يحقّ لدريم هاوس ما لا يحقّ لغيرها؟!

دريم هاوس، أو بيت الأحلام، ليس عنواناً لفيلم بوليسي أمريكي صهيوني يبث على إحدى القنوات العربية المشبوهة بعلاقة مُلاّكها مع المؤسسة الإعلامية الصهيونية، وإنما اسم لبرج يُبنى في حي الرشدية بدير الزور، ويبدو أن قرارات تعريب الأسماء لم تصل لأسماع أصحابه من لجنة تمكين اللغة العربية عبر مجلس المدينة، أو أنهم مستثنون من ذلك، تماماً كما استثنوا من أية مساءلة أو عقاب نتيجة تجاوزهم على الرصيف المجاور لحدود منشأتهم العملاقة، وهو ما يراه المواطن (وليس المسؤول) بالعين المجردة دون عناء..

والحال نفسها تنطبق على تجاوز بعض الملاكين المتنفذين على الفرع الصغير لنهر الفرات - شرقي جسر الكنامة، إذ يقوم أصحاب السطوة هؤلاء بالتجاوز على الأملاك العامة من خلال اعتدائهم على المجرى النهري، إذ يردمونه لتوسعة أراضيهم حتى ضاق ولم تعد المياه تمر منه إلاّ قليلاً، وكل ذلك في وضح النهار ولا أحد يمنع المتجاوزين أو يحاسبهم..

فما الذي كان ليحدث لو أن مواطناً بسيطاً غير مدعوم اضطر لمخالفة ضابطة البناء وبناء غرفة ليسكن بها مع أطفاله، تقيهم برد الشتاء وحر الصيف باستثناء العجاج الذي بات قدراً يومياً لا رادّ له في مدينة دير الزور ومدنها وقراها؟ أما كانت كل الجهات البلدية وغير البلدية ستحشد آلياتها وتقوم بمهاجمته وتدمير «منشأته» المخالفة المسيئة للمنظر العام، شاء المواطن أو أبى؟!

وهل كان المواطن صاحب الدخل المحدود سيلجأ أصلاً للمحالفة لو استطاع تأمين تكاليف المخططات الهندسية والتراخيص الباهظة بالنسبة لدخله، أم أن هذا أيضاً ليس من شأن البلديات ومجالس المدن، الذين اعتادوا وهم يستمعون ويستمتعون بسادية طاغية لتوسلات الناس عند قيامهم بهدم المخالفات على التذرع بكونهم ينفذون القانون، وأنهم مجرد عبيد مأمورين؟

إن هم إيجاد السكن بالنسبة للمواطنين أصبح فوق طاقتهم، وهو بذلك يضاف لمجمل همومهم اليومية مثل فواتير الكهرباء والماء المرتفعة باضطراد بالتناغم مع ارتفاع أسعار المواد المعيشية. وقد أصبح جزء متزايد من الشعب السوري ينام طاوياً، وربما لم يتبق له إلاّ كسرة الخبز التي لم يصبها رفع الدعم حتى الآن، وإن كانت المؤشرات تؤكد أنه سيطالها قريباً، مع استمرار الحكومة وفريقها الاقتصادي بانتهاج السياسات النيوليبرالية!!

على دريم هاوس وأشباهها أن يشعروا بالسعادة، وأن يطلقوا العنان لأحلامهم كيفما يشاؤون لأن المرحلة لهم ولنظرائهم، أما العمال والفلاحون والعاطلون عن العمل وما أكثرهم، فهؤلاء لم يتبقّ لهم أية أحلام!

لكن ثمة أمر يجب التنويه له، وهو ما يقال عن أن هذه الأبراج غير ملحوظ في تصميمها إمكانية صمودها أمام الكوارث من زلازل وحرائق، فهل يكفي أصحابها أن يكتبوا على واجهاتها: «هذا من فضل ربي»، أو «الرزق من عند الله»، أو«إنا فتحنا لك فتحاً عظيماً» كرقية، لتقيهم من الأخطار المحتملة بما في ذلك الحماية من عيون الفقراء الحاسدين وخداع الناس ومكرهم؟! طبعاً هذا بالإضافة إلى عدم تأمين الخدمات الضرورية المطلوبة لمثل هذه المنشآت الضخمة من مرائب للسيارات وغيرها.. بالشكل المناسب.. طبعاً غاب عن بالنا ونحن نكتب التنويهات الأخيرة أن من سيسكن في دريم هاوس سيطلب ويعطى، وأن ما يحقّ لهم لا يحقّ لغيرهم.. والمسؤولون أعلم بذلك.

حتى الأحلام أصبحت تباع وتشترى هذه الأيام، وأصبحت بالنسبة للغالبية العظمى كوابيس تلبُدُ على الصدور!!

 

■ زهير مشعان/ بدير الزور