جيني شليل جيني شليل

هواجس طلابية.. إلى أين وصل الفساد بالجامعات؟

لم تكن حال الجامعات في السنوات الأخيرة بأحسن من حال معظم المؤسسات العامة الأخرى التي ينخر فيها الفساد، رغم خصوصية وضعها كمؤسسة تعليمية، وكمنبر حساس يطل على المجتمع ويؤثر في سيره بشكل أساسي..

لأي درك قد وصلنا، والفساد يدخل الجامعات من بابها الواسع، ويقيم فيها، لدرجة أنه بات يتحكم بمصير الطلاب المنتسبين إليها، بل وحتى مصيرها هي ذاتها؟ أين الحديث عن تطبيق مبدأ الشفافية ومحاسبة مرتكبي الأخطاء وقد أصبحت الجامعات الآن، رصيداًً نقدياً يملأ جيوب بعض رواد نظرية (بالمصاري كل شي بيمشي).. وغدت أوراق الطلبة أداة ضغط عليهم بيد أتباع هذه النظرية؟

المشكلة واضحة للعيان، والأزمة متفاقمة، وعدوى المحسوبيات تهدد بالانتشار.. ولكن لا أدلة من النوع (الصوري) التي يمكن أن يعترف بها القانون!؟
لقد دخل الطلاب الجامعات لتكون جسراً لتحقيق أحلامهم، وإذا بها سبيل لاستغلالهم وخنق آمالهم، عدا عن كونهم يتخرجون في كلياتهم كما دخلوا إليها.. الفارق الوحيد فيما بينهم هو نوع الوثيقة الجامعية التي نالوها ولأية كلية تنتمي، أما القاسم المشترك فهو تخرجهم في الجامعات دون أن يفقه معظمهم أي شيء مما درسوه.
إذاً، نحن لسنا بصدد مشكلة عابرة، وإنما نواجه مشكلة بنيوية في تنشئة أجيال متلاحقة من المتعلمين، بدل أن يكونوا اليد الحديدية التي تحمي البلاد، وتضرب الفساد، وتضرم النار في أوكاره، سيكونون مهمشين أو مجهّلين، وبعضهم قد يصبح باباً لدخول المرتزقة لتحقيق مخططاتهم التخريبية..
أليس أمراً معيباً وخطيراً أن المسؤولين عن كل هذا الخراب أمام ناظرنا ونعرفهم بالاسم والصفة، ولا نستطيع محاسبتهم؟؟ بل إننا نعجز عن إسقاط الضوء عليهم وعن كشف هوياتهم.. فلماذا يوجد هذا الحاجز الضبابي بيننا وبينهم؟ إنهم أمامنا ولا نستطيع مساءلتهم أو الإشارة إليهم.. مع أن «القانون فوق الجميع» كما نسمع، فلماذا يغمض عينيه عنهم؟
المسؤولون في التعليم، والمسؤولون عنهم، يقابلون شكاوينا بالرد دائماً بكل بساطة: نريد ما يثبت سير الرشوة ضمن الهيكل التعليمي للجامعة، بكل ما يتضمنه ذلك من تقديم أسماء وأرقام واضحة، وكأن الأمر سهل ومتاح، فمن من الفاسدين والمرتشين سيترك إثباتاً يدينه ويدل على تقاضيه الرشوة؟ والأهم: من هو الطالب الذي سيتجرأ ويقدم أستاذه للمحاكمة؟ من يجرؤ على فعل ذلك؟

حال الطالب في هذه الأيام حال الأبكم الذي يرى كل شيء ويعيشه، لكنه لا يستطيع أن ينطق به أو يفعل حياله شيئاً. فمن يتعهد له بإعادته للجامعة في حال طرد منها، أو في حال تم إهمال أوراقه الامتحانية حتى يفشل في دراسته، ويخرج تلقائياً من دون أن يكون للفاسدين المتمرسين في هذه الألاعيب، دور واضح في ذلك.
إنها الحقيقة التي أصبحت واضحة للجميع، والتي لا يسعنا إلا الكلام عنها دون القدرة على إثباتها! فهل ننتظر معجزة في ذلك؟ أو ننتظر أن يصبح القانون متطوراً يستطيع التعامل مع التجاوزات التي تجري وراء الكواليس دون وجود أية كاميرات تراقبها.
نأمل أن يتحقق ذلك، دون أن نخفي خوفنا من أن يأتي يوم تصبح فيه الرشوة نهجاً أساسياً للعملية التعليمية ومادة أساسية ومرسبة في كل الكليات وجميع الأقسام!!.