نصف قرن من المعاناة

الاستملاكات التي تصدرها الجهات الحكومية بدافع المصلحة العامة للتنظيم أو لبناء دوائر ومؤسسات ومرافق حكومية... كالمشافي والمدارس وغيرها، والطريقة التي كانت ــ ومازالت ــ متبعة في تنفيذ هذه الاستملاكات شكلت كابوساً حقيقياً رزح تحت ثقله عدد كبير جداً من المواطنين الذين أرغموا على إخلاء منازلهم أو محلاتهم في ظروف قاهرة وغير إنسانية ليهيموا مع أسرهم وأطفالهم في واقع مأساوي ظالم، ومع (تعويض إخلاء) أقل من هزيل، ووعود خلبية بحفظ حقوقهم في مساكن ومحلات بديلة في مستقبل غير منظور. ومن فصول هذه المعاناة ما تعرض له كثير من سكان وشاغلي محلات في دمشق القديمة وبخاصة حي الحمراوي والمصبغة الخضراء وسوق الصاغة القديم وسوق القباقبية. وقد بدأ الفصل الأول بعد الحريق الذي شب في سوق الصاغة القديم في منتصف القرن الماضي. حيث صدر قرار استملاك عن محافظة دمشق يحمل رقم 281 لعام 1960 إبان عهد المشير عبد الحكيم عامر حاكم سورية أيام الوحدة السورية المصرية.

ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا مازالت المعاناة مستمرة، وآخر حلقاتها تشكيل لجان عدة ومنها لجنة من مجلس الشعب، لدراسة الموضوع وإبداء الرأي، وقد أوصت برفع الاستملاك عن الحي، ولمعالجة هذه المشكلة وما ترتب عليها، فإن الحل السليم الممكن والوحيد هو بيع هذه العقارات لأصحابها أو ورثتهم، لاستعادة ملكيتهم لها بالتراضي وفق القوانين والأنظمة النافذة، وتحديد السعر بشكل عادل يتناسب مع بدل الاستملاك الذي دفع للمالكين سابقاً، والسكان مازالوا ينتظرون الحل، وهذا ما أكدوا عليه من خلال عريضتهم الموجهة إلى محافظ دمشق وهذا نصها:
مقدمه أهالي وسكان مدينة دمشق القديمة ضمن السور جنوب المسجد الأموي شمال قصر العظم

نعرض ما يلي:
سبق أن صدر القرار الاستملاكي رقم /281/ لعام 1960 عن المشير عبد الحكيم عامر نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة لحي الحمراوي والأزقة التابعة له وحي المصبغة الخضراء والدور العربية الدمشقية السكنية وسوق القباقبية وسوق الصاغة القديم وكان الهدف من الهدم لهذه المناطق ــ باب البريد إنشاء أسواق تجارية حديثة ولم ينفذ ذلك لانعدام صفتي النفع العام والاستعجال وللأسباب التالية:
مخالفته لقانون الآثار التشريعي.
مخالفته للمخطط التنظيمي العام المعتمد لدمشق.
معارضته لقرار الاستملاك رقم 197/1 تاريخ 1976 حفاظاً على اللحمة الإنسانية المتكاملة والنسيج الأثري.
معارضته للتسجيل العالمي (منظمة اليونسكو) ودمشق القديمة تحتاج لحملة صيانة وترميم.
الأبنية يعود تاريخها للعهد الأول وسكن فيها عدد من العلماء والباحثين الدمشقيين ومؤرخ دمشق الحافظ ابن عساكر.
انتفاء الغاية الأساسية في حينها، دراسة مديرية الشؤون الفنية في سوق الصاغة القديم، لبناء محلات تجارية لاستيعاب المحلات المراد هدمها لم تنفذ، وقد أمنت محافظة دمشق أماكن لها بمنطقتي الحريقة وبالتكية السليمانية؟!!
وجه الرئيس الراحل حافظ الأسد قيادة فرع دمشق للحزب وصدر الاقتراح بقانون من مجلس الشعب لإلغاء قرار الاستملاك رقم 51/ص تاريخ 1982.
أنذرنا بقطع الكهرباء والماء وعدم تأمين البديل السكني بعام 1984 لاستيعاب كافة العائلات ومحلات حرفية لاستيعاب كافة الحرفيين والعمال.
قرار المكتب التنفيذي بمحافظة دمشق رقم 422 لعام 1980 الموافقة على إلغاء قرار الاستملاك.
إجراء نقل الملكية مناف للقانون بموجب كتاب مديرية الشؤون الفنية بالمحافظة رقم /2/ لعام 29/12/1981.
قرار مجلس محافظة دمشق رقم 9889 تاريخ 1989 إعادة دراسة الأسباب لهذا الاستملاك.
قرار مجلس محافظة دمشق رقم 1352 تاريخ 27/2/1997 لإجراء الكشف الكامل على المباني ورفع الاستملاك واتخاذ الإجراءات التنفيذية.
قرار مجلس المحافظة بالموافقة رقم 95 تاريخ 28/7/2002 لبيع عقارات مالكي وشاغلي حي الحمراوي بالتراضي مخالف لقرار الاستملاك وعضو اللجنة الممثل للمالكين والشاغلين اعترض ولجنة الحي على انحراف ومغالطات مهمة اللجنة التي شكلت من أجله وعدم موافقتنا على مضمونه بتاريخ 26/1/2003.
يرجى السماح للقيام بإجراء بعض الترميمات البسيطة لعقاراتنا بإشراف السلطة الأثرية حفاظاً على الابع الأقثري ونحن كنا ومازالنا نطالب بإلغاء هذا الاستملاك وريثما يتم إلغاء قرار الاستملاك المنتظر من رئاسة مجلس الوزراء الموقرة.
نرجو مساعدتكم الكريمة لإلغاء قرار الاستملاك رقم /281/ لعام 1960 ودمشق تعنينا جميعاً. وتفضلوا بقبول فائق التقدير.