الشهيد إبراهيم محمد خالد: على كتفه خريطة فلسطين، ودمه يعيش في بغداد

دون أن يخبر أحداً من أهله، إلى أين هو ذاهب، صفق باب بيته ماضياً في رحلته إلى بغداد المطوقة بجيوش المارينز..

قال لوالده ستيني العمر: (يابا ادعيلي)…

■ إبراهيم محمد خالد، شاب من مواليد دمشق /1980/ وأسرته مقيمة في (ركن الدين) منذ فترة طويلة، على كتفه خريطة فلسطين، وعلى قدمه اليمنى كان قد كتب قبل أن يستشهد: (مافي صاعب)…

الصورة التي احتفظت بها والدة إبراهيم، لتبكي ابنها الشهيد فيما تتأمل ملامح الوجه، وانعكاس العينين المغامرتين، توحي بأن إبراهيم، وكما تقول الأم: «نار، كان ماحدا يدعسلوا على كعب»…

■ إبراهيم ابن الأسرة الفلسطينية الفقيرة، لم يكمل تعليمه، وكان قد عمل في أعمال حرة مختلفة، كان يعود بعد كل يوم عمل منها، إلى بيته، ليبتلع عشاءه على وقع نشرات الأخبار التي منعته من إتمام تناول العشاء..

ولربما كانت النشرة الأخيرة التي شاهدها تلك التي نقلت إليه أخبار العراق المغزو، واليانكي الذي يبحث عن النفط تحت التراب البغدادي…

■ والدته تقول لنا: «خرج من البيت دون أن يقول لنا إلى أين سيذهب، ظننا أن لديه عملاً ما، قال له والده «روح الله يرزقك..»

لما اتصل بنا من الحدود وقال لنا أنه سيدخل مع رفاقه إلى العراق قلت بقلبي (راح شهيد)، لو كنت أعلم بالبداية أنه سيذهب للقتال، لحاولت منعه، أو على الأقل لعارضت ذهابه، فإبراهيم لم يخرج عن طريق تنظيم معين، ولايعرف التضاريس في تلك المنطقة، وربما لهذا السبب لم يخبرني عن ذهابه».

■ والد إبراهيم، والذي لايحبذ التحدث فيما حملته ذاكرته من بقايا، كان قد شارك عبر المنظمات الفلسطينية في العمل الفدائي الفلسطيني، في مقاومة الإسرائيليين، ويقول محمد خالد (أبو باسل):

«لاأدري، ربما إبراهيم تأثر بي، حين خرج من البيت لم يأخذ معه شئاً.. جميع أصدقائه الذين أتوا من العراق قالوا لي أنه كان بطلاً، كان دائماً في المقدمة.. سمعنا بخبر استشهاده بعد سقوط بغداد بحوالي خمسة أيام.. أحد أصدقائه (علي العمايري) قال لي حين عاد، أنه وإبراهيم، قصفوا دبابتين أمريكيتين بمعركة الدورة باليوسفية، وأنه شارك في معركة المطار وأبلى فيها البلاء الحسن..

أصدقاؤه حملوه إلى المستشفى سابحاً في دمائه، وقد فقد يدأً ورجلاً»

■ الأب الذي يخفي حزنه، بعينين ممانعتين للدموع، ينتظر وعائلته خبراً يقيناً عن مكان دفن ابنهم، إذ قال لهم أصدقاؤه أنه دفن في باحة مستشفى اليرموك في بغداد، ولم يأت حتى الآن أي خبر من الصليب الأحمر الدولي يذكر اسم إبراهيم في عداد شهداء العراق.:

«الحمد لله، إبراهيم طلب الشهادة ونالها، ودمه لم يذهب رخيصاً، أرسلت صديقاً لي إلى بغداد كي يتأكد من خبر استشهاده، وبكل حال، الله يرحمه، مثله مثل أي شب أو طفل أو امرأة أو شيخ من شعبنا الفلسطيني الذي يموت كل يوم، على يد الصهاينة، وجميعهم لهم أهل وآباء وأمهات وكذلك لهم العدو نفسه الذي قتل ابني»..

 

■ أم إبراهيم مازالت تتأمل في محفظة ابنها الشهيد، التي وجدها صديق له، ليعيدها إلى أهله فارغة إلا من ورقة كتب عليها «الشهيد منير أبو ستة».. وبضع صور تعود لوالدته ووالده وأخوته الخمسة…