رسالة: المعارك الصغيرة.. تعلم النضال

الأخوة في هيئة تحرير «قاسيون»

تحية النضال..

بعد طول انقطاع عن صحافة الأحزاب الشيوعية في سورية،  أخذت منذ سنة بمتابعة «قاسيون» باهتمام. ولقد أعجبني فيها على نحو خاص الربط بين ماهو وطني واجتماعي وديمقراطي، وعلى نحو أخص اهتمامها بقضايا الفساد.

إن شعاراتنا وقضايانا كلها ستتحول إلى قبض الريح، ولا طائل من أي نضال وفي سبيل أي قضية شريفة دون الخلاص من الفساد، أو وضع آلية لفرض الحذر والحيطة عليه. كما أننا بالخلاص منه نقطع نصف الطريق إلى أي هدف، وأحياناً معظمه فهو بالكاد يكون الوجه الآخر للقمع.

لكن جهنم مليئة بذوي النوايا الطيبة. وأنتم على ما أعتقد ستدخلونها من الباب الواسع ما لم تتداركوا الأمر. لأن التجربة تعلمنا أن إعلان الحرب على الفساد ما لم تثمر هي دعوة إلى المزيد منه، لأن الفاسدين والمترددين سيكتشفون أنهم في منأى عن المحاسبة والعقاب رغم أنهم تحت المجهر.

إنكم تذكرون بهذه الحقيقة باستمرار، فأنتم تكثرون في «قاسيون» من نشر الفضائح ولا نقرأ ما يشجع على الاعتقاد بأن الفساد في وضع المطارد والمطلوب. وهذا سيفسد أول ما يفسد قراء «قاسيون» المترددين لأنكم تكتفون بالقول للناس إن الباب مفتوح على مصراعيه.

يجب التفكير في كيفية زج قراء «قاسيون» والناس عامة في معارك موضعية أو واسعة مع الفساد، فالذين يرسلون إليكم يجب أن يرسلوا أيضاً عرائضهم إلى الجهات المختصة. بذلك نشغلها بكم كبير من القضايا وهذا سينتج عنه بالدرجة الأولى محاسبة بعض الصغار، فالتجربة تؤكد وجود هذه الإمكانية.

النتيجة حتى في هذه الحدود إيجابية، لأن الكبير لا يستطيع ـ غالباً ـ أن يحقق ما يصبو إليه دون الاعتماد على الصغار. وعندما لا يكون الطريق مفتوحاً أمام الصغير سيضطر للبحث عن حلول أخرى قد لا تكون فردية، وسيكف عن أن يكون قدوة في جمع الثروة وتحقيق الاكتفاء أو في الاستهلاك الترفي البذخي الناتج عن الفساد المولد له في آن واحد.

إن الطبقة الوسطى لم تدمر كما يرى بعض المفسرين لغياب الثقافة والسياسة بل إنها أفسدت فضاعت القيم العامة، وبالتالي الثقافة والسياسة كأهم حاملين لها. ولعودة السياسة إلى المجتمع يجب إرعاب جيش الموظفين، أبناء الحكومة الصغار، ليكفوا عن كونهم رسل انحطاط وتفتيت للمجتمع.

بالمعارك الصغيرة مع الفساد نتعلم النضال وأشياء أخرى كثيرة ومفيدة بدلاً من تعلم الاحتماء بالانتماءات ماقبل الوطنية التي يعتبر الفساد ـ بما هو غياب للقانون والقيم العامة ـ أهم مولد لها، لأن الإنسان مالم يجد الأمن في المؤسسات سيبحث عن في مكان آخر لأنه مما لا غنى عنه.

لتجنب المنزلق الذي تؤدي إليه كثرة الحديث عن الفساد في ظرف غياب الرقابة والمحاسبة أقترح على «قاسيون» أن تفتح باب الحوار حول «ما العمل؟» مطروحاً على الناس لنتعرف على الطريق التي يمكن أن ينخرط فيها الناس بهذا العمل الجبار والبناء.

 

■ أكرم.إبراهيم