كيف أصبحت شيوعياً الرفيق ابراهيم بكري: جذبني الشيوعيون «لأنهم يأكلون ويشربون مثل بعضهم بعضاً»

ضيفنا لهذا العدد واحد من قادة العمل النقابي.. من القامات الشيوعية ذات التاريخ الطويل في ميدان النضاال الوطني والطبقي، ومن عداد أول الفرق الحزبية التي تشكلت في أحياء دمشق الشعبية… إنه الرفيق إبراهيم بكري البكاري... سبعون عاما متواصلا من العمل والنضال، وهو اليوم في عداد الرفاق بتنظيم «النور».. التقيناه في داره وكان الحديث التالي:

ــ الرفيق العزيز أبو بكري، حدثنا كيف أصبحت شيوعيا؟
ــ بداية لا بد لي من أن أتحدث عن بيئتي التي نشأت فيها، أنا من مواليد دمشق عام 1922من أسرة يعمل معيلها في بيع الأغنام منذ مطلع القرن الماضي وبعد ولادتي بشهور قليلة توفى، فربتني والدتي أم رشيد «عائشة مارديني» بمساعدة جدتي بمال خلفه والدي كفانا لبضع سنين. تعلمت في مدرسة عثمان ذي النورين ثم في مدرسة الصاحبة حيث نلت الشهادة الابتدائية ونجحت في دخول المدرسة الثانوية مجانا بعد نجاحي بالمسابقة، وكانت لدي رغبة قوية لمتابعة الدراسة، ولكن ضيق ذات اليد حال بيني وبين تحقيق رغبتي، فاتجهت إلى العمل بعد تردد في انتقاء المهنة، وأخيرا حزمت الرأي على تعلم مهنة النسيج الآلي (الميكانيكي)، وكان ذلك في عام 1937، وأول كلام سمعته عن الشيوعيين على ما أذكر من عامل قال: (إنهم يأكلون ويشربون مثل بعضهم بعضا) كما سمعت إشاعة بأن الشيوعيين يتزوجون أخواتهم، فكنت أسأل نفسي هل يعقل ذلك وفي روسيا ملايين النساء؟؟ ثم كان أول اتصال لي بالشيوعيين عن طريق الرفيق بهجت قوطرش شقيق الرفيق خالد بكداش، وبقيت على صلة فردية معه أتعرف منه على الأخبار السياسية والطبقية، ثم جرى ضمي إلى فرقة مكونة من الرفاق شكري صدّيق وعمر سوركلي وحسين عاقو والرفيق بهجت، وهي أول فرقة شكلت في الحي.. في تلك الفترة كانت الروح الوطنية تلهب مشاعر الشعب، فما زال جيل الثورة السورية الكبرى في ساحة الوطن عنوانا للفداء والرجولة، فلا عجب أن كانت الوطنية هي الأساس في تكوّن الوعي السياسي وحشد أبناء الشعب وبخاصة الشباب في مظاهرات وإضرابات تضج بهم شوارع المدن وساحاتها في وجه جنود الاحتلال، ومن الطبيعي أن يكون للشيوعيين دورهم الهام في نشر الروح الوطنية والطبقية ودفع الكادحين إلى ميدان النضال. واستطاع العمال بكفاحهم ومظاهراتهم إنشاء النقابات، وقد تشكلت النقابات بادىء ذي بدء دون قانون أو نظام عام من السلطات التشريعية والتنفيذية. لقد تشكلت رسميا بموجب رخص متواترة تخص فئة معينة أو نقابة واحدة، وتأسس الاتحاد العام  لنقابات العمال في 18 آذار عام 1938، وقام الحزب بدوره المعروف في تكوين عدد لابأس به من النقابات العمالية، وبعد عام 1946حيث صدر قانون العمل هب الحزب للنضال مع النقابيين الشرفاء من أجل تنفيذ هذا القانون، من أجل الحريات النقابية وحرية الإضراب كسلاح أساسي ورئيسي لتحقيق مطالب العمال ورفع مستوى حياتهم وجعل النقابات منظمات جماهيرية فعلا، ولم يزل ذلك في رأس المهمات المنتصبة أمام جماهير العمال ولاسيما الشيوعيين منهم، وتاريخ حزبنا منذ تأسيسه مرتبط ارتباطا وثيقا وعضويا بتاريخ طبقتنا العاملة. واليوم يتأكد للجميع أن قضية الاشتراكية صحيحة وعادلة وستنتصر بكل تأكيد، وإنني أطلب من الشيوعيين جميعهم في كل منظماتهم ومواقعهم العمل الصادق لإحياء الأخلاق الشيوعية.. أخلاق النزاهة والصراحة والصدق والجرأة والعودة الحقيقية إلى الجماهير بالدفاع عن حقوقها وتلبية مطالبها المشروعة في صراعها الطبقي الذي سينهي حتما ظلم الإنسان للإنسان... وشكراً لكم أيها الرفاق..