نزار عادلة نزار عادلة

مفارقات اقتصادية سورية حقل تجارب!!

كل الإجراءات الاقتصادية التي اتخذت في السنوات الماضية كان يكتنفها التردد والخجل إن كان في المجال النقدي والمصرفي أو في عمليات الاستبدال والتجديد في شركات القطاع العام أو في المجال الاستثماري أو في القضايا التي تهم العمال والموظفين كقانون التقاعد المبكر ومشاريع دمج الشركات وعرض بعضها للاستثمار ثم التراجع عن ذلك. . . .

ونرى ويرى الجميع بأن هوية الاقتصاد السوري قد حسمت في المؤتمر القطري العاشر للحزب، اقتصاد السوق الاجتماعي، وأمام هذا الخيار لم يعد هناك مجال للتردد أو الخجل في اتخاذ القرار الاقتصادي، وكان من المفروض أو من العرف العام أن يرافق ذلك وضع برامج اقتصادية واجتماعية انطلاقاً من اقتصاد السوق الاجتماعي، وذلك للحفاظ على عوامل القوة الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي، شيء من هذا لم يحدث وحدث أن السجال قد بقي ومايزال بين الفريق الاقتصادي في الحكومة وبين فريق من هذا الفريق وجهات سياسية ونقابية، والنقابية الممثلة بالاتحاد العام لنقابات العمال، فريق من الفريق الاقتصادي الحكومي يعمل جاهداً في برنامجه المرسوم للتكيف مع العولمة واتخاذ إجراءات ليبرالية اقتصادياً، وصدرت في هذا الاتجاه العديد من القوانين والإجراءات في حين يقف الفريق الآخر كابحاً أو متباطئاً في هذا الاتجاه ومعارضاً للعلاج بالصدمة والتي سوف تؤدي إلى نسف كل الواقع القائم منذ 40 عاماً بمكتسباته الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

بعد ذلك:
بعد أكثر من  عام على تبني اقتصاد السوق الاجتماعي، وبعد سنوات من طرح برامج لإصلاح القطاع العام وجميعها لم تنفذ وباءت بالفشل، بل إن الواقع يقول: إن مشاكل وصعوبات القطاع العام تفاقمت على كافة الأصعدة الفنية والإدارية والتسويقية والإنتاجية، بعد ذلك يصدر السيد رئيس مجلس الوزراء مؤخراً قراراً بتشكيل  لجنة مهمتها، كما يقول القرار، وضع الإطار التشريعي لإصلاح القطاع  العام الصناعي، وأكد القرار بأن على اللجنة تقديم دراستها قبل 1/12/2006، وقد جاء تشكيل اللجنة من اقتصاديين في وزارة الصناعة ومن مجلس مفوضي هيئة الإدارات المالية ومكتب النائب الاقتصادي، واستبعد منها ممثلو الحركة النقابية، وقد احتج اتحاد العمال على استبعادهم، فأصدر رئيس الوزراء قراراً بتسمية عزت الكنج نائب رئيس الاتحاد وخالد المرعي أمين شؤون العمل في اللجنة، وعقدت اللجنة الجلسة الأولى لاجتماعها وفوجئت بطروحات ممثلي اتحاد العمال، كما فوجئ ممثلو اتحاد العمال بطروحات أعضاء اللجنة.
طرح بعض أعضاء اللجنة شركات القطاع العام في سوق الأوراق المالية وقبل ذلك طرحها للخصخصة، وأجاب نائب رئيس اتحاد العمال بأن بيع شركات القطاع العام هو بيع للوطن، وأجاب السيد صفوان الرومي من مكتب النائب الاقتصادي قائلاً:
أنا أتحفظ على ذلك، وطلب نائب رئيس اتحاد العمال قائلاً: سجلها في محضر الجلسة ولن تمر الخصخصة بسلام.
وتم الطلب من نائب رئيس اتحاد العمال شرح مفهوم العمال لاقتصاد السوق الاجتماعي، حيث تبنت هذا الاتجاه كافة الفعاليات في سورية بعد المؤتمر القطري العاشر، ومنها القيادة النقابية التي كان لها وجهة نظر ورؤية محددة بهذا الخصوص، ورد قائلاً: في الحقيقة إن تبني المؤتمر القطري لنهج اقتصاد السوق الاجتماعي جاء نتيجة تفاعل مجموعة الرؤى والاقتراحات المقدمة من الطيف السياسي والاقتصادي في سورية، وقد ساهم اتحاد العمال بشكل كامل سواء بالمذكرات المكتوبة المقدمة  إلى المؤتمر أو من خلال المناقشات التي دارت خلال الجلسات وبالتالي نحن لم نتبن هذا النهج بعد المؤتمر بل أكدنا على ضرورة تفعيل إدارات تنفيذه على أرض الواقع وفيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية المتخذة ينتابنا بعض الشكوك فيما إذا كانت هذه السياسات ستطبق نصاً ومضموناً أم أن التطبيق سوف يكون انتقائياً والشيء المهم في هذا الصدد أن يكون الحوار مع مختلف الأطراف ولاسيما اتحاد العمال، ونحن أعضاء فاعلون في القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية وفي اللجنة الاقتصادية وفي رئاسة مجلس الوزراء.
نحن نشارك بصنع القرار الاقتصادي، وشرح نائب رئيس اتحاد العمال رؤية الحركة النقابية لإصلاح واقع القطاع العام الصناعي والإنشائي.
خالد المرعي أمين شؤون العمل في الاتحاد العام لنقابات العمال عضو اللجنة قال: كان هناك تباين في الآراء حول واقع القطاع العام وتم الاتفاق مبدئياً على الأخذ بالقرار 82 لعام 2000 حول مبدأ  الإدارة الاقتصادية والاستقلال المالي والإداري للشركات وإخضاع القطاع العام لأحكام قانون التجارة، والأخذ بآلية السوق قيما يتعلق بالمنافسة والربح والجودة  والسعر وتحديد العلاقة مع وزارة المالية من خلال الضريبة وحصة الدولة من الأرباح.
اللجنة تواصل اجتماعاتها ومازالت الطروحات والاجتهادات تطرح من أعضاء في اللجنة ليس لهم علاقة بالقطاع العام، لا من قريب ولا من بعيد، وإذا عكسنا الصورة، فإن النائب الاقتصادي إذا أراد أن يطرح واقع القطاع الخاص الصناعي والتجاري، هل سيشكل لجنة من القيادة النقابية ومن أحزاب وقوى اليسار.
مفارقات عديدة يعيشها الفريق الاقتصادي في سورية.