قرى منطقة الباب.. فوق الموتة عصة قبر النعمان، سوسيان، الحدث، تل بطال، قبة الشيح، سو سنباط..

لم يكن ينقص سكان هذه القرى في منطقة الباب التابعة لمحافظة حلب سوى تهدم بيوتهم فوق رؤوسهم نتيجة تفجيرات المقالع المحيطة بقراهم، وخاصة قرية النعمان، حيث تشققت أغلب جدران تلك القرية البائسة التي هاجر أغلب شبابها للعمل في ليبيا والجزائر وقبل ذلك إلى لبنان، وكأن قدر أولئك الباقين أن يدفنوا في بيوتهم في يوم ما.

ولكن حظ تلك القرى السيئ لم يتوقف عند ذلك الحد، وإنما أضيف إليه تلوث لا يطاق ناجم عن حرق نفايات وأوساخ مدينة الباب ومنطقتها في وسط تلك القرى.

إن جشع أصحاب المقالع الحجرية المنتشرة بكثرة هناك يجعلهم يزيدون في كميات البارود المستخدم في التفجير ولعدة  مرات في اليوم الواحد وخصوصاً في نهاية الأسبوع، وكما يؤكد سكان تلك القرى فإن تلك المخالفات تتم تحت نظر الشرطة المحلية والمفرزة الأمنية التي يجب أن لا يتم أي تفجير إلا بموافقتها، ولكن الأمور هنا محلولة والشرطة وأصحاب المقالع أحباب وسبحان من نفّع و استنفع كما يقال.

أما حكاية التلوث البيئي الناتج عن حرق عشرات الأطنان من الأوساخ بين تلك القرى، فهي إحدى صور الاستهتار بالإنسان والبيئة ، فرائحة الحرائق تنتشر عدة كيلومترات حول المكان وتزداد حدتها حسب اتجاه الرياح التي لا يحب أحد هنا أن تهب باتجاهه، عشرات الشكاوى وإجابة واحدة فقط، وهي أنه لا أحد يقبل أن ينقل مكب الأوساخ إلى منطقته، وكما يبدو فإن قدر سكان تلك القرى وتواضع مستواهم المعيشي هو الذي أغرى بلدية الباب ومنطقتها على اختيار تلك المنطقة الزراعية لإتلاف الأوساخ و حرقها.

سكان تلك المنطقة عجزوا من كثرة المطالبة، وأملهم أن يصل صوتهم عبر قاسيون إلى من بيدهم إنقاذهم من الموت المحتم، إما عبر تهدم بيوتهم فوقهم أو عبر قطع أنفاسهم و خنق زرعهم.

 الباب .

 

■ مصطفى الأحمد