رائحة فساد في محطة ضخ النفط في تل البيضا!

ما يزال الفساد يصول ويجول في المؤسسات الحكومية، يعلن عن نفسه على الملأ, (يدوس) على القانون، يسخر من كل من يغار على المصلحة العامة، وكل من يهتم بالشأن العام.

مسلسل الفساد لا ينتهي، ولكن الأقلام الحرة الجريئة لن تمل من كشف الفاسدين وتعريتهم، وإن كان البعض يرى في ذلك نفخاً في قربة مقطوعة، فهذا ما يمليه الواجب الوطني والأخلاقي، وهذا ما يقتضيه الحرص على مؤسسات بنيت بعرق ودماء الآلاف من السوريين عبر عقود من الزمن، يحاول البعض سحقها وتسخيرها لمصالحه الشخصية، مع قناعتنا بأن ساعة الفاسدين آتية لا ريب فيها!

 سائق يشرف على ترحيل الهوالك!

في آخر زيارة لمدير عام الشركة السورية لنقل النفط لمحطة تل البيضا، طرح موضوع نقل الهوالك الموجودة ضمن حرم المحطة، وهذه المواد تتجاوز أوزانها بشكل تقريبي ألف وخمسمائة طن، وهي عبارة عن خردة ومواد أخرى لا يمكن وضعها ضمن المخزن كونها تشغل حيزاً مكانياً واسعاً، وقد كانت موضوعة ضمن حرم المحطة، ومن ضمنها بواري نفط بأطوال وأحجام مختلفة وصمامات وفلنجات.. المشكلة الأولى أنه تم إبرام عقد نقل الهوالك دون أخذ رأي المختصين القادرين على تحديد حاجة المحطة لبعض هذه الهوالك، وبالأخص بواري النفط، كونها تستخدم كقمصان في حال حدوث تسرب في الخط أو انفجار أو تآكل أو ترقيع.

والمشكلة الثانية أن السيد رئيس المحطة قام بتسهيل عملية نقل هذه المواد المبيعة دون إبلاغ اللجنة المشكلة لترحيل الهوالك، بل سهّل للمتعهد الذي رسى عليه العقد عملية التسليم دون أي إشراف يذكر سوى من سائقه الخاص المقرب إليه، والذي كان يدخل القاطرات إلى المحطة ويتم تحميلها، وقام هذا السائق (كاسر إدريس) بجلب أخيه ومعه قاطرة وقام بتحميل هذه القاطرة بالمواد الهالكة ليلاً، وعند اعتراض الحرس على إخراج المواد دون أوراق نظامية، أمر السيد رئيس المحطة رئيس وردية الحرس بالسماح بإخراج المواد..

والسؤال لماذا لم  تقم لجنة من المختصين بالإشراف على العملية  لتدقيق المواد من حيث الوزن والنوعية، ومدى صلاحية بعضها ليتم استخدامها عند الضرورة؟ ولماذا تم إبعاد أمين المخزن من عملية إحصاء الصمامات التي تم ترحيلها، علماً أنها مواد ثمينة لا تباع كمواد هالكة، بل يعاد استخدامها مرة أخرى في حال الحاجة لها ولبواري النفط التي تضطر المحطة أثناء الضرورة إلى شرائها من الخارج بالعملة الصعبة؟ وقد ترك السيد رئيس المحطة بعض البواري للتمويه على عمله هذا...

وبعد انتهاء أعمال الترحيل بعدة أيام، طلب رئيس المحطة من رئيس ورشة الكهرباء الحضور إلى مكتبه والتوقيع على محضر جاهز بعمليات ترحيل المواد المذكورة، فرفض رئيس الورشة التوقيع كونه لا علاقة له بالأمر، فأصدر رئيس المحطة قراراً بتشكيل اللجنة المشرفة على عملية ترحيل الهوالك متضمنة كل من: رئيس ورشة الكهرباء، رئيس شعبة الصيانة العامة، رئيس ورشة الميكانيك، رئيس ورشة الأجهزة، أمين المخزن.. وطلب منه التوقيع ثانية، فرفض لأنه لم يعلم أنه عضو في اللجنة المشكلة بتاريخ 582009، وطلب التوقيع بتاريخ 2382009. وكذلك الحال بالنسبة لأمين المخزن، فلو علم رئيس الورشة أنه مكلف بالإشراف لشارك في جميع مراحل العمل وسجل كل المواد التي تم نقلها، وما كان ليوافق على ترحيل بعض المواد، وخاصة بواري النفط التي تستخدمها المحطة مراراً وتوفر على خزينة الدولة مبالغ باهظة.

 فوضى إدارية.. وفواتير غير دقيقة!

قام رئيس المحطة باقتراح وتسمية عامل ميكانيك فئة رابعة فني رئيساً لورشة الميكانيك العام بالمحطة، متجاهلاً كل القوانين، قائلا وبكل صراحة: أنا فوق القانون عندما ناقشه المهندس عبد الصمد علي بهذا الأمر، مع العلم أن ذاتية العامل المعني لا تؤهله لاستلام هذا الموقع حتى لو كان يحمل الشهادة التي تؤهله!

طلب  رئيس المحطة من أمين المخزن إدخال فواتير غير صحيحة من أجل صرفها، وعندما رفض أمين المخزن ذلك، هدده رئيس المحطة بالعقوبة والحرمان من الإضافي.. وإليكم بعض الأمثلة:

 - فاتورة قيمتها 52الف ليرة لم يدخلها أمين المخزن كونها غير نظامية ولم يشاهد المواد المذكورة فيها.

- فاتورة قيمتها تسعمائة وخمسة وأربعون ليرة لم يدخلها أمين المستودع كون المواد لم تجلب وطلب منه إدخال الفاتورة.

- فاتورة قيمتها عشرة آلاف ليرة، المواد المذكورة بها لم تجلب ولم يدخلها أمين المستودع.

- فاتورة قيمتها اثنان وخمسون ألف وأربعمائة وخمسون ليرة، لم يقبلها أمين المستودع لأنها غير صحيحة، فتم تبديلها.

واضح من المعلومات الواردة آنفاً أن هناك تجاوزاً مفضوحاً للأنظمة والقوانين، وإهداراً للمال العام. وتبقى الكرة في ملعب الجهات صاحبة القرار لإجراء تحقيق شفاف ومحاكمة الفاسدين وخصوصا الكبار منهم، وعدم تحميل وزر النهب للصغار منهم فقط.