الاعتداءات على خطوط النفط مستمرة.. وجائزة أفضل متفرج لوزارة النفط!!

شهدت أنابيب النفط الممتدة بين حمص ومحطة عدرا الكثير من الاعتداءات خلال السنوات الماضية، بأشكال مختلفة وبأوقات متباعدة، ومع ذلك، ورغم كل النداءات والمطالبات لم يتخذ أي إجراء عملي لوقف تلك الانتهاكات، فأصبح من شبه المؤكد أن كل ما يطرح من شعارات ونظريات في إطار عملية التطوير ومحاربة الفساد هو مجرد كلام لا أثر له في الواقع الملموس الذي نعيشه.

 

فقد سُجلّ أحد عشر اعتداءاً على أنابيب النفط في الأشهر الثلاثة الأخيرة وحدها، مما يجعلنا نضع الكثير من إشارات الاستفهام أمام أسماء كل المسؤولين في الوزارة المعنية والجهات التابعة لها، كونها لا تحرك ساكناً في هذه المسألة وكأنها لا تعنيها، بل وصل الأمر ببعضهم إلى درجة مطالبة من يثيرون الموضوع بالتوقف عن ذلك، خوفاً على مكاسبهم، غير عابئين بخسارة الوطن لملايين الليرات في كل سرقة.

مذكرة نقابية تفضح المستور!!

أكدت المذكرة التي رفعتها نقابة عمال النفط تحت رقم 285 بتاريخ 5/11/2008، أن النقابة قد أثارت الموضوع وطرحته في المؤتمر السنوي للنقابة ضمن المداخلة التي قدمتها، حيث أشارت فيها إلى التعديات الحاصلة على خطوط نقل المشتقات النفطية التي يبلغ طولها 160كم، وتمتد من مصفاة حمص إلى مستودعات /عدرا/ التابعة لشركة المحروقات، فرع المنطقة الجنوبية. وأوضحت المداخلة أن التعديات حصلت في معظم الخطوط، بعد أن مدت في الآونة الأخيرة خطوط للمشتقات النفطية بين محطة الناصرية وكل من محافظتي السويداء ودرعا، لنقل مادة المازوت.

وجاء في المذكرة أنه نتيجة لكثرة التعديات التي زادت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة على خطوط نقل المشتقات النفطية، وبالأخص على الخطوط التي تنقل مادتي المازوت والبنزين، فقد قام رئيس مكتب نقابة عمال النفط علي مرعي بطرح الموضوع بشكل واسع في مؤتمر اتحاد عمال دمشق الذي انعقد بتاريخ 18/3/2008، حيث أوضح للمجتمعين أثر الاعتداءات وخطورتها على الاقتصاد الوطني. وأشارت المذكرة إلى أن الموضوع تم الحديث عنه في عدة اجتماعات لمجلس اتحاد عمال دمشق، بالإضافة إلى طرحه ومناقشته أكثر من مرة في الاجتماعات الفرعية لمكتب النقابة، ومنها الاجتماع الذي ضم رؤساء نقابات النفط، بحضور وزير النفط والثروة المعدنية سفيان العلاو وأعضاء الاتحاد المهني، وذلك في مقر الاتحاد العام لنقابات العمال.

وأكدت المذكرة أن مكتب النقابة تابع هذا الأمر الهام، حيث قام أعضاؤه بجولات ميدانية على فروع شركة المحروقات للتعرف على العوائق التي تعترض معالجة هذه الظاهرة الخطيرة، والاستماع إلى آراء العمال، والطروحات الكفيلة بمنع التعديات، والقضاء على المشكلة من جذورها.

وفي نهاية المذكرة طالب مكتب نقابة عمال النفط اتحاد عمال دمشق بمخاطبة الجهات الوصائية والتنفيذية للعمل على حماية الخطوط النفطية، مؤكداً أن الحل الناجع للمسألة يكمن بمراقبة الخطوط من خلال طائرة مروحية خاصة، بالتعاون مع محطات الضخ، من بداية الخط وحتى نهايته لهدف السرعة في كشف اللصوص.

«علي مرعي» يحذر ويستغرب!!

أكد علي مرعي رئيس نقابة عمال النفط بدمشق لـ«قاسيون» بأن نقابته قد رفعت المذكرة سالفة الذكر بعد أن فقدت الأمل بقيام الجهات المعنية بإيجاد حلول سريعة للمشكلة، رغم أهميتها الشديدة، خاصةً بعد ارتفاع أسعار المازوت مؤخراً، وأضاف مرعي أن مكتب النقابة حصل على جميع المستندات الخاصة بالتعديات الكبيرة الحاصلة على خطوط المشتقات النفطية لأعوام 2006 ـ 2007 ـ 2008.

وأبدى مرعي استغرابه من مماطلة الجهات المسؤولة التي أدت إلى إمعان اللصوص في اعتداءاتهم، التي تكررت عدة مرات في أيام 8 و12 و16/11/2008 من هذا الشهر، الأمر الذي يترك أكثر من إشارة استفهام في طريقة تناول ومعالجة الموضوع.

وأكد عدم اقتناعه بخطة المراقبة التي وضعتها شركة المحروقات بالتعاون مع الجهات المعنية، وذلك بتكليف حرس الحدود من الهجانة بمراقبة خط 6 و10 إنش القادمين من حمص، بعد تزويدهم بالآليات والمستلزمات المناسبة لمتابعة ومراقبة الخطين، مضيفاً أنه رغم ذلك حدثت تعديات على خطي 12 إنش مازوت، و6 إنش بنزين القادمين من حمص إلى عدرا بتاريخ 5 و6 و29/8/2008.

وأكد مرعي عدم جدوى الحلول الآنية، واعتبرها (حلولاً متخلفة)، لأن التعديات حدثت بعد تكليف الهجانة بالحماية، ولعل ما حصل على الخط 10 إنش الواصل بين محطة الناصرية بمحافظة ريف دمشق وإزرع في محافظة درعا ومستودعات عريقة بمحافظة السويداء هو أكبر دليل على ذلك، حيث تعرض الخط للتعدي قرب محطة الهجانة بالقرب من النقطة الكيلومترية 31، مما أدى إلى تشكيل بحيرة ونهر من المازوت، وقد شارك الإخوة العمال –الذين يعتبرون شهود عيان على ما حدث- بالسيطرة على التهريب الحاصل من الخط، ومحاصرة مادة المازوت، لأن قطر الفتحة التي أحدث لسرقة الأنبوب بلغ 2 إنش، (وعلى من يرغب رؤية بحيرة المازوت الدخول إلى موقع قاسيون لمشاهدة الشريط المصور بالفيديو والفرجة....ببلاش طبعاً!!).

لعبة القط والفأر!!

لعل التعدي الواقع في يوم 16/11/2008 بالقرب من منطقة ضمير على خط المازوت هو خير ما يعزز كلام مكتب النقابة ورئيسها، حيث أكد مدير فرع محروقات المنطقة الجنوبية المهندس سمير الحسين أنه ومنذ استثمار الخط /10/ بتاريخ 22/7/20008 وحتى اليوم، تم   اكتشاف أحد عشر اعتداءً، أي أن كل هذه التعديات قد وقعت في فترة ثلاثة أشهر فقط، هذا فضلاً عن الاعتداءات الحاصلة على خطي 6 ـ 12 بين حمص وعدرا بعد تكليف حرس الحدود بحماية الخطين.

وأكد المهندس الحسين أن جميع الاعتداءات قد تم كشفها عن طريق تنفيذ جولات طارئة على الخطوط، بناءً على معلومة سابقة بالانخفاض في الضغط والغزارة على هذه الخطوط، الأمر الذي أصبح يشكل عبئاً كبيراً على إدارة وعاملي الفرع، بسبب عدم إمكانية الحد من هذه الاعتداءات التي تؤدي إلى هدر كميات كبيرة من النفط. وبيَّن الحسين أنه في الآونة الأخيرة ازدادت وتيرة الاعتداءات على الخطوط الثلاثة بشكل كبير، الأمر الذي تطلب إرسال دوريات متزامنة على الخطوط الثلاثة.

وأوضح أنهم أمام هذا الواقع قد أصبحوا عاجزين عن التصرف، وأصبح دورهم يقتصر على اكتشاف هذه الاعتداءات المتتالية والمبادرة إلى إصلاحها، وأنه على الرغم من علم جميع الجهات المعنية بهذه الاعتداءات، ورغم إعلام بعض الجهات المختصة سابقاً بمسألة الانخفاضات، لم يتم اتخاذ أي إجراء، ولم يحرك أحد ساكناً.

وأخيراً، أكد الحسين بأن فرعه يطالب بأشياء تفوق طاقته، ففي كل مرة يتم فيها الاعتداء، يطلب منه تكثيف الجولات الدورية والطارئة سيراً على الأقدام، وهذه المهمة ممكنة التنفيذ بشكل طارئ، لا بشكل متواصل وبتكليف رسمي، وخاصةً أن هناك أعمالاً ومهمات كبيرة في هذه المرحلة تتوجب المتابعة.

برسم سياسات الحكومة

أخيراً وليس آخراً يمكننا القول إنه في الوقت الذي لم يترك فيه مكتب نقابة عمال النفط اجتماعاً أو مؤتمراً إلا وطرح فيه الموضوع، نرى وزارة النفط والثروة المعدنية نائمة، لا بل إنها تستحق جائزة أفضل متفرج على ما يجري، رغم علمها بكل الاعتداءات. يحصل هذا في الوقت الذي نحاسب فيه طلابنا في مدارسهم على استهلاك بضعة لترات من المازوت، بينما اللصوص يواصلون سرقاتهم واعتداءاتهم دون محاسبة. والمفاجأة الكبرى هي أنه حتى الآن لم يتم القبض على أيٍّ من هؤلاء اللصوص لمحاكمته، ليكون عبرةً لمن اعتبر، بل أنه في جميع الاعتداءات لم توجه أية تهمة بالسرقة بحق أحد، رغم الاشتباكات التي حدثت بين عناصر الهجانة والسارقين، بالإضافة إلى أنه لم يتم تسجيل الكميات المسروقة حتى الآن، مع العلم أنه من الممكن احتسابها عن طريق أرقام الانخفاض التي تحصل بين عدادات مصفاة حمص والكميات الواصلة إلى محطة عدرا، وهذا ما يجعلنا نطلق العشرات من الأسئلة حول حجم الكميات المسروقة.

 يذكر أن الجداول الملحقة بهذا التحقيق تبين بالدليل القاطع جميع الاعتداءات بالتاريخ والموقع، فهل من حل يا وزارة النفط.. ويا أيها السيد الوزير؟