دماء المتبرعين.. أين تذهب؟

الدم، ذلك السائل الأحمر الذي هو بحق سائل الحياة وناقل الغذاء والطاقة لمختلف أجزاء جسم الإنسان.. وهو أيضا رمز للتضحية والفداء والحرية لجميع الشعوب والحضارات قديمها وجديدها، هذا النجيع الأحمر الجميل هو مصدر مادي مربح لما يسمى بإدارة نقل الدم، وهي بالمناسبة، ولسبب أعتقد أنه يتصل بالتضحية والاستشهاد مرتبطة بوزارة الدفاع، على الرغم من علاقتها بجمهور المواطنين المدنيين المحتاجين للدم في أوقات السلم الطويلة هذه..

المهم أن الكثير من الدماء تصب في بنوك الدم من خلال التبرع الإجباري للحصول على وثائق السفر أو الخدمة الإلزامية وحتى شهادة قيادة السيارة، وغيرها كثير، وهذا يعني كميات كثيرة من الدماء تتناسب مع احتياجات الناس للعمل والسفر والدراسة، ونحن - جماهير المتبرعين- ننظر إلى هذا الفعل الإجباري، أي التبرع بالدم، نظرة مختلفة تتسم بالتأييد على عكس شعورنا عندما نجبر على التبرع لمناسبات أخرى، كمثل حضور مسرحية للأطفال بعد ستة أشهر عبر الشراء الإجباري لبطاقة المسرحية مع فاتورة الماء والكهرباء أو اللا حكم عليه.
إدارة بنك الدم في حلب تسحب الدماء من الناس بالمجان وتبيع الكيس الواحد للمحتاجين بـ 775 ل.س وهو يسحب عادة من متبرع واحد.. في العموم فإن سعر كيس الدم يمكن أن يبرر بتكاليف الحفظ والسحب، ولكن ما هو غير مبرر ارتفاع سعره طالما أنه يأتي بالمجان، وما يثير الاستغراب أيضا هو إجبار مشتري الدم على التبرع مقابل كل كيس يأخذه، وهنا لا عذر للمشترين، وهذا ما حدث يوم 25/12/2006 مع السيد محمود. ت عندما قصد بنك الدم في حلب لشراء الدم لأبيه المريض الذي توفي بعد عدة ساعات في المشفى، حيث أنهم  كانوا قد طلبوا منه التبرع  ودفع ثمن الدم، فشرح لهم وضعه الصحي بأنه مصاب سابق بالجلطة، لكنهم أبوا إلا أن يتبرع مسبقاً.. فحدثت المصيبة.
هنا يحضر تساؤل بسيط، وهو في حالة ترافق كل كيس مباع مع كيس تبرع، فأين تذهب دماء عشرات إن لم نقل مئات المتبرعين يومياً، وخصوصاً دماء المجندين الجدد؟؟ وماذا لو كان المريض يحتاج لعدد كبير من أكياس الدم، فهل عليه أن يجمع دماً مكافئاً عبر أهله والمحسنين ليمرره عبر بنك الدم الذي سيبيعه للمواطنين بـ 775 ل.س للكيس الواحد؟؟
سؤال نتمنى أن نحصل على إجابة منطقية له تبتعد عن مبررات سطحية تبرر ثمن كيس الدم وطريقة صرفه .