السكن البديل: «غيري أكل جاج وأنا وقعت بالسياج»
ما زالت قضية السكن البديل حسب المرسوم 66 الخاص بمنطقة المزة خلف الرازي مثار استياء وتساؤل لدى المواطنين من أهالي هذه المنطقة، وخاصة الذين تم ترحيلهم على وعد بتأمين هذا السكن حسب نص المرسوم.
وعلى الرغم من مضي سنوات على البدء بتنفيذ المرسوم المذكور أعلاه، إلا أنه وحتى الآن لم يتم توزيع أي مسكن لهؤلاء المواطنين، وفي كل مرة هناك ذريعة للتأخر بتنفيذ ذلك.
قيد الدرس!
الموضوع على ما يبدو ليس ذا أهمية لدى المعنيين بتنفيذ المرسوم، على مبدأ «اللي إيدو بالمي مو متل اللي إيدو بالنار» حيث تم عرض هذا الموضوع مؤخراً على طاولة اجتماع مجلس محافظة مدينة دمشق، منذ أسبوعين تقريباً، من جملة المواضيع الأخرى التي طرحت، وكان جواب مدير تنفيذ المرسوم 66 على ذلك: أن وزارة الأشغال العامة والإسكان أصدرت القرار رقم 112 للعام 2016 الذي حدد شروط السكن البديل، وأعطى محافظة دمشق الصلاحية لوضع آلية تطبيق القرار.
كما أشار مدير التنفيذ خلال الاجتماع المذكور: أن الموضوع ما يزال قيد الدرس من قبل مجلس المحافظة لضمان حسن التطبيق وتحقيق العدالة للمواطنين، وسيقوم المكتب باستصدار الآلية التنفيذية كما سيتم تنفيذ القرار فور صدورها!.
مماطلة مقصودة
وعدالة مفقودة!
بالمختصر، التصريح أعلاه هو: اعتراف رسمي بالمماطلة بتنفيذ هذا الشق الحيوي من المرسوم بما يخص مصلحة المواطنين المتضررين من عملية الإخلاء تنفيذاً لمضمونه بمنطقة خلف الرازي، سواء على مستوى صدور القرار من قبل وزارة الأشغال العامة والاسكان بعد أربعة سنوات من تاريخ صدور المرسوم، أو على مستوى الدراسة التي ستقوم بها المحافظة للقرار من أجل وضعه بالتنفيذ تحت عنوان «تحقيق العدالة للمواطنين»!، ومتى ستصدر تلك الدراسة؟.
ويتساءل المواطنون: عن أية عدالة يتم الحديث هنا؟، العدالة هي ألا يُخلى منزل دون أن يكون بديله جاهزاً، وعدم ترك المواطن في مهب الريح وتحت وطأة التشرد والاستغلال.
فأهالي المزة من منطقة خلف الرازي لم تشردهم الحرب والأزمة، بل شردتهم محافظة دمشق والمسؤولون عن تنفيذ المرسوم 66، وبذلك أصبحوا سواء بسواء مع من شردتهم الحرب من بقية السوريين.
وكأن هذا هو المقصود بمفهوم العدالة الذي يتشدق بها مسؤولو المحافظة في معرض تبريرهم للتأخر في منح المواطنين حقوقهم.
ذرائع.!
يتذرع مسؤولو المحافظة والمسؤولون عن تنفيذ المرسوم 66 بأنهم منحوا تعويض بدل إيجار للذين تم إنذارهم بالإخلاء، وأخلوا من بيوتهم، إلا أنه على أرض الواقع لم تعد هذه البدلات تغطي تكاليف الإيجار الفعلي، بظل ارتفاع الأسعار الجنوني لبدلات الإيجار، وبظل الاستغلال الكبير الذي يتعرضون له هؤلاء وغيرهم، وخاصة على مستوى الرفع الدوري لهذه البدلات من قبل أصحاب البيوت المستأجرة، وبظل التأخر غير المبرر بتسليم السكن البديل، واللامبالاة بواقع هؤلاء ومعاناتهم، ناهيك عن أن الدفعة الأولى من المواطنين الذي هدمت بيوتهم وتم إخلاؤها، لم يستلموا حتى تاريخه قيمة بدل السكن للعام الجديد، علماً بأن الإخلاء الأول بتاريخ 25\9\2015.
خرجوا ولن يعودوا!
هذا الواقع فرض على الغالبية من هؤلاء، وخاصة فقراء الحال، إلى بيع حصصهم السهمية بالمشروع «الإسكاني والتجميلي والحضاري العظيم» بأسعار بخسة، من أجل تغطية هذه التكاليف وغيرها، أو التخلص من الإيجار الشهري المرهق، عبر شراء بيت صغير، لا يمكن مقارنته مع ما كانوا يسكنوه في منطقتهم وبين أهلهم، كما لا يمكن مقارنته مع ما كانوا يحلمون به من وعود من قبل المحافظة والقائمين على المشروع من المتنفذين، حسب المخططات والصور الافتراضية للمشروع.!
وبالتالي كل الكلام المعسول عن إعادة إسكان هؤلاء في منطقتهم، حسب المرسوم والكلام الإعلامي والترويجي عنه، ذهب إلى غير رجعة بالنسبة لهم، وأصبحت منطقتهم حرام عليهم، حلالاً لغيرهم من التجار والمتعهدين والسماسرة، المستفيدين الحقيقيين من هذا التأخير والتسويف كله، سواء على مستوى السكن البديل، أو على مستوى التنفيذ الفعلي للمرسوم حسب المخططات والمواعيد المقررة والمعلنة، والتي مرت عليها سنوات وسنوات ولم تخرج عن حيز الكثير من الأوراق والوعود والهدم والترحيل، وبعض الطرقات، ليس إلا، وبالمحصلة غالبية من تم ترحيله من هؤلاء لن يتمكنوا من العودة لمنطقتهم كما كانوا يرجون ويحلمون.
وذلك كله ما هو إلا مخالفة واضحة وصريحة، ومساع التفافية على مضمون المرسوم على المستوى التنفيذي لمصلحة المستثمرين الكبار والمستغلين، ناهيك عن الكثير من التحفظات عليه أصلاً.
الخشية الآن على المتبقين من الأهالي، الذين سيتم ترحيلهم تباعاً من المنطقة على أثر استمرار تنفيذ عمليات الهدم والترحيل قبل البدء بتسليم السكن البديل، وقبل الاقلاع الفعلي بالتنفيذ، على مستوى البنى التحتية، وإشادة المحاضر والأبنية.
بئس هكذا مشروع!
يوماً بعد آخر يثبت هذا المرسوم، كما غيره من القوانين والقرارت الصادرة من قبل الحكومة وجهاتها التنفيذية، ما هو إلا لمصلحة كبار التجار والمتعهدين والسماسرة والمتنفذين على المستوى العملي بنهاية المطاف، وكل الكلام عن المواطنين وحقوقهم والعدالة فيها وتحسين وتجميل أمكنة إقامتهم، ما هي إلا عبارات معسولة كما يبدو، واستغلالاً حاجتهم، من قبل هؤلاء.
بئس هذا المشروع إن كان هو النموذج الذي سيحتذى به على مستوى إعادة الإعمار خلال المرحلة المقبلة، خاصة وأن أصحاب المصلحة من المستفيدين منه، أصبحوا يطالبون بتعميمه على مناطق أخرى، وخاصة مناطق المخالفات والعشوائيات المنتشرة في المحافظات كلها، حيث تم الإعلان مؤخراً عن تطبيقه على منطقة داريا، حتى قبل عودة أهلها إليها!.
كما وبئس أي مشروع أو قرار لا يأخذ بعين الاعتبار مصلحة المواطنين وحقوقهم، ليس قولاً معسولاً، بل فعلاً ملموساً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 786