لا يموت حق: الحماية القانونية للموظف
ما من شك بأن الوظيفة تكليف لا تشريف وهي أمانة يضعها ولي الأمر عند المسؤول الذي يجب أن يُقدر هذه الأمانة، وبالتالي لا يجوز له أن يستعمل وظيفته بقصد تحقيق نفع شخصي له أو لغيره مادياً أم معنوياً، إذ يجب على الموظف أن يوظف صلاحياته لتحقيق المصلحة العامة، وما لم يكن كذلك، لم يكن صحيحاً ونافذاً وقانونياً..
وتوجد في التشريعات المنظمة للوظيفة العامة قواعد قانونية، تفرض على المرؤوس واجب الطاعة نحو رئيسه، وتهدف في الوقت نفسه إلى حماية النظام الاجتماعي حرصاً على انتظام المرافق العامة وسيرها بأحسن حال، وبالطبع إن أي إخلال بواجب الطاعة في المجال الوظيفي بين الرئيس و المرؤوس يؤثر على حسن انتظام وسير هذه المرافق، وبالتالي يؤثر على تحقيق المصلحة العامة .
إلا أنه في مقابل التزام المرؤوس بضرورة التقيد وطاعة أوامر رئيسه، نجد أن هناك مجموعة أخرى من القواعد القانونية، تفرض على المرؤوس نفسه بصفته موظفاً عاماً أن يلتزم بطاعة القوانين واحترامها من أجل احترام حقوق وحريات الأفراد داخل المجتمع، أي أنه إذا صدر إليه أمر غير مشروع من رئيسه، وجب عليه رفضه.
وقطعاً لا أعتقد أن أحداً يعترض على وجاهة ما ذكر سابقاً , لكن ثمة مشكلة تظهر على الواقع، وهي التعارض بين التزام المرؤوس بواجب طاعة الأمر غير المشروع الصادر إليه من رئيسه وبين الالتزام باحترام القوانين التي تفرض عليه عدم تنفيذ مثل هذه الأوامر، لأنها خروج على أحكام القوانين ؟ وبالتالي موظفنا واقع في حيرة بين الالتزامين نظراً لأن الترابط وثيق جداً بين هاتين القاعدتين، لأن كل قاعدة مصدرها المشرع، ولا يمكن إجراء مفاضلة بين القاعدتين، باعتبار أن مصدرهما نظام قانوني واحد. «قال أحد المدراء العامين الحاليين للموظفين: أنا القانون ومن يخالفني يخالف القانون» !! الله يرحم نابليون..
أخيراً إن بناء دولة القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان والقضاء على الفساد المالي والإداري يتطلب من الجميع، وعلى وجه التحديد شريحة الموظفين في الجهاز الإداري للدولة الوقوف في وجه القرارات غير المشروعة والمخالفة للقانون، وهناك ضمانات قانونية توفر للجميع الحماية من المساءلة من طرف سعادة المدراء إذا ما حاول هؤلاء محاسبتهم أو الإساءة لهم، أو حتى تهديدهم في وضعهم الوظيفي، فالقانون موجود، شاء من شاء وأبى ومن أبى.