من الذاكرة: وجع ع الطريق
على غير عادة «الزاوية» سيكون حدث جديد موضوع حديثنا اليوم، نضيفه إلى سجل الذاكرة، ومفاده أنه كعادتنا- نحن أسرة تحرير «قاسيون»- نمضي يوم الجمعة في عمل متواصل متكامل منذ الصباح وحتى ساعة متأخرة في الليل لننجز جهود أسبوع ولتغلق الصحيفة تحرير العدد!
لا يشغلنا عن عملنا شاغل باستثناء قرابة نصف الساعة، نتحلق فيها «من حلقة وليس من تحليق» حول طاولة الغداء، وكثيراً ما يكون فولاً وحمصاً، نؤوب بعده إلى العمل.
واللافت هذه المرة أن الرفاق ارتأوا أن أعود إلى البيت قبل أن تنقطع الطرق بسبب بدء عاصفة ثلجية، وكانت الساعة حوالي السادسة مساءً فانطلقت مع الرفيق معن الذي سيقود السيارة والرفيق وسام الذي انتهى دوامه، وبعد إزاحة ما تراكم على نوافذ السيارة من ثلج كثيف، كانت الطرق قد ترصعت من خير السماء، وما هي إلا مسافة كيلو متر حتى كنا في رأس منحدر في منطقة الوزان ولتنزلق السيارة وتصطدم بسيارة أمامنا فيتحطم «الطبون» وبعد تدارك الوضع الصعب تابعنا بهدوء حذر وصعوبة حتى ساحة الأمويين، لنترجل من السيارة التي كان محركها يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولنبدأ رحلة سير فوق الثلج المتراكم والسماء لا تتوقف عن جود عطائها، بشكل لا أذكر أني رأيت مثيله، وغاصت أقدامنا في الثلج والمياه الباردة لمسافة زادت عن ستة كيلو مترات مع انقطاع الكهرباء وتساقط أغصان كثيرة من الأشجار الممتدة على أطراف الشوارع.
بينما القلب والفكر والضمير في شغل شاغل في أحوال مئات الآلاف من المهجرين والمشردين والهائمين على وجوههم في كل مناطق البلاد دون أن يكونوا لحظة واحدة في حسبان المتشددين في طرفي الصراع، الذين لم يرف ولن يرف لواحد منهم جفن.