أهالي التل يفرضون الحل
دخل اتفاق التسوية والتهدئة في مدينة التل بريف دمشق حيز التنفيذ أخيراً، بعد شد وجذب ومماطلة وتسويف وخرق استمر لسنوات.
الحصار الشديد الذي استمر لفترات طويلة، كانت نتائجه السلبية تقع على عاتق الأهالي من المدنيين، وضيوفهم من النازحين إلى المدينة، وخاصة على المستوى المعيشي والاقتصادي، بالإضافة لما كانوا يحصدونه من سلبيات وتداعيات جراء العمليات العسكرية.
مركز إيواء أهلي
مدينة التل، كانت ملاذاً آمناً للآلاف من النازحين إليها من المناطق الساخنة، الذين تقطعت بهم السبل، ليحلوا فيها ضيوفاً على أهلها، حيث تعتبر مدينة التل مركزاً أهلياً كبيراً للإيواء، بسبب تواجد عشرات الآلاف من الضيوف فيها، الذين شردتهم الحرب والأزمة، فكانت مدينة التل، بأهلها، المكان الآمن والبديل المؤقت عن بيوتهم وأهلهم، على الرغم من ضيق ذات اليد بالنسبة لأهالي المدينة، بنتيجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السائدة، وبظل تَغوّل الفساد الذي أتى على مقومات الصمود لديهم، وخاصة على المستوى المعيشي، فيما كان للأهالي دوراً بارزاً وكبيراً على مستوى تأمين الخدمات العامة والإشراف عليها ومنع المسلحين من التدخل فيها، ما انعكس بشكل إيجابي على مستوى استمرار بعض الخدمات داخل المدينة، رغم الحصار ووجود المسلحين.
مزيد من العزيمة ورص الصفوف!
سنوات طويلة من المعاناة، مع الحصار القاسي من الخارج، والمعاناة من التعامل مع المسلحين بالداخل، كانت كفيلة بزيادة عزيمة وصمود أهلنا في مدينة التل ورص صفوفهم، والتي أدت بالنتيجة لفرض إرادتهم على أطراف الصراع، بتحييد مدينتهم ومدنييها عن دائرة الحرب والصراع، عبر الاتفاق الذي أعلن عن البدء بتنفيذه مؤخراً.
حيث، وبنتيجة الضغط المباشر من الأهالي الموَّحدين بالرأي والعزيمة، اضطرت أطراف الصراع، من المجموعات المسلحة بالمدينة، على اختلاف تسمياتها وتبعياتها، مع الطرف الحكومي، إلى التوصل لاتفاق يقضي بفك الحصار ويحقن الدماء، ويجنب المدينة المزيد من الدمار والأهوال، باستثناء «جبهة النصرة» الإرهابية، التي أعلنت عن وجهها الإرهابي القبيح، بعدم موافقتها على الاتفاق.
مساع فاشلة رغم الدعم
لقد سعت «جبهة النصرة» الإرهابية جاهدة، من أجل منع استكمال تنفيذ الاتفاق، وما زالت، ولو كان ذلك على حساب الأهالي وأمنهم ومعاشهم، حيث لم تجد هذه المجموعة الإرهابية أية بيئة حاضنة لها داخل المدينة، على الرغم من كل مساعيها من أجل توسيع صفوفها فيها، عبر أساليب الترهيب والترغيب، وقد ظهر جلياً نبذها من قبل الأهالي، كما من قبل بقية المجموعات المسلحة داخل المدينة، عبر تجاوز إرادتها والمضي قدماً بتنفيذ الاتفاق، برغم حملات التهديد والوعيد التي قامت بها، مستغلة سطوتها وتسليحها وتمويلها، ودعمها المحلي والإقليمي والدولي، والمساعي الإعلامية كلها التي يقوم بها هؤلاء من أجل تجميل صورتها وتسويقها وتبرير إجرامها.
تصعيد أهلي!
الأهالي لم يستكينوا لإرهاب المجموعات الإرهابية المسلحة «جبهة النصرة» وأشباهها وأتباعها، فقد خرجوا أكثر من مرة بمظاهرات ضد تواجدها وسلوكها المفروض عنوة وبقوة السلاح، كما سبق أن طردوا العشرات من المسلحين الذين أعلنوا انتمائهم لتنظيم داعش الإرهابي من بلدتهم، كما كان لهم الدور الأبرز بالضغط على بقية المجموعات المسلحة من أجل المضي قدماً بعمليات التفاوض، واستمرارها، لتجنيب المدينة المزيد من الآلام.
على الطرف المقابل، مازال الأهالي يضغطون من أجل إنهاء إجراءات الحصار الخانق المفروض عليهم، على المستويات كافة، اعتباراً من الدخول والخروج، مروراً بالإجراءات والسلوكيات التعسفية التي يقوم بها البعض على الحواجز، وليس انتهاءً بإدخال الاحتياجات الأساسية من أغذية ووقود وأدوية، وغيرها من أساسيات الحياة، التي كانت حكراً على المتنفذين والمستفيدين المحسوبين على أطراف الصراع، والمستغلين لحاجات الناس وضروراتهم الحياتية اليومية.
تحذير وتنبيه أهلي
مع البدء بتنفيذ الاتفاق؛ يرى الأهالي: أن أفقاً جديداً بدأ يلوح أمامهم، منتظرين استكمال إيجابياته على مستوى معيشتهم وأمنهم، مع استمرار خشيتهم المشروعة من محاولات خرقه، كما جرى سابقاً، حيث يقول الأهالي: أن بعض أطراف الصراع المستفيدين من استمراره، وخاصة على مستوى الحصار ونتائجه وتداعياته، سيسعون جاهدين إلى خرقه مرة أخرى، من أجل استمرار استفادتهم واستغلالهم لحاجات الناس، «جبهة النصرة» الإرهابية بدورها، ستسعى هي الأخرى إلى محاولة عرقلة تنفيذ الاتفاق، إن لم تسع لإجهاضه، بعد أن أسقط من يدها، وأصبحت بطور الاضمحلال داخل المدينة، وهم على ذلك يحذرون من مغبة انجرار أطراف الصراع مرة أخرى لأي محاولات من قبل هؤلاء، قد تؤدي لانتكاسة سلبية يكون الأهالي ضحاياها من جديد، ولو بشكل مؤقت، باعتبار، أن الأهالي مصرون على استكمال تنفيذ بنود الاتفاق حقناً للدماء، ومنعاً من الدمار، ومن أجل استعادة حياتهم ودورهم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، بترابطهم مع وسطهم الحيوي المحيط، وخاصة مع العاصمة دمشق.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 787