الدوريات.. والأتاوات!
اعتاد المزارعون في محافظة الحسكة عموماً، وفي قرى وبلدات منطقة القامشلي (المالكية، الجوادية، القحطانية...) خصوصاً، وبشكل قسري، على دوريات راجلة أو أفراد على شكل دورية من الشرطة، يجوبون الحقول وبيوت الفلاحين وقت الحصاد من كل عام، مطالبين تصريحاً أو تلميحاً بـ«حلوان» الموسم.. ولا يستطيع الفلاحون، وهم أكثر العارفين بعواقب إغضاب (ابن حكومة)، أن يفعلوا شيئاً سوى الامتثال للابتزاز، وهم في أشد درجات الحنق والاحتقان والقهر..
ولقد بات متعارفاً عليه بين الفلاحين أن هذا «الحلوان» يعني كيس حنطة أو أكثر، أو أموالاً سائلة محددة تختلف حسب موسم كل فلاح.. وبما أن هؤلاء المحميين بمهنهم ولباسهم يعرفون بدقة مقدار إنتاج كل فلاح، لذلك لا يستطيع أحد المناورة معهم أو الادعاء بنقيض الواقع.. وبالتالي يقومون بالدفع صاغرين.
والحقيقة أن هذه الظاهرة أصبحت أشد إيلاماً وأكثر إيذاء للفلاح مادياً ومعنوياً مع تتالي مواسم القحط والتراجع المستمر في كميات المحاصيل نتيجة السياسات الزراعية الحكومية التي لم تبق للفلاح ما يستر به نفسه ويكفي عياله.
إننا إذ نكشف عن هذه الظاهرة التي تذكر بأيام (الجندرما) والإقطاع والاحتلال العثماني البغيض وأغاواته الجشعين، نطالب السيد وزير الداخلية بالتدخل الفوري لقمع هذه السلوكيات المرفوضة قانونياً وأخلاقياً، والتوجيه لمدراء المناطق ورؤساء الأقسام والمخافر لإنزال أشد العقوبات بالعناصر والضباط الذين يقومون بهذه الأعمال الناشزة.. خصوصاً وأن الفلاح أصبح تحت خط الفقر، ومن المعيب جلده بلقمته وكرامته أكثر وأكثر..