الحكومة نسيت وعودها بشأن رغيف الخبز
لم تفِ الحكومة بوعودها حتى الآن بشأن تحسين جودة رغيف الخبز، بل صار واقع السوء بهذا الرغيف وكأنه قدر لا فكاك منه، ومن سيئ إلى أسوأ.
عندما رفعت الحكومة سعر الخبز للمرة الأخيرة، ادعت بأنها ستقوم على تحسين جودته وإعادة مواصفته إلى ما كانت عليه، خاصة ناحية نوعية الطحين المستخدم، ونسبة الاستخراج من القمح عبر المطاحن، والتي رفعتها إلى 90% في وقت سابق، بحجة عدم توفر الكميات الكافية من هذه المادة بحينها.
الخميرة ذريعة
لم يكن الدقيق فقط هو العامل الوحيد المتسبب بسوء الرغيف، بل كان لنوعية الخميرة دور إضافي بذلك السوء، وقد تم التبرير سابقاً بأن الخبرة لدى «العجانة» غير مكتملة على مستوى التعامل مع بعض النوعيات من الخميرة، وهو أمر سيتم تجاوزه لاحقاً عبر اكتساب الخبرة المطلوبة على هذا المستوى من العمل في صناعة رغيف الخبز، ولكن واقع الحال لا يشي بأن الخبرة قد تراكمت لدى هؤلاء طيلة المدة السابقة، بدليل استمرار واقع حال رغيف الخبز السيئ، أو لعل موضوع الخبرة بحد ذاته لم يكن إلا ادعاء وذريعة إضافية من قبل الحكومة لتبرير سوء هذه الصناعة بمكونها الأساسي وهو الدقيق.
زوال الأسباب
واقع استجرار وشراء الأقماح أصبح متجاوزاً أزمة نقص المادة التي كانت ذريعة وحجة، حيث تقوم مؤسسة الحبوب بين الحين والآخر بعقد الصفقات من أجل تأمين الكميات اللازمة والكافية، سواء عبر القطاع الخاص أو عبر الخطوط الائتمانية، وتوزع هذه الكميات على المطاحن العامة والخاصة من أجل استخراج الدقيق اللازم لصناعة الخبز التمويني «المدعوم».
وعلى الرغم من زوال أسباب رفع نسبة الاستخراج إلا أن هذه النسبة لم تعدل حتى الآن، وما زالت 90%، وهذه النسبة المرتفعة هي السبب الرئيسي في سوء رغيف الخبز، سواء من حيث اللون، أو من حيث النكهة والطعم والجفاف السريع ومدة الحفظ، وذلك لوجود نسبة نخالة مرتفعة، بالإضافة إلى وجود برعم القمح الذي يؤدي إلى الطعم المتزنخ أحياناً بالرغيف.
ما من شك أن رفع نسبة الاستخراج خفض من تكاليف صناعة الرغيف بالمادة الرئيسية المكونة له، حيث زاد من كمية الدقيق المستخرج بكمية نخالة أعلى، وهو السبب الذي ادعت الحكومة بأنها عبر رفعها للسعر ستعيد هذه النسبة إلى 80% أو 85% كما كانت سابقاً وستعود مواصفة الرغيف إلى ما كانت عليه، والأمر كان مرتبطاً من حيث التنفيذ بالكميات الكافية واللازمة المستلمة من القمح، وهو الأمر الذي تم تجاوزه الآن.
المدخلات أولاً
صناعة الرغيف الجيد تبدأ أولاً بالمدخلات الجيدة، من القمح والخميرة، وتأتي المصانعة والخبرة في المرتبة الثانية بعد ذلك، وبالتالي لسنا مع تجيير موضوع سوء رغيف الخبز على المصانعة على الرغم من أهميتها، حيث في ذلك تحريف مباشر لحقيقة الأمر، فالمخابز والأفران العامة والخاصة التي تنتج الرغيف التمويني «المدعوم»، هي نفسها من كانت تنتج الرغيف بالمواصفة القديمة والجيدة وهي نفسها من تنتج هذا الرغيف بالمواصفة الجديدة والسيئة، ولكن الفارق الوحيد هو نوعية الدقيق المستخدم، ويبدو ذلك أكثر وضوحاً عندما توزع بعض الكميات من الدقيق بنسبة استخراج منخفضة على بعض المخابز، فيكون الرغيف مقبولاً وقريباً من مواصفته القديمة.
برسم الحكومة
الموضوع برمته بدأ من رئاسة مجلس الوزراء عبر قرار تم اتخاذه برفع نسب الاستخراج، ويجب أن ينتهي عبرها بإعادة نسب الاستخراج إلى ما كانت عليه، وذلك تنفيذاً لما وعدت به عندما رفعت سعر الرغيف بأن ذلك سينعكس على جودته ومواصفته.
وإذا كانت الحكومة قد نسيت أو تناست تنفيذ وعودها، فها نحن نذكرها بأن رغيف الخبز هو أهم شكل من أشكال الصلة المباشرة واليومية مع المواطن، وقد أصبح هذا الشكل سيئاً، وهو يزداد سوءاً يوماً بعد آخر.
ولا بد من التذكير أيضاً بأن رغيف الخبز خط أحمر.