعداداً وفيرة لمدارس الشرطة، يحسن المتخرجون منها استخدام الصافرة وكتابة التقارير الجنائية والمرورية!!

 العملة الصعبة ثمن نجاح بعض الطلبة!!

وعند كل المنعطفات كانت طموحاتنا كبيرة وآمالنا أكبر ومشاريعنا كثيرة، وهذا حق لكل الشعوب، لذلك كانت كل الأناشيد التي تعلمها تلاميذنا بحجم هذه الطموحات وتلك الآمال، ولكن الأناشيد وحدها لاتصنع مجداً مؤزراً، ولا الخطابات الحماسية والشعارات المثيرة تبني وطناً واقتصاداً.

اعتقدنا (ونحن على حق) أن التعليم سيضع أبناءناعلى السكة الصحيحة في المسار الطويل علماً وثقافة وحضارة، وصنعنا الوعاء التعلميي انطلاقاً من هذه المقولة، ومكتب عنبر الذي تخرج منه الرواد صار (عنابر) كثيرة، وامتد التعليم ليصل إلى القرى النائية لا بل وصل إلى البدو الرحل في البادية.

وفي عام 1920 تأسست (الجامعة السورية) التي هي جامعة دمشق الآن، وانتقل بناؤها إلى مكان آخر ليستقر أخيراً في مواقع مختلفة من العاصمة شرقاً وغرباً.

وبعد ستين عاماً من ولادة الجامعة السورية ظهرت جامعة حلب ثم تلاحقت ولادات أخرى في اللاذقية وحمص فظهرت جامعتا (البعث) و (تشرين)، ناهيك عن فروع أخرى هي بعض جوائز ترضية على شكل معاهد في بعض المحافظات التي تئن أرضاً وسماء.

ثمانون عاماً ونحن في سباق مع الزمن، آلة التعليم تقذف بالمتعلمين إلى وظائف الدولة، وكانت أكبر الطموحات بعد الاستقلال أن يصبح المواطن موظفاً أي (ابن حكومة)، دخل يتناسب مع المعيشة ويزيد، موقع مؤثر، وأناقة يحسد عليها.

الخلل ظهر مبكرا

إلا أن الخلل في آلة التعليم ظهر مبكراً، و صارت تنتج أولئك الذين يتقنون القراءة والكتابة دون علم وإبداع، وهذا ينطبق حتى على حملة الشهادات، والخطر في هذا الخلل كان عظيماً لأنه تسرب إلى كل مفاصل المجتمع، فصارت أوجاعه أكبر من أن تحتمل خاصة وأن بعض حملة هذه الشهادات صاروا في موقع المسؤولية يضيفون أوجاعاً  على أوجاع.

وعلى مدى سنوات نقل التعليم إلى غرفة العناية المشددة ولكن دون جدوى لأن الأطباء الذين تصدوا لمعالجة القضية كانوا مصابين بالحمى التعليمية. وخلال العقود الخمسة الأخيرة وصل إلى دمشق خبراء من فرنسا واليابان والولايات المتحدة وروسيا وغيرها لدراسة الواقع البيئي ومعالجة الازدحام وأزمة المياه، وقدمت دراسات (سوفييتية) وإيرانية وفرنسية وبريطانية في كيفية حفر الأنفاق وإقامة المترو لنقل دمشق المزدحمة لتحت الأرض، ومن الغريب أنه وبعد كل دراسة كانت السيارات العاملة على المازوت تزداد انتشاراً في شوارع العاصمة..

ترقيع.. وحلول مؤقتة

وعلى هذه الشاكلة كان التعليم يخرج بعد كل دراسة إلى أوضاع أكثر تعقيداً. كان المكلفون بالمعالجة والدراسة يتناولون المرحلة الابتدائية بمعزل عن المراحل التالية، أو يقدمون تقريراً عن الدراسة الجامعية دون الأخذ بعين الاعتبار المراحل التي سبقتها. ووفق الحلول المؤقتة وعمليات التجميل كانت تجري سياسات الترقيع.

لم نصل إلى الطموحات العامة أو الخاصة، وإذا بقينا نراوح في المكان الذي ابتدأنا منه فهذا من أكبر الخسائر، ومعركة التعليم تختلف عن المعركة العسكرية، فالقوات التي تحافظ على  مواقعها هي المنتصرة، أما في التعليم فالذي يحافظ على موقعه هو المهزوم الأول على الصعيدين الشخصي والوطني. ومن المفيد أن نذكر ماقالته (غولدامائير) في الخمسينات وهي واحدة من أركان الصهيونية، (بأن معركة «إسرائيل» ليست عسكرية فقط، لأن انتصارنا يكمن في تخريب التعليم داخل الدول العربية).

الحشو الآلي..

وبعد خمسين عاماً من هذا الكلام، غولدامائير لم تعد موجودة ولكن المساعي المحمومة للتخريب قد حصلت وفي كل دولة عربية تم اختيار الأسلوب المناسب للتخريب التعليمي. ويجمع هذه الدول العربية (تخريبياً) شيء واحد هو حشو عقول الطلبة حفظاً وتكراراً ومعلومات لا تدفع عجلة الحياة إلى الأمام، ومازلنا نلقن الطلبة في المدارس الإعدادية والثانوية ارتفاع الجبال وأطوال الأنهار وأسماء العواصم، ونجبرهم على حفظ مئات الأبيات وما صنعه تيمور لنك وجنكيز خان.

أمية فوق أمية..

اختارت الدولة منذ الاستقلال منحى شعبية التعليم وخاصة المرحلة الابتدائية وأطلقت عليها تسمية التعليم الإلزامي، ونجحنا ولاشك من خلال خطة التعليم هذه من تأمين أعداد وفيرة لمدارس الشرطة، يحسن المتخرجون منها استخدام الصافرة وكتابة التقارير الجنائية والمرورية.

وصرفت الوزارات المختصة مبالغ كبيرة على دورات محو الأمية بين الكبار في محافظات كثيرة، وجرى تصوير هذه الدورات تلفزيونياً، و كنا سعداء من عرضها على شاشتنا الصغيرة!! إلا أن العرض شيء والواقع شيء آخر. فما يتم تجفيفه من الأمية نهاراً يعود لينبع ليلاً فتمتلئ المستنقعات أمية فوق أمية، حيث التسرب من التعليم الإلزامي بقي قائماً وتصعب السيطرة عليه خاصة بعد أن أحس الآباء والأمهات بأنه لاجدوى من تعليم الأبناء. فرعاية الأغنام وقطف القطن أكثر ريعية من الشهادات المزخرفة ويكفي أن نقول بأن عدد المتسربين في محافظة دير الزور خلال السنوات الخمس الأخيرة بلغ أكثر من ثلاثين ألف طالب وطالبة.

المأزق الحرج

ولعل الذين هجروا الدراسة أكثر حظاً من الذين حصلوا على الشهادات الجامعية، ولم تعد فرص العمل توفر مكاناً للمتخرجين الجامعيين، و لم تتواكب التنمية الاقتصادية مع الزيادة السكانية العشوائية في سورية وهي من الدول الأكثر إنجاباً في العالم، دون أن تكون هناك خطة واضحة لتحديد النسل  والحبل على الجرار، الدولة في مأزق والمواطنون في مأزق أيضاً، لسان حال الناس يقول: (نحن ننجب الأولاد وعلى الدولة أن توظفهم). الحقيقة مرة، لا الماء صار يكفي وحتى الهواء صار ملوثاً، واكتظت المدارس والجامعات، والوظائف المتوفرة في الخمسينات كانت تتناسب والخمسة ملايين مواطن، أما الآن وقد أصبحنا على حدود العشرين مليون مواطن فمن أين لنا أن نفتح ثغرات وشواغر في دوائرنا لتوظيف العاطلين عن العمل؟

البطالة المقنّعة

 في وزارات الدولة الآن أكثر من مئة ألف موظف حسب تقرير أحد الخبراء يمارسون البطالة المقنعة يقبضون راتبهم دون فائدة من وجودهم ولا تستطيع هذه الوزارات رميهم في الشوارع لو حاولت تحديث قوانينها والتغلب على الروتين القائم باستبعاد والاستغناء عن مراحل في تسيير الأمور معتمدين على الحاسوب والمتابعة الإلكترونية لخدمة المواطنين.

التقنيات الحديثة العالمية اختصرت من اليد العاملة مع زيادة في الإنتاج. نحن ماذا حصل لدينا؟

كان معمل (بردى) يسيره ستون عاملاً، الان أكثر من خمسمئة عامل والإنتاج أقل مما كان عليه. والجامعات حالياً مثل (بردى) ، كان عدد طلابها أقل ولكن المتعلمين أكثر، الآن صار عدد طلابها أكثر ولكن المتعلمين أقل. ومع ذلك فإن حلم الشهادة الثانوية يطارد الأبناء والآباء والأمهات على حد سواء، الجميع يهرول وراء الشهادة الثانوية، وتهرول إلى الأمام دائماً علامات القبول في الجامعات، وقد تدخل هذه العلامة موسوعة غينيس إن عاجلاً أم آجلاً حيث تحقَّقُ أرقام قياسية جديدة في مجاميع الطلبة الناجحين والمقبولين.

«لملمة» العلامات!!

لقد زرعت وزارتا التربية والتعليم العالي في أذهان المجتمع أن الطالب الأكثر ذكاءً هو ذلك الذي يحفظ أكبر كمية ممكنة من الأوراق المكتوبة، وبالتالي يستطيع أن يحصل على أعلى العلامات القياسية، ولتذكير هاتين الوزارتين نقول بأن علماء العالم الذين غيروا مجرى الحياة باكتشافاتهم واختراعاتهم لم يكونوا الأكثر (لملمة) للعلامات وحفظاً للصفحات، ويكفي أن نذكر الكهرباء لنتذكر أديسون، لم يصنع معجزة في علاماته ولكنه صنع حضارة وصلت إلى كل بيت في العالم.

ارتفاع بورصة العلامات..

والشروط التعجيزية

في هذا العام بلغ عدد الناجحين في الشهادة الثانوية بكافة فروعها أكثر من 150 ألف طالب وطالبة. إلى أين ستذهب الدولة بهم؟ كلهم كانوا يطمحون إلى الطب والهندسة، لماذا؟ لأن الطب والهندسة أقرب الطرق للحصول على الثروة؟ إذاً الموضوع هو الثروة الشخصية، ولأن مقاعد الطب والهندسة في الجامعات الأربع محدودة فلابد من رفع التسعيرة. فما هي أسعار بورصة دمشق الجامعية في هذا العام؟ لنستعرض هذه التسعيرة كما وردت في نتائج المفاضلة: الطب البشري 232، طب الأسنان والصيدلة 229، المعلوماتية 228، الهندسة المدنية 225، معهد التعويضات السنية 215، اللغة اليابانية قفزت تسعيرتها من 125 علامة إلى 205 وصار لها سوق رائجة في حياتنا الدراسية، هذا نموذج لتسعيرة العلامات، وفي العام القادم سترتفع أكثر وشروط الانتساب أعظم، والإحباط يعم الغالبية، ونحن نتساءل: إذا كان طالب الطب الذي قُبل في هذا العام سينقذ الموتى ويعيد الحياة إليهم بعد سنوات من دراسته، أو المهندس المدني الذي سيعيد بناء برج بابل بأحدث الطرق الهندسية، بحاجة إلى مثل هذه العلامات؟ وأمام الشروط التعجيزية لدخول الجامعة كان الأهل يدفعون أبناءهم لإعادة الحصول على الثانوية وهذا صار (موضة)، أو يدفعونهم إلى خارج الوطن للدراسة إذا كانت السيولة المادية متوفرة، و هي متوفرة ولاشك عند البعض حيث قدرت العملة المغادرة بقصد الدراسة بنحو 400  مليون دولار تصرف على أربعين الف طالب في الخارج، وهؤلاء قد يعودون إلى الوطن أو يستقرون على أرصفة باريس ولندن ونيويورك تحت رحمة العصا الأمريكية والأوروبية، أما الطلبة الفقراء أبناء الأرض (فلا حول ولا قوة لهم إلا بالله)!!.

خصخصة التعليم

وأمام الأزمة التعليمية الجامعية التي هي ليست وليدة اليوم، إنما حصيلة من تراكم الأخطاء على مدى سنوات طويلة، كان لابد من سياسة الإصلاح لاستيعاب الأزمة، فتفتقت أذهان اللجان المشكلة للمعالجة عن فكرة الجامعات الخاصة، أي بمعنى آخر خصخصة التعليم من الروضة حتى نهاية الجامعي، وظهرت مسميات مبهمة إرتجالية تحتاج إلى ملاحق تفسيرية كالتعليم المفتوح والتعليم الموازي والتعليم المربع والتعليم الدائري والمستطيل!!..

إن غموض الرؤية الواضحة للمسألة غير مطمئن إزاء مستقبل شعبية التعليم المعمول بها في سورية منذ الاستقلال. ومع أننا لسنا مع إقامة الجامعات الخاصة حيث لا يتساوى الذين يملكون والذين لا يملكون، مع ذلك فإن القائمين على قرار الترخيص لهذه الجامعات يعرقلون قيامها وافتتاحها على الرغم من أن طلبات كثيرة قدمت للحصول على تراخيص لإقامة الجامعات الخاصة منذ سنتين، والدولة تماطل في إعطائهم الرخص مخالفين بذلك الفقرة ب من المادة الأولى من التعليمات التي تفيد بضرورة البت بالطلبات خلال مدة شهرين من تاريخ التسجيل وإعلام صاحب الترخيص بالنتيجة النهائية.

زراعة القمح في مياه البحر!!

بعد العرقلة والتأخير السابقة الذكر خرج مجلس التعليم العالي بتاريخ 20/6/2002 بقرار يعطي الأولوية لأحداث الجامعات الخاصة في المحافظات الشرقية (الحسكة ـ دير الزور ـ الرقة ـ تدمر). مثل هذا القرار يشبه دعوة الفلاحين لزراعة القمح في مياه البحر. من سيذهب إلى الحسكة: الطالب العربي أم السوري، أو إلى عجاج دير الزور؟ هل يختار ابن درعا جامعة تدمر أو جامعة إربد؟ وهل يدرس ابن سرغايا في بيروت أم الحسكة؟ والطالب اليمني يأتي إلى جامعة الرقة أم إلى جامعة الإسكندرية؟

واضح أن مثل هذا القرار يعني إبعاد المستثمرين في المجال الجامعي لتحل محلهم الدولة ذاتها في ما يسمى الآن بالتعليم الموازي. القضية إذاً التشدد في علامات القبول إلى الفروع الرئيسية في الجامعة، وبعد ذلك فتح باب الانتساب عبر ما يسمى بالتعليم الموازي. ماذا يعني ذلك؟

العلامة الواحدة بـ 3500

يدفع الطالب سنوياً مئة وأربعين ألف ليرة سنوياً ويدخل الطب، الفارق بينه وبين الطالب الذي دخل بـ232 علامة أكثر من أربعين علامة وبحساب بسيط تصبح قيمة العلامة الواحدة 3500 ل.س، وعلى مدى ست سنوات تصبح قيمة العلامة الواحدة واحداً وعشرين ألف ليرة سورية. ومثل هذا المبلغ سيدفعه أيضاً الطلبة السوريون غير المقيمين، والوافدون أغلبهم من دول الخليج. والسؤال الآن: إذا كان الطالب قادراً على دفع مئة وأربعين ألف ليرة سنوياً كقسط جامعي، الا يستطيع أن يدفع مثلهم كي ينجح في كل المواد وبعلامات متقدمة؟ الجواب نعم.. هذا سيحدث حتماَ، وإلا لماذا لم يقدم بعض أساتذة كلية الطب في جامعة تشرين وبعض أساتذة كلية الآداب في جامعة دمشق إلى المحاكمة العلنية وعلى شاشة التلفاز بعد أن ثبت قبضهم بالعملة الصعبة ثمن نجاح بعض الطلبة أيام المغفور لها (صالحة سنقر)؟ أو لماذا لا يكشف النقاب الآن عن ابن أحد المنتفعين الذي سجل في كلية الطب في الباكستان بعلامات قدرها 118، ثم نقل قيوده بعد سنة واحدة إلى جامعة دمشق، وهو ينجح في كل عام، نعم ينجح لا تستغربوا!!

كم سيخسرالمواطنون؟

إذاً وزارة التعليم العالي خصخصت التعليم العالي لصالحها وقطعت الحبل على مشاريع المستثمرين، كم ستربح هذه الوزارة هذا العام، وكم سيخسرالمواطنون؟

ومنذ العام الماضي رفعت الوزارة تسعيرة التسجيل في كل الكليات كما رفعت ثمن الكتب، كذلك كانت التسعيرة هذا العام أكثر حرارة، تصوروا أن ثمن اللباس الموحد للمعهد الفندقي السياحي ثلاثة آلاف ليرة، أين سيخيطون ثياب الطلبة في دور الأزياء العالمية من روما وباريس؟

أما الحديث عن التعليم الإفتراضي فالموضوع أكثر تشويشاً وتعقيداً ناهيك عن التسمية المبهمة. فمثل هذا التعليم يحتاج إلى تقنيات حاسوبية غير متوفرة حالياً بين أيدي الطلبة، كما أن أقنية الأنترنيت  لاتسمح للمرور المعلوماتي بسهولة ويسر بالإضافة إلى تكاليفها العالية لمن يسعى للدراسة بحثاً عن فرص لم تتح له سابقاً.

«علامات نضالية»!

ومازالت الجامعات العالمية ودوائر الأمم المتحدة المختصة بالتعليم تنظر بريبة إلى ما يمنح للطبة المنتسبين من «علامات نضالية» استثنائية، وهم يشكلون 25% من أصل المنتسبين، ولا أحد على علمنا يمنح مثل هذه العلامات النضالية سوى جامعتي الخرطوم وأم درمان اللتين تمنحان الطلاب ا ستثناءات نضالية في القبول والنجاح إذا كانوا من الذين قاتلوا في جنوب السودان!!.. ومن تاريخ فيتنام لا أحد يذكر أن واحداً دخل استثناء إلى جامعة هانوي لأنه كان مناضلاً في جبهة التحرير الفيتنامية، ومن لطرائف أن أن تسعيرة معاينة الطبيب المظلي أقل من تسعيرة الأطباء الآخرين لقلة الازدحام على عيادته. علينا أن نأخذ من مركز البحوث في دمشق مثالاً في القبول الذي لا يمنح أحداً من طلابه علامات نضالية عند القبول.

في اعتقادنا أن لا التعليم الموازي ولا المفتوح ولا المغلق سيحل المشكلة ولابد من العودة إلى الوضع الديمغرافي والاقتصادي والاجتماعي ودراسته بتأن ويقظة، لأن أية خطوة في تعديل القبول الجامعي لن يكون ذا جدوى حقيقية إلا إذا اتى في سياق إصلاح جامعي عمومي في سورية، وطرح الأمور على الشكل الذي يجري حالياً سيحدث خللاً جديداً في إطار البنية التعليمية العالية، فما هو المطلوب الآن؟

المطلوب

 إعادة هيكلة النظام التعليمي لتلبية حاجات المجتمع الفنية والثقافية والصناعية والطبية.

  إعادة النظر في القوانين والأنظمة المتعلقة بالتعليم والتدريب والبحث.

  إعادة تأهيل الأطر العلمية والفنية الحالية.

  تخصيص ميزانية وطنية مناسبة للبحث والتطوير.

  تقديم دعم مالي ومعنوي للراغبين في إعادة التأهيل أو زيادة تحصيلهم.

 إلغاء شرط السن في القبول الجامعي،وإلغاء شرط سنة الحصول على الشهادة.

  إلغاء بورصة إعادة التقدم إلى الشهادة الثانوية.

  تعديل شروط انتقاء الكادر التعليمي وخاصة شرط البطاقة الحزبية، إذ لا شرط في الدول المتقدمة إلا شرط العلم والمعرفة.

  إلغاء شروط الدراسات العليا مثل شرط البطاقة الحزبية والإبقاء على شرط علامة التخرج الجامعي، وقبول  الحاصلين على شهادات الدراسات العليا من الجامعات العربيةوالأجنبية الذين درسوا على حسابهم وعدم التمييز بينهم وبين الموفدين.

 

خيراً إن الاقتصار على آراء اللجان المشكلة ضمن الغرف المغلقة لن يجدي نفعاً، إذ لابد من العودة إلى آراء الناس والمختصين واستطلاع حتى أمزجة المواطنين، فالقضية أخطر والمسؤولية أكبر، ومثل هذه القرارات المرتجلة لا تصنع استقراراً تعليمياً، ولأننا لا نستطيع أن نصنع نافذة مضيئة من خشب نخره السوس.

معلومات إضافية

العدد رقم:
182