ماذا تقول ياصاحبي؟!:  في الجعبة الكثير

 لقد وعدتني ـ إن فسرت تساؤلاتك الثلاثة ـ أن تفتح لي قلبك، وتحدثني عما يشغل بالك ويثير قلقك.. وها أنا فاعل ما طلبت: تفسير التساؤل الأول: القيادة وبالشكل الذي ذكرته أنت ليست قيادة جماعية بل جمعية بيد محددة.. وتفسير التساؤل الثاني: إنه سيف الانتقام والتشفي على من رفض الاستزلام والاستسلام.. إنه بصريح العبارة إعلان نعي للنظام الداخلي.. وتفسير الثالث: إنه، وبنية حسنة، تجسيد لعقلية هكذا وجدنا آباءنا، وبحسن نية هو الانتهازية بعينها. والان دورك لتفي بوعدك وتجهر بما في صدرك.

 أجل سأفعل وسألقي « البحصة» من فمي. فلقد سكت على مضض خشية أن يفسر كلامي على أنه صب الزيت على نار معاناة الرفاق، وأصلُ كما وصل غالبية الرفاق إلى وضع «أحدثته» القيادة وتسعى إلى تكريسه تحت عنوان: «وضعتَ نفسك بيدك خارج الحزب» أي خارج مجموعتهم.. لمجرد أنك سألت أو استوضحت أو أبديت رأياً ليس في تمجيدهم.

 أتعني أنك ستتحدث عن المرض الذي يفتك بالتنظيم ويحيله من صف موحد متراص قوي إلى مجموعة تسعى من وراء الكواليس وراء المناصب والمنافع وإشباع جوع التبجح والإدعاء.

 نعم هذا ما أريد الحديث عنه، ولن يكون كلامي نبشاً في القبور وإنما إظهار للأمور، وكما قيل: على الباغي الدائرة تدور.

إن الذي آلمني ويؤلمني هو القفز فوق جراحات ومعاناة مئات ومئات من الرفاق البواسل الذين عرفوا السجون والاضطهاد وبذلوا التضحيات إبان الدكتاتوريات وطوفان معاداة الشيوعية.

 دع العموميات وتحدث بالتحديد.. بالوقائع.. بالملموس.

 هذا ما أنا فاعله بالتأكيد، فتطاول البعض ـ وكلمة بعض نكرة تعرف بالإضافة، أو «معروفة» دون أل التعريف ـ إلى وضع نفسه في دائرة الضوء كمناضل له «تاريخه» وتاريخه عادي.. إن لم نقل غير ذلك. وسأكتفي بثلاثة من أمور كثيرة كانت السبيل إلى تجسيم مبالغ فيه حتى الإسفاف:

1. التعرض للتوقيف لأيام معدودة.. ولا أحد ينكره ولكن أين هذا التوقيف مما تعرض له آلاف الرفاق من سجن وتعذيب وحشي وجور ومحاربة في لقمة العيش.. ولحسن الحظ أن مئات من هؤلاء الأشاوس مازالوا بيننا أحياء اليوم، وهم الشواهد على الصمود والبطولة والإخلاص للحزب وللشعب والوطن.. وبنكران ذات بعيد كل البعد عن التباهي والإدعاء ولا حاجة لذكر الأسماء.

2. وعلى سيرة الأسماء.. فكم آلمني التجني الرخيص على نضال وتضحية الرفيقة أسماء صالح التي اعتقلت وعذبت ـ أيام المزة ـ كونها واحدة من مناضلات الحزب الشابات الجريئات.. لا كما زعمت من تحدثت عنها وأرجعت سبب اعتقال الرفيقة أسماء لأنها أحضرت لها منديلاً وساعدتها على الإفلات من المراقبة الأمنية يومها.

3. الالتحاق بصفوف المقاومة الشعبية في الخمسينات من القرن الماضي ـ ومع صورة جانب من عرض في أحد شوراع دمشق ـ الرجال والشباب والكهول والشيوخ والشابات والنساء من أقصى شمال الوطن إلى جنوبه.. وليس في ذلك محل للتباهي ومجال للتفاخر.. بل إنه الواجب.. واجب جميع أبناء الوطن في الملمات والأزمات.

 

إنه انتفاخ الذات وتورم الأنا.. وهذا غيض من فيض,, ففي الجعبة الكثير الكثير مما يجب أن يقال.. فماذا تقول يا صاحبي؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
182