وأخيراً مواطنون... لكن ماذا بعد؟!
أجانب محافظة الحسكة بموجب احصاء 5/10/1962 منحت لهم الجنسية السورية بموجب المرسوم التشريعي /194/ الذي أصدره السيد رئيس الجمهورية مشكوراً في /7/ نيسان لعام 2011.
بداية لابد من الاعتراف بأن هذا المرسوم أفرح المواطنين في المحافظة، الأجانب سابقاً وغيرهم. فهي خطوة إيجابية ولو أنها تأخرت كثيراً. ولكن في الوقت نفسه لابد من التساؤل.. وماذا بعد. وهل يكفي لحل تلك المسألة المعقدة؟.
إن إعادة الجنسية بعد /49/ عاماً من المعاناة المتعددة الوجوه لعشرات الآلاف من الأسر الكردية يشكل اعترافاً من الدولة بحقوق اعتدي عليها.. فقد سلبت منهم الجنسية والأكثرية الساحقة كانت تتمتع بالجنسية السورية قبل الإحصاء الرجعي المذكور. وخلال تلك السنين الطويلة تعرضوا لكثير من المظالم وأوجه الحرمان، سواء في العمل أو التوظيف أو لجهة عدم الحصول على البطاقة التموينية، وحرموا كذلك من الدراسة ومن السفر خارج البلاد، ومن أراضي الإصلاح الزراعي، ومن الانتساب للنقابات المهنية وغيرها.
باختصار إن المعاناة كانت شديدة ومتعددة الأشكال، بل يمكن القول إنه من غير الممكن الإحاطة بجميع جوانبها، خاصة أنها استمرت عشرات السنين.. هذا حدث في ظل سياسة الدولة آنذاك غير الديمقراطية بشكل عام، وخاصة ضد الشعب الكردي، ولاسيما مع ممارسة سياسة التمييز تجاه الأكراد.
واليوم.. ماذا بعد. ما هي سياسة الدولة تجاههم بعد كون التعويض لهم بشكل كامل مستحيلاً؟.
والتساؤل الهام، هلي يحق لهم المطالبة بتعويضات مادية أو معنوية؟ وما هو حجم التعويضات الممكن أن تعترف بها الدولة؟ فالدولة وحدها تتحمل كامل المسؤولية عن المظالم التي تعرضوا لها وعليها أن تعوضهم، وترد لهم بعض الذي حرموا منه.
وكذلك من حقهم على الدولة أن تبحث لهم عن سبل لتقديم المساعدات العاجلة في العمل والتوظيف.
إن السير في طريق الإصلاحات والديمقراطية يعني الكثير على مستوى الوطن، كما يعني إزالة سياسة الاضطهاد بحق الشعب الكردي، وإلغاء السياسات والمشاريع العنصرية، والقوانين الاستثنائية المطبقة بحقه، وإعادة التسميات الأصلية للقرى والبلدات والمدن التي جرى تعريبها.. ورفع الحظر عن اللغة والثقافة الكردية لتكون القومية الكردية فعلاً جزء من نسيج المجتمع السوري، بحيث يتمتع الأكراد بحقوقهم الثقافية.
لقد آن الأوان لعدم إغماض العين عن مطالب الجماهير الشعبية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد آن الآوان ليتساوى المواطنون فعلاً أمام القانون.
وبالعودة لموضوع منح الجنسية، فكثير من العائلات يمكن أن تتعرض لإشكالات مع شعب التجنيد، حيث يوجد عائلات لديها عدد من الشباب في سن خدمة العلم، فيكف سيحل الأمر؟.
هناك من بلغ عمرهم أكثر من أربعين سنة ولديهم أطفال، والالتحاق بخدمة العلم الآن سيسبب لهم مشكلات عائلية ومادية جمة، ومن الضروري والهام جداً أن تصدر تعليمات واضحة لشعب التجنيد في محافظة الحسكة، بما يسهل أمر سوقهم للخدمة الإلزامية أو إعفاء البعض ممن بلغوا سناً معينة، أو قبول البدل النقدي لبعض الحالات مع تخفيف المبلغ النقدي.
أما مكتومو القيد منهم، فبحاجة إلى إصدار تعليمات واضحة ومرنة ومبسطة لتسجيلهم في دوائر النفوس، فلماذا التأخير في إصدار التعليمات بهذا الخصوص؟.
إن تنفيذ كل ما سبق يساهم مساهمة جدية في تقوية الوحدة الوطنية، ويشد المواطن أكثر نحو هذا الوطن، لأن الطريق الوحيد لأمن الوطن هو الملاقاة العاجلة لمشكلات وهموم الناس..