مطبات الكراسي المنْقِذَة
نقلت بعض المواقع الإعلامية أن رئيس الحكومة طالب القيادة السياسية بتغيير بعض الوزراء الذين لم يكونوا على المستوى المطلوب في الأداء، وهذا ما أدى إلى تفاقم مشاكل المواطنين خلال توليهم إدارة وزاراتهم، وأن التغيير المطلوب إحداثه يتعلق بحقائب اقتصادية وخدمية.
الحاجة إلى تغيير حكومي حسب البعض لا تفرضه الأوضاع الاقتصادية والمعاشية فقط، وإنما الضرورات الإصلاحية أيضا، وهذا ما يتطلب حكومة جديدة متنوعة، وقادرة على إحداث الفارق الموضوعي الذي سيراه المواطن في تبدل أحواله الاقتصادية والاجتماعية، وما سيأتي من قادمات يبشر بها تطور الأحداث في البلد.
نعم.. الوطن بحاجة إلى وزراء جدد بعدما أثبت القابعون على كراسي الوزارات فشلهم في إدارة الأزمة، و لم يستطيعوا تأدية الدور الذي كان منوطاً بهم، وتضاعفت هموم الناس، وبات واضحاً للعيان أن لا أفق أمام هذه الوزارات في تحقيق التوازن المطلوب في هذه المرحلة الصعبة التي تتطلب النظر بعناية لحاجات المواطن في ظل ضغط متعدد الجهات على رزقه، وفقدان لبعض أساسيات حياته، وانقطاع أمله ورجائه من حصول تغيير في مفردات يومه.
الحكومة بوزرائها المعنيين والموكلين بشؤوننا الاقتصادية تخبطوا في قرارات لها شأن بحياتنا، وتفننوا في ممارسة هواهم من أبراج عاجية بينما الناس تنتظر بطوابير مأساوية بعض المازوت لقليل من الدفء، وأحدهم صرح حينما كان المواطن يصرخ من ارتفاع سعر اسطوانة الغاز أن من يشتريها بألف ليرة يستطيع أن يشتريها بأربعمائة ليرة، وكان حينها لا يرى سوى أصحاب السيارات الذين لا يحبون الطوابير، ولا يُسألون من أين لهم هذا المال.
لم تستطع الحكومة الحالية وقف ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخضار ذات المنشأ المحلي، ولم تحاسب محتكراً إلا في بيانات صحفية، ولم تقدر على وضع حد للتلاعب بأبسط السلع (المتة) التي تباع بضعفي ثمنها في محلات تحتكرها، والباعة المتجولون يبيعونها في الشوارع بالاتفاق مع الموزعين والمحتكرين.
أما بعض الوزارات فليست موجودة على خارطة الوطن، وليست سوى أبنية شاهقة بموظفين يتقاضون رواتبهم دون تأخير، ولكنهم لا يفعلون أكثر من هذا سوى التفكير بطريقة لانتهاز الأزمة، وتحصيل أكبر قدر ممكن من مال المخالفات التي ازدهرت في الفوضى.
وزارة الإدارة المحلية تفكر بآليات لقمع تنامي المخالفات، واستبدال الهدم بالغرامات والتسوية المادية، ومعاقبة المخالفين، وفي اللحظة نفسها قد يكون هناك مبنى في طريقه إلى الانهيار، ومعه ستموت أرواح من حقها الحياة.
وزارة الإدارة المحلية ومعها كل الكادر الخدمي من محافظات وبلديات شهود على مخالفات تم إشادتها في اللحظات العصيبة من أجل مزيد من المال لتجار العقارات، وملء جيوب الموظفين الفاسدين، وموت أكيد للمغرر بهم أولئك الحالمون بسقف يملكونه.
ألم تزحف الكتل الإسمنتية في الفترة الأخيرة على البساط الأخضر في (ببيلا) على سبيل المثال رغم كل التحذيرات الحكومية، والقوانين التي تعاقب المخالفين، وتطاولت شرفات مخالفة دون خجل على حساب الشجر والأراضي الزراعية، وهذه مسؤولية مزدوجة تتحملها الإدارة المحلية ووزارة الزراعة.
أما في أراضي أملاك الدولة فينقل بعض المواطنين أن تجاراً جدداً يبيعون ويبنون على هواهم، وبعضهم أثرى بطريقة مخيفة خلال فترة وجيزة، وفي الوقت ذاته تفكر الحكومة في آليات جديدة لمعاقبة هؤلاء في حين ينظم الضبوط بحق مواطن بنى درجاً في بيته المؤلف من غرفتين، أو قام ببناء سور ليحمي بيته من العابرين واللصوص، أو خالف من أجل غرفة صغيرة لابنه العازب.
ترى كم من الوقت والخسارة يحتاج هذا الوطن لكي يرتب حكومة الكراسي المنْقِذَة في الزمن الصعب.