سجن حلب المركزي: ويبقى قرار «إخلاء السبيل» معلقاً حتى...
كأن الموت والدمار مكتوب بقدر هذه المدينة المنكوبة، إضافة للقصف الذي يطال المدنيين في طرفي المدينة، يتساقط نزلاء السجن برداً حتى الموت
وبعدما توفي 12 سجيناً مع بداية العاصفة الثلجية برداً وجوعاً نشرت وكالات الأنباء خبر صدور قرار بإخلاء سبيل 350 سجيناً دفعة واحدة من سجن حلب المركزي ولم تتضح تفاصيل هذا القرار وآلية تنفيذه
بمراجعة مكتب المحامي العام الأول بحلب بهذا الخصوص أفادنا بالبيان التالي:
«بناء على توجيهات السيد وزير العدل والمتضمنة متابعة أوضاع السجناء الموقوفين في سجن حلب المركزي والسجن البديل بفرع الأمن الجنائي، فقد قام السيد المحامي العام الأول بحلب القاضي إبراهيم هلال بتشكيل لجنتين قضائيتين:
الأولى: مهمتها النظر بأوضاع السجناء الموقوفين لدى محاكم الجنايات بحلب. والثانية: مهمتها النظر بأوضاع السجناء الموقوفين لدى قضاء التحقيق والإحالة. وقد أوصت هذه اللجان بإخلاء سبيل 329 موقوفاً في سجن حلب المركزي و37 موقوفاً في السجن البديل بفرع الأمن الجنائي. وذلك بعد أن تمت دراسة أضابيرهم، وقد راعت بذلك ماهية الجرم ومدة التوقيف والظروف الانسانية التي يمر بها السجناء. كما تم إرسال جداول بأسماء السجناء المقرر إخلاء سبيلهم إلى إدارتي سجن حلب المركزي والسجن البديل بفرع الأمن الجنائي . و سيتم التعاون مع منظمة الهلال الأحمر العربي السوري لإيجاد آلية آمنة لإخلاء سبيل المذكورين».
واستبشر أهالي السجناء خيراً، ولكن فعلياً لم يتسلم الهلال الأحمر سوى أسماء خمسة عشر سجيناً فقط وتم إخراجهم من السجن.
فما هي القصة الحقيقية؟
فعلياً عندما يصدر قرار إخلاء السبيل ينتهي بعبارة «مالم يكن مطلوباً لجرم آخر»، وعندما يصل القرار لإدارة السجن عن طريق قيادة الشرطة تُفتح إضبارة السجين، فإن كان فيها مذكرة بحث أو مذكرة توقيف من قاضي آخر، أو طلب لجهة «مختصة»، أو حكم ثاني من محكمة ثانية غير الحكم الأول الذي كان السجين مسجوناً بسببه، تقوم إدارة السجن عن طريق قيادة الشرطة بإعادة كتاب إخلاء السبيل بشرح طلب الجرم الآخر. ليصار بعدها إلى معالجته، فإن كان يحتاج لحضور السجين أمام قاض آخر أو أمام جهة أخرى، تعثر سوقه بسبب حصار السجن، ويبقى قرار إخلاء السبيل معلقاً حتى النظر والبت بالجرم الآخر. فإن بُت بالجرم الثاني، ينتقل الأمر لمعالجة الجرم الثالث إن وجد، وهذه الحالات كثيرة جداً ومعممة.
طبعاً لا يشترط أن يكون الشخص قد ارتكب عدة جرائم، فأحياناً تصدر لجرم واحد عدة كتب ملاحقة، كإذاعة بحث مثلاً ومذكرة توقيف وغيرها، لذات الجرم وتعالج كل منها على حدى.
المطلوب تسوية الملف
ويستغرق هذه الأمر زمناً طويلاً ومعالجة قانونية معقدة ولذلك لا نتوقع أن يتم الإفراج عنهم دفعة واحدة وإنما على دفعات يومية. علماً أنه بموجب هذا القرار ارتفع عدد المفرج عنهم يومياً من 7 أو 8 أشخاص إلى 15 شخصاً في المرة الأخيرة.
منظمة الهلال الأحمر وبشبابها المتطوعين مازالوا برغم قساوة الظروف ينقلون الغذاء للسجن، ويرجعون ومعهم عدد من المفرج عنهم وفق القوائم التي تسلمهم إياها قيادة الشرطة. وقد وصل العدد إلى حوالي 600 سجين من أصل حوالي 4200 سجين تقريباً خلال الأشهر الماضية، وهم جاهزون لتأمين نقل جميع من يفرج عنهم مهما بلغ عددهم.
الأمر معقد ويتطلب عملاً كثيراً، ونية فعلية بإغلاق هذا الملف، من جميع الأطراف، ويجب الحرص على تبسيط الإجراءات القانونية الروتينية غير المقبولة بالظرف الطارىء الخاص الذي يمر به هؤلاء المساكين. رحم الله كل بريء وخاصة الأطفال ممن سقطوا ضحايا لهذه الحرب المجنونة التي تعصف بنا جميعاً.
عن صفحات الفيس بوك