ملاحظات واقتراحات على أبواب الدورة الجديدة لانتخاب مجلس الشعب ما لا يقوله المواطن علناً!!

رغم تصريح جميع القوى والاتجاهات السياسية في سورية ، بما فيها تلك الأحزاب التي تعتبر من وجهة نظر السلطة السياسية بأنها: معارضةـ بمشاركتها في الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب ـ  الدورة الثامنة ـ إلا أن ما يلاحظه المواطن السوري في مثل هذه الايام  هو خفوت بريق هذه الانتخابات، وعدم انشغال الشارع بها الى الحد الذي كانت عليه في الدورات السابقة.....

ويبدو أن السبب الرئيس وراء هذا التراجع ـ كما يبدو لي هو عدم جدوى البرلمان، بنظر بعضهم، و تلك التجاوزات التي شاهدها المواطن السوري في الانتخابات الماضية، فضلاً عن تخلف الشكل الانتخابي التقليدي  المتبع في الانتخابات، ألا وهو ( تحديد ) اسماء مرشحي الجبهة الوطنية ، وهم الاكثرية طبعاً، والزام الناخبين ، وتوجيههم لانتخاب هذه القائمة، بل تجاوز ذلك في عدد من المحافظات السورية، لاسيما في محافظتي الجزيرة وحلب حيث تم ابداع ما يسمى بقائمة الظل، التي صارت بموجبها القائمة الرسمية، مغلقة، تماماً، إذحاولت السلطات تفويت الفرص على القوى السياسية، والشرائح المتعددة، لاسيما ممثلي الاحزاب الكردية  في هاتين المحافظتين من خارج أحزاب الجبهة ممن استفادوا من الهامش الديمقراطي في العام 1990، ووصلوا الى المجلس ومنهم عبدالحميد درويش وكمال درويش وفؤاد عليكو... وهم ليسوا من المعارضة، ولا أدري لِمَ عدهم بعضهم معارضة؟... وهنا برأيي ينبغي فتح ملف لمحاسبة هؤلاء الذين يعتبرون كل من ليس معهم معارضة، بكل أسف، إن نجاح هؤلاء المستقلين، وبجدارة، في تلك الدورة ـ بيضة الديك ـ يبدو انه قد أغاظ بعض أصحاب العقول الضيقة، فراحوا يسعون بكل ما في وسعهم يوغرون الصدور، ويرون ذلك بمثابة مروق، وعصيان، ومؤامرات مدبرة، الأمر الذي جعل أحد المسؤلين  السابقين في محافظة الحسكة  يصرح قبيل الدورة التالية قائلاً: سأؤكد عروبة محافظة الجزيرة !....... وراح يدعو إلى عدم السماح لمن يتبنى قائمة المستقلين ضمن الهامش المتاح في مواجهة (قائمة الظل) التي ابتدعها، بالتصويت حتى لقائمة الجبهة!، وكأنه لا حاجة الى أصوات هؤلاء كلهم !، طبعاً بعد أن دبر الأمور على نحوٍ محكم، فكان قد ضمن نتائج الانتخابات قبل بدئها....!!

حقيقة، انه و على خلاف أي  وجهة نظر تشاؤمية، أرى أن المشاركة في انتخابات مجلس الشعب لهي  في غاية الضرورة، مهما اتُبِع من أساليب لا ديمقراطية، فالمهم أن يوصِل المواطن صوته إلى ولي الامر، ولعل هذا المواطن ليحس بجدواه، واهميته، وذلك من خلال ذلك القلق، والأرق، اللذين يلمسهما عند هؤلاء الأنفار الذين يريدون توجيه دفة الانتخابات كما يحلو لهم، من خلال ممارسة الترغيب والترهيب والتزوير، دون أن يعلموا انهم يعملون على طمس الوجه الديمقراطي للبلاد، وهي لعمري أكبر اساءة للوطن والمواطن ينبغي محاسبتهم عليها قبل كل شيء...

إذا كنت أصر على ضرورة المشاركة في المجلس، لتكريس حالة الديمقراطية، الا انني واحد من ـ خلق الله ـ الذين لا يرون في مجلس الشعب أي  بارقة  أمل، بالمعنى المنفعي، بالنسبة للمواطن ولعلي حين أقول مثل هذا الكلام أتذكر تماماً تلك المشاريع التي أقرها مجلس الشعب في الدورات السابقة، دون أن يتم النظر بها، واعتمادها، واستطيع هنا ان أضرب العديد من الأمثلة في هذا المجال... والتي يعرفها أي مواطن أكثر مني، حيث بقيت كل المقترحات والآراء، والقرارات (حبراً على ورق) ليس إلا!، وأرجو ألا يعتقدن أحد أن ما يسمعه عبر وسائل الاعلام  من دور مسرحي منوط بالمجلس أحيانا على أنه حقيقة، فكل شيء في المجلس إنما يسير وفق (مسار) محدد مسبقاً وان المجال قد يتاح امام عضو مجلس الشعب لتحقيق أي مأرب فردي، أو شخصي، يدر عليه، وعلى من حوله منافع خاصة، دون توسيع هذه الدائرة الى حيث المنفعة العامة لسائر مواطني البلاد...... ومن هنا، فإن الخلل واضح في مجمل ما يتعلق با لبر لمان  السوري بدءا بـ (آلية وقانون الانتخابات الحالي) وانتهاء بالدور الذي يمكن ان يلعبه المجلس، بشكل فعال، وحقيقي في حياة المواطن والوطن.

ولا أخفي انني أحد هؤلاء المتفائلين في حياتي الشخصية الى حد يكاد لا يصدق، رغم مثل هذه التقدمة التي هي ليست الا صورة «فوتوكوبية» عن واقع مجلس الشعب في بلادنا، لأنني. دائماًـ على يقين بأنه إزاء البرجوازية البيروقراطية والطفيلية التي لا ترى في أي مفصل مهم من الوطن إلا ذلك القدر الذي يمكن لها أن تستغله لجيوبها، ومصالحها الخاصة، ثمة قوى وطنية خيرة، لا تفتأ تعلن عن نواياها  الطيبة في الاصلاح، رغم ان أي اصلاح جزئي لايمكن أن يجدي ما لم يتحول الى اصلاح شامل (كما ترى ذلك وثائق اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين) وان هذه القوى بحاجة الى مؤازرتها، ومساندتها، والوقوف الى جانبها .لا سيما في هذه المرحلة الحرجة جداً من حياة بلدنا سورية، المستهدف من قبل جميع أساطين وقوى الشر في العالم، لوضع كل شيء في أيدي ممثلي الاحتكارات لتصفية الوطن من الداخل.

 وباعتقادي، ان التمثيل الحقيقي لفئة ـ العمال والفلاحين ـ  في المجلس ينبغي ان يكون صحيحاً ، فالفلاح الحقيقي لا يحمل شهادة أكاديمية عالية وكذلك بالنسبة الى العامل الحقيقي، لأننا لم نصل بعد الى تلك المرحلة العولمية التي كان قد قال عنها كارل ماركس : سيصبح  مهندس اليوم عامل المصنع مستقبلاً....!  وان تناسي العامل والفلاح الحقيقيين هو ذروة الخطورة المحدقة بنا، وسأحاول في مايلي تقديم بعض المقترحات التي أراها مهمة لتفعيل الحالة الديمقراطية في البلاد من خلال انتخابات مجلس الشعب لهذه الدورة:

1ـ اعادة النظر في قانون الانتخابات الحالي، وتخليصه من سوءاته، وكل ما يعيق ديمقراطية هذه الانتخابات

2ـ إعادة النظر في نسبة حصص الجبهة الوطنية وتقديم اسماء مضاعفة ـ في أقل تقدير ـ للمرشحين الجبهويين، ليتم تخير الأكثر كفاءة من بينها.

3ـ عرض اسماء جميع المرشحين ـ أعضاء جبهة وطنية ومستقلين على حد سواء ـ  في أية دائرة انتخابية واعطاء الناخب (ورقة بيضاء) ليملأها، وبعيداً عن أعين الرقيب بما  يرغب من الأسماء التي  يراها جديرة باشغال مقاعد المجلس....

4 ـ تفعيل تقليد الغرفة السرية، ورفع أية وصايات  داخل مراكز الاقتراع.

5 ـ العمل بقانون الانتخابات في ان يشرف على صناديق الاقتراع كل موظفي

الدولة وبغض النظر عن انتماءاتهم  السياسية ، ما داموا يعملون لصالح الوطن وهو أصل كل انتماء.

6 ـ اتخاذ العقوبات القصوى بحق كل من يخل بديمقراطية الانتخابات.

7 ـ تحويل دور مجلس الشعب من (واجهة ديمقراطية) الى (وجه ديمقراطي)، ويتخذ قراراته  الصائبة بصدد كل قضاياالمواطنين والبلاد.....

8 ـ اجراء- كشف حساب جماهيري ـ سنوي من قبل الناخبين لأعضاء مجلس الشعب في كل دائرة انتخابية لمعرفة ما الذي قدمه هؤلاء للصالح  العام؟ ومواجهة هؤلاء الذين عملوا من أجل انانياتهم ومصالحهم الضيقة واتخاذ آلية لاعادة النظر  في عضويتهم ومحاسبتهم ، بل وتقديم البديل المناسب عنهم في حال اثبات مخالفتهم لمضامين بياناتهم الانتخابية، وعدم عملهم بنكران الذات، والتشهيربهم من خلال وسائل الاعلام

9 ـ إعادة النظر بالامتيازات الممنوحة لعضو مجلس الشعب ـ نمرة السيارة ـ مثلاً ، ولا يعني هذا بكل تأكيد حرمانه من التغطية الكافية لنفقاته (الحقيقية) في خدمة المواطن.....

10 ـ التحسين الحقيقي للأوضاع المعيشية للمواطنين، لأن المواطن يعيش حقاً حالة بؤس معيشي، مزر، وهذا ما ينعكس بالتاكيد على وحدة الصف الداخلي، لا سيما، اذا علمنا، ان الاغنياء باتوا يزدادون غنى، وان الفقراء باتوا يزدادون فقراً . كما قال ذلك ـ خالد بكداش ـ في ثمانينيات القرن الماضي، ولقد آن الأوان لأن يعيش مواطننا، كريماً، عزيزاً، حراً في وطنه، وخاصة أنه يرى بام عينيه كيف يعيث اللصوص والمفسدون في الجهات الأربع من بلاده... واذا كانت تلك مقولة الامين العام الراحل خالد بكداش في تلك الفترة.... فأية عبارة أكثر درامية ومأساوية تليق بالواقع الحقيقي لفقراء الوطن....... الآن..........؟?

■ إبراهيم اليوسف

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

استمرار حملة الاشتراكات في

«قاسيون» 2003

تعلن «قاسيون» عن استمرار حملة الإشتراكات لعام 2003

قيمة الاشتراك السنوي (200) ل . س.

يتم الاشتراك عبر موزعي «قاسيون».

«قاسيون» معكم في الدفاع عن الوطن، وعن لقمة الشعب، والحفاظ على وجه الحزب المستقل!.

أُغلق تحرير هذا العدد مساء يوم الاثنين في

 

3/ 2/ 2003