جلد للذات.. أم لطم للخدود؟؟
نشرت صحيفة تشرين في الثلاثين من أيار الماضي تحقيقاً واسعاً حول موضوع الفساد للصحفي حمود المحمود، ننشر فيما يلي مقاطع منه:
«. . . أستاذ التخطيط د.قدري جميل يتساءل: مادامت مكافحة الفساد التي أعلنت كهدف استراتيجي لم تتحرك بالخطوات المطلوبة بدليل ازدياد الفاقد المالي السنوي للفساد في سورية، فكثرة الحديث عن الفساد ليس جلدا للذات بل هي حملة حرب نفسية على الفاسدين الذين ـ بحسب قوله ـ بدؤوا يزدادون فساداً لأنهم بدؤوا يشعرون أنها آخر أيامك يامشمش».
من جهة أخرى فربما علينا ليس أن نجلد أنفسنا فقط بل أن نلطم خدودنا أيضا إذا علمنا وفقاً لبحث علمي يطلعنا عليه الدكتور قدري جميل أن نسبة الفاقد من دخل الدولة والذي يذهب لجيوب الفاسدين سنويا يصل بحسب الآراء المعتدلة (وفقا لتعبيره) إلى مبلغ (300 مليار ليرة سورية) وهذا المبلغ يسميه الدكتور جميل «مخرجات الفساد» وبحسب رأيه أيضا أن استعادة هذا المبلغ سنويا تجعل الخطة الخمسية العاشرة مضمونة التطبيق والنتائج دون الحاجة لأية موارد خارجية.. وللتوضيح أكثر يقول د.جميل: هذا المبلغ إذا تم تأمينه سنويا عبر مكافحة الفساد فإنه سيمكّن الدولة عمليا من تشغيل (300) ألف عاطل عن العمل سنويا مايعني القضاء على البطالة نهائيا في سورية خلال خمسة أعوام تقريبا».
وتطرق التحقيق إلى تشكيل جمعية مكافحة الفساد قائلاً: «. . غير أن الجمعية التي رأت النور عملياً كانت «الجمعية الشعبية لمكافحة الفساد في سورية» والتي أعلن تأسيسها عدد من الباحثين وأعضاء مجلس الشعب وممثلي أحزاب الجبهة والمستقلين وهم: «الدكتور قدري جميل رئيساً لمجلس إدارة الجمعية الدكتور صابر فلحوط رئيس اتحاد الصحفيين، الدكتور محمد حبش عضو مجلس الشعب، المهندسة لما قنوت عضو المكتب السياسي لحركة الاشتراكيين العرب، حنين نمر عضو مجلس الشعب، السيد ابراهيم اللوزة، السيد عرفان كلسلي، الإعلامي محمود عبد الكريم، السيد محمد ياسين الأخرس، الدكتور أحمد برقاوي، المحامي مروان صباغ نائب رئيس نقابة المحامين»..
وفي الاجتماع الذي عقد في نادي الصحفيين بدمشق، في 11/11/2005 لإشهار الجمعية عكس المؤسسون والحضور «لب المشكلة» والذي هو أننا لم نتفق بعد على تعريف الفساد، كيف سنكافحه، الآليات» حيث استغرق الحديث عن تعريف الفساد أكثر من نصف الاجتماع دون الوصول إلى صيغة محددة وبالعودة إلى هذه الجمعية نسأل رئيس مجلس إدارتها الدكتور قدري جميل: هل كانت ردة فعل على مشاريع الحكومة «غير الواضحة» في مكافحة الفساد؟ يقول: «على العكس ولدت انطلاقاً من اعتبار هذه المكافحة هدفاً استراتيجياً أعلنه المؤتمر العاشر للحزب وأعلنته الحكومة، ونحن نؤمن أن هذه العملية لا يمكن أن تقوم بها الحكومة وحدها دون دعم من المتضرر الأساسي من الفساد الذي هو نحن المواطنين، لكن ما هي إلا أيام بعد إعلان الجمعية حتى تلقى المؤسسون إنذاراً من وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل: «نحيطكم علماً بأنه لا يجوز ممارسة أي نشاط أو اجتماع للجمعية قبل الحصول على موافقة أصولية من وزارتنا» محذرة من عقوبات جزائية على أية مخالفة.
وبناء عليه قدم المؤسسون الأوراق المطلوبة لوزارة الشؤون كما يحدثنا الدكتور جميل، حيث حولتها الوزارة بدورها إلى محافظة دمشق مروسة بتوصية من مديرية الشؤون الاجتماعية في دمشق: «ترى مديريتنا أهمية الأهداف التي تسعى الجمعية المذكورة لتحقيقها والمتمثلة بـ: فضح مواقع وآليات مختلف أنواع الفساد.. المساهمة في تنشيط حركة مجتمعية لمكافحة الفساد.. التعاون مع المنظمات الشعبية والنقابات تقديم اقتراحات للمؤسسات الدستورية ،التعاون الوثيق مع سلطة القضاء، التعاون مع جميع وسائل الإعلام، إعادة الاعتبار للمثل والقيم، التي تعتبر الفساد أمراً شائناً.. دراسة مواطن الخلل في القوانين والأنظمة الإدارية، دراسة الواقع المعيشي»..
وبعد مرور أكثر من شهرين على تقديم الطلب دون أي رد من وزارة الشؤون الاجتماعية يقول د.جميل فقد أصبح من الممكن قانوناً اعتبار الموافقة أمراً واقعاً إلا أن الوزارة أعادت إلينا الطلب في 17/5/2006 أي بعد أكثر من ستة أشهر طالبة استكمال الأوراق الثبوتية. هذه الأوراق يرى رئيس مجلس إدارة الجمعية أنها مستكملة من جانب الجمعية لذلك فهو يرى أن البيروقراطية والروتين المصطنع «المقصود منه وغير المقصود» مازال يحول دون مباشرة الجمعية أعمالها».