حدّث ولا حرج

من المعروف أن الركيزة الأساسية التي تستند إليها المجتمعات للمضي قدماً في التطور الاجتماعي هي الناحية الاقتصادية، وبالتالي فالفرد وهو ـ العنصر الرئيسي ـ في كيان المجتمع، عليه إشغال دوره بشكل فعلي ومنتج، لتكتمل حلقات الوصل في دائرة العمل، ولكن كثيراً ما نرى الفرد في بلدنا يتخبط في هذه الدائرة، ومن أوسع المساحات التي تدور فيها تداعيات الحدث.

في محافظة الحسكة، وهي مجرد مثال على تخلف العملية الاقتصادية – الاجتماعية في سورية، يجري العكس تماماً.

فلقمة العيش التي كانت تقدمها هذه المنطقة لأبنائها أخذت تذوب إثر تغير الظروف والتحول من الماضي البسيط إلى هذا الحاضر المعقد.

ومن أهم الأسباب التي أدت إلى تدهور هذه المنطقة وتدني الحالة الاقتصادية فيها، وعدم قدرتها على تأمين لقمة العيش لأبنائها:

- الاعتماد الكامل على الزراعة، وهي في جميع المعايير زراعة بدائية، بعيدة كل البعد عن المنظور الحديث لها، وحصر المردود والعمل في فصل واحد وهو فصل الصيف.

- عدم وجود معامل وشركات أسوة بباقي المحافظات.

- استقبال العمال والموظفين من المحافظات الأخرى.

- تجريد فلاحي المنطقة من أراضيهم وحشر وافدين فيها.

هذا الواقع الصعب يضع الشباب أمام خيارين لا ثالث لهما:

إذا كانوا عمالاً، (والعمل محصور بين فئة الشباب تحديداً)، فعليهم أن يتحملوا الظروف التالية:

●  عدم توفر العمل باستمرار.

●  القبول بالأجر القليل.

●  العمل بالمهنة غير المناسبة.

●  القلق الدائم والخوف من المستقبل.

أما بالنسبة للدارسين، فتزداد المسألة سوءاً، إذ أنهم بعيدون عن أجواء الأعمال الحرة المتاحة، وغير قادرين على إتقانها، مما يضطرهم للهجرة الداخلية هرباً من الواقع، وقطع المسافات بحثا ًعن حياة أفضل، لترهقهم مشكلة السكن وتأمين فرصة للعمل والمعاملة السيئة في المحافظة التي يطرقون بابها.

وإذا كان الربط سليماً فإن مواقع البطالة التي نلامسها وتنقلب علينا شحاً هي مؤشر على واقع اجتماعي متخلف، غير الواقع الذي يبحث عنه الفرد الفقير والمهمش لينعم به. 

 

■ القامشلي – مراسل قاسيون