كان أبو بحر صديقي وأخي ورفيقي...

ماذا أحدث عنك بعد هذه السنوات... وماذا أتذكر.. المرحلة الثانوية وتفوقك خاصة في مادة الفلسفة التي طالما أثرت بمواضيعك ونقاشاتك إعجاب زملائك وأستاذ المادة؟ اتحاد الشباب الديمقراطي وعملك المتفاني والمثالي بين الشباب لتجعل منهم نموذجاً للمناضلين وبناة لهذا الوطن... عملك الحزبي الذي أصبح محور حياتك لبناء مجتمع العدالة والمساواة..

عملك الوظيفي في الشركة السورية للنفط الذي كنت فيه مثال النزاهة والاستقامة والذي لم يَرُقْ وجود أمثالك بين مَنْ لا يتمتعون بصفاتك بينهم، فكان نتيجته أن تم تسريحك بموجب المادة (85) من قانون العمال في ذلك الوقت الذي لا تبين أسباب التسريح ولا يحق للعامل الاعتراض بأي شكل؟!! ثم عملك الصحفي الحزبي الجريء والمثابر والمتفاني الذي لا شبيه لك فيه وخاصة في القدرة على التحمل مهما كانت الأعباء..

وإذا كنت يا أبا بحر لا أستطيع أن أحيط بمناقبك من خلال هذه الأسطر.. فإنك باختصار كنت نصيراً للمظلوم وحرباً على الظلم كيفما تجلى، تسعى إلى الحق دائماً ولا تأخذك فيه لومة لائم، وتقف في وجه الظلم كالطود تتحسس آلام شعبك وتعشق وطنك وتعمل من أجل الكادحين فيه وفي سبيل حقوقهم، وحرباً على الفاسدين والمفسدين..

أجل يا أبا بحر كنت نصير المظلومين مع أنك كنت مظلوماً أحياناً حتى ممن كانوا يسمون (رفاقاً). لقد أحبك كل من تعرف عليك وعرف معدنك الثمين، وتركت انطباعاً وذكرى لا تنسى، وإذا كنت حاداً أو قاسياً أحياناً فالجميع كان يعرف تماماً أن هذا لم يكن لهدف شخصي أو ذاتي... وإذا كان محبوك يفتدونك اليوم، وبعد أن حملت الأمانة وأديت الرسالة، وترجلت عن صهوة جوادك باكراً، وتركت لغيرك أن يكمل درب النضال الشاق والطويل، وإذا كانت شعلة الحياة قد انطفأت بين جنبيك، فإن شعلة جديدة هي ذكراك الطيبة العطرة ستتوهج وستبقى أملاً دافقاً ودافعاً لمحبيك ورفاقك، أخيراً أقول لزوجته وحبيبته نوار وأمله وحبيبه ابنه بحر، ولأصدقائه ورفاقه ومحبيه ستبقى ذكرى هذا الإنسان الصادق مع نفسه ومع الآخرين، في عقولنا وذاكرتنا جميعاً، ذكرى طيبة جميلة تحدونا بالأمل دائماً وكما قال أحد الشعراء:

لو كان فيض الدمع ينفع باكياً

لعلمت غرب الدمع كيف يسيل

فإن غاب نجم فالنجوم طوالع

ثوابت لا يقضى لهن أفول

يُغاث بها في ظلمة الليل حائر

ويسري عليها بالرفاق دليلُ

 

■ المحامي ياسر النجار