روائح كريهة.. وغازات سامة، تُهدد حياة المواطنين في دير الزور!؟
لم تعد المميتات الكلاسيكية كالفقر والجوع والجفاف والتصحر.. وغيرها.. هي الوحيدة التي تهدد حياة المواطنين ووجودهم في المنطقة الشرقية عموماً، ومنها دير الزور، وإنما أصبح التلوث بأنواعه ومصادره ومسبباته ركناً أساسياً في ذلك. وإذا كانت الطبيعة لها قوانينها الخاصة الناظمة لتغيراتها وتحولاتها بسبب ماهيتها التكوينية.. وبالتالي لا نستطيع منعها أو التداخل عليها بسبب قصور معارفنا وتخلف واقعنا، لكن يمكننا أن نفعل الكثير للتخفيف من أضرارها، إذا ما لجمنا التلوث الناجم عن فعل الإنسان عندنا عبر منع التهاون بهذا الشأن ومحاسبة المسؤولين عنه والمهملين والمقصرين في تلافيه حفاظاً على صحة أبناء الوطن، فهم أثمن من أي ربح أو استثمار..!!
وهنا نتوجه إلى السادة وزير النفط، وزيرة البيئة، ومحافظ دير الزور، لوضع حدّ لمعاناة المواطنين في دير الزور من التلوث المباشر فيها، حيث يعاني المواطنون رجالاً ونساءً وأطفالاً في غرب المدينة وجنوبها الغربي (في حي الثورة «الجورة» حزام الفقر الغربي)، من رائحة كريهة وغازات سامة تنبعث وتتسرب ليل نهار من البئر النفطي الواقع قرب مشفى الأسد على طريق دمشق دون حرقها، وكلما هبت ريح جنوبية وجنوبية غربية تتشبع بها، فتهدد حياتهم وحياة أسرهم، وتؤثر أكثر على المرضى والعاملين في المشفى، والطلاب المقيمين في المدينة الجامعية القريبة منها، وقد قدم المواطنون شكاوى متعددة بهذا الشأن ولم يتم وضع حد للتلوث المتفاقم.
والسؤال: إذا لم يكن هناك حلول، ونعتقد أن الحلول ممكنة، وأولها حرق هذه الملوثات أو تصفيتها أو معالجتها، فأيهما أهم حياة المواطنين أم الاستثمار المريب لخيرات الوطن التي لا تنعكس إيجابياً على المواطنين، بل يذهب القسم الأكبر من عائداتها للشركات الأجنبية وجيوب الفاسدين!؟
ونورد المثال التالي:
في يوم 19 /10 الساعة الرابعة صباحاً كانت إحدى الهبات القوية قد ملأت الأجواء، ما أحدث استياءً عاماً، وقد اشتكى العديد من المواطنين لقاسيون، وقال أحدهم: حاولت الاتصال بالمحافظ فلم أتمكن، واتصلت بقائد شرطة المحافظة الذي لم يكن بيده حيلة للمعالجة المباشرة، وأناشد الجميع: ارحمونا يا ناس.. نحن بشر مثلكم !!
أما حزام الفقر الشرقي حي تشرين (هرابش) وما بعده قرية الجفرة التي تعتبر من ضواحي المدينة، فلا يقل مأساة عن شقيقه الغربي، حيث معاناة المواطنين (دائمة) من التلوث في نهر الفرات الذي تشرب منه حيواناتهم وتسقى منه مزروعاتهم، وكذلك من الروائح الكريهة التي نتجت عن مصب الصرف الصحي للمدينة كلها، وما ينتج عن هذا التلوث من أمراض، ومن الروائح التي تنتج عن المبقرة . ومنهم من قال: هل لأننا فقراء لا أحد يهتم بحياتنا!؟ ولو أن الأمر يتعلق بأحد المسؤولين أو المتنفذين، هل كان سيجري السكوت عن ذلك؟؟ ورغم المطالبة المستمرة بنقل المبقرة وبمحطة معالجة ومنذ سنوات فإن التسويف والتأخير في إنشائها هو المسيطر، ولماذا لا تُقدم لها التسهيلات والاستثناءات والإعفاءات كما تُقدّم للمستمرين الحقيقيين أو الوهميين!؟
وأخيراً.. إلى جميع المسؤولين: إنّ حياة هؤلاء المواطنين في حيي الثورة وتشرين ليست رخيصة.. ومن يرخصها يرخُص في عيونهم!! وكرامتهم من كرامة الوطن، وهي بالتأكيد فوق كلّ اعتبار.